aخالي : إن الكلام كان عن الإجماع ، وما ذكرته لك كاف لإبطاله ، هذا أوَّلا .
وثانياً : إنّ الشورى بما هي شورى ليست حجّةً وغير ملزمة ، كما أثبتنا ذلك في أول الكلام .
وثالثاً : إن الشورى لم تكن موجودة على المستوى العملي : فإنّ مجريات الأحداث لا توحي بوجود شورى .
وإليك ما جاء في السقيفة من رواية عمر بن الخطاب ، قال : إنّه كان من خبرنا حين توفِّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ، وخالف عنّا عليٌّ (عليه السلام) والزبير ومن معهما ، فقلتُ لأبي بكر : انطلق بنا إلى إخواننا الأنصار ، فانطلقنا حتى أتيناهم ، فإذا رجل مزمّل ، فقالوا : هذا سعد بن عبادة يوعك .. فلمَّا جلسنا قليلا تشهّد خطيبهم فأثنى على الله ، ثمَّ قال : أمَّا بعد ، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ، وأنتم معشر المهاجرين رهط ..
فأراد عمر أن يتكلَّم عند ما سمع خطيب سعد بن عبادة ، لكنَّ أبا بكر منعه ،فتكلَّم هو ، يقول عمر : والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلاَّ قال في بديهته مثلها أو أفضل ، حيث قال : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ، ولن يصرف عنكم هذا الأمر لهذا الحيِّ من قريش ، هم أوسط العرب نسباً وداراً ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ; أي عمر وأبي عبيدة ، فبايعوا أيَّهما شئتم .
وأخذ أبو بكر بيد عمر وبيد أبي عبيدة ، فقال قائلٌ من الأنصار : أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجَّب .. منّا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ..
فكثر اللغط وارتفعت الأصوات .
فخاف عمر من الاختلاف ، فقال لأبي بكر : ابسط يدك يا أبا بكر ، فبسط يده فبايعته ، وبايعه المهاجرون ، ثمَّ بايعته الأنصار(1) ، وهذا مختصر ما جرى في السقيفة(2) .
____________
1- راجع : صحيح البخاري : 8/26 ـ 27 ، السنن الكبرى ، البيهقي : 8/142 ، مسند أحمد بن حنبل : 1/55 ـ 56 ، صحيح ابن حبان : 2/155 ـ 157 ، البداية والنهاية ، ابن كثير ، 15/266 ـ 267 ، سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ابن هشام : 4/1073 ـ 1074 ، تأريخ الطبري : 2/446 ـ 447 ، الإمامة والسياسة ، ابن قتيبة : 1/26 ـ 28 ، تأريخ اليعقوبي : 123 .
2- جاء في الهامش : وللتفصيل ارجعي إلى كتب التاريخ ، مثل الطبري في ذكره حوادث بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وابن الأثير ، ج2 ، ص125 ، وتاريخ الخلفاء لابن قتيبة ، ج1 ، ص5 ، وسيرة ابن هشام ، ج4 ، ص336 ، وغيرها مثل : الطبقات ، وكنز العمال ، والعقد الفريد ، وتاريخ الذهبي ، واليعقوبي ، والموفقيات للزبير بن بكار ، وكتاب السقيفة لأبي بكر الجوهري ، وشرح نهج البلاغة .
أحداث السقيفة
- الزيارات: 666