المتوفى سنة ٣٦٣
وقام بعد الحسنِ الحسينُ
فلم تزل لهم عليه عينُ
ترعى لهم أحوالَه وتنظرُ
في كل ما يسرّه ويجهرُ
وشرّدوا شيعته عن بابه
وأظهروا الطلب في أصحابه
ليمنعوه كل ما يريدُ
وكان قد وليهم يزيدُ
فأظهر الفسوقَ والمعاصي
وكان بالحجاز عنه قاصي
ومكره يبلغه ويلحقه
وعينُه بما يخاف ترمقه
ولم يكن هناك من قد يدفعه
عنه اذا همّ به أو يمنعه
وكان بالعراق من أتباعه
أكثر ما يرجوه من أشياعه
فسار فيمن معه اليهم
فقطعوا بكربلا عليهم
في عسكر ليس له تناهي
أرسله الغاوي عبيد الله
يقدمه في البيض والدلاصِ
عمرو بن سعد بن أبي وقاص
فجاء مثل السيل حين ياتي
فحال بين القوم والفرات
واذ رأى الحسين ما قد رابه
ناشدهم بالله والقرابه
وجدّه وأمّه الصديقة
وبعلها أن يذروا طريقه
وجاء بالوعظ وبالتحذير
لهم بقولٍ جامع كثير
فلم يزدهم ذاك إلا حنقا
ومنعوا الماء وسدّوا الطرقا
حتى إذا أجهده حرّ العطش
وقد تغطّى بالهجير وافترش
حرارة الرمضاء نادى ويلكم
أرى الكلاب في الفرات حولكم
تلغُ في الماء وتمنعونا
وقد تعبنا ويحكم فأسقونا
قالوا له لست تنال الماءا
حتى تنال كفّك السماءا
قال فما ترون في الاطفال
وسائر النساء والعيال
بني علي وبنات فاطمة
عيونهم تهمي لذاك ساجمه
فهل لكم أن تتركوا الماء لهم
فإنكم قد تعلمون فضلهم
فان تروني عندكم عدوكم
فشفّعوا في ولدي نبيكم
فلم يروا جوابه وشدوا
عليه فاستعدّ واستعدّوا
فثبتوا أصحابه تكرّماً
من بعد أن قد علموا وعلما
بأنهم في عدد الأمواتِ
لما راوا من كثرة العُداةِ
فلم ينالوا منهم قتيلا
حتى شفى من العدى الغليلا
واستشهدوا كلهم من بعدما
قد قَتلوا أضعافهم تقحّما
واستشهد الحسين صلّى ربُه
عليه لما أن تولّى صحبه
مع ستة كانوا أصيبوا فيه
بالقتل أيضاً من بني أبيه
وتسعة لعمّه عقيل
لهفي لذلك الدم المطلول
وأقبلوا برأسه مع نسوته
ومع بنيه ونساء اخوته
حواسراً يبكينه سبايا
على جمال فوقها الولايا
ووجهوا بهم على البريدِ
حتى أتوا بهم الى يزيد
فكيف لم يمت على المكان
من كان في شيء من الايمانِ
أم كيف لا تهمي العيون بالدم
ولم يذُب فؤاد كل مسلم
وقد بكته أُفق السماء
فأمطرت قطراً من الدماء
وحزن البدرله فانكسفا
وناحت الجنّ عليه أسفا
فيا لتسكاب دموع عيني
اذا ذكرت مصرع الحسين
القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن احمد بن حيون التميمي المغربي المتوفى سنة ٣٦٣ هـ له أرجوزة مطولة وتحتوي على احتجاج قوي في الامامة ، وللقاضي بجانب هذه الارجوزة أراجيز ثلاث طوال ، وهي الارجوزة المنتخبة في الفقه ، والارجوزة الموسومة بذات المنن في سيرة الامام المعز لدين الله الفاطمي ، والارجوزة الموسومة بذات المحن ، وقد أشار في أبيات الارجوزة التي نقتطف منها الشاهد الى انه سوف يدوّن كتاباً جامعاً في الإمامة بعد فراغه من هذه الارجوزة وقد أنجز ما وعد وألّف هذا الكتاب الجامع في أربع مجلدات ، ووجدنا الاشارة الى هذا الكتاب في كتاب ( المناقب والمثالب ) وكتاب ( شرح الاخبار ).
نشرت هذه الارجوزة بتحقيق وتعليق اسماعيل قربان حسين عن معهد الدراسات الاسلامية ـ جامعة مجيل ـ مونتريال ـ كندا ـ بـ ٣٥٧ صفحة.
القاضي أبو حنيفة المغربي
- الزيارات: 958