• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عقيل


كان عقيل بن ابي طالب أحد أغصان الشجرة الطيبة وممن رضي عنهم رسول الله فان النظرة الصحيحة في التاريخ تفيدنا اعتناقه الاسلام أول الدعوة وكان هذا مجلبة للحب النبوي حيث اجتمعت فيه شرائط الولاء من رسوخ الايمان في جوانحه وعمل الخيرات بجوارحه ولزوم الطاعة في أعماله واقتفاء الصدق في أقواله فقول النبي له : «اني احبك حبين حباً لك وحباً لحب أبي طالب إياك»(1) انما هو لأجل هاتيك المآثر وليس من المعقول كون حبه لغاية شهوية أو لشيء من عرض الدنيا .
إذن فحسب عقيل من العظمة هذه المكانة الشامخة وقد حدته قوة الإيمان الى أن يسلق اعداء اخيه أمير المؤمنين بلسان حديد خلده عاراً عليهم مدى الحقب والاعوام .
على ان حب أبي طالب له لم يكن لمحض النبوة فانه لم يكن ولده البكر ولا كان اشجع ولده ولا أوفاهم ذمة ولا ولده الوحيد وقد كان في ولده مثل أمير المؤمنين وأبي المساكن جعفر الطيار وهو أكبرهم سناً وانما كان «شيخ الابطح» يظهر مرتبة من الحب له مع وجود ولده (الامام) وأخيه الطيار لجمعه الفضائل والفواضل موروثة ومكتسبة .
وبعد أن فرضنا ان أبا طالب حجة وقته وأنه وصيّ من الأوصياء لم يكن يحابي أحداً بالمحبة وان كان اعز ولده الا ان يجده ذلك الانسان الكامل الذي يحابي احداً بالمحبة وان كان اعز ولده الا ان يجده ذلك الانسان الكامل الذي يجب في شريعة الحق ولاءه .
ولا شك ان عقيلاً لم يكن على غير الطريقة التي عليها اهل بيته اجمع من الايمان والوحدانية لله تعالى وكيف يشذ عن خاصته وأهله وهو واياهم في بيت واحد وأبو طالب هو المتكفل تربيته واعاشته فلا هو بطارده عن حوزته ولا بمبعده عن حومته ولا بمتضجر منه على الاقل وكيف يتظاهر بحبه ويدنيه منه كما يعلمنا النص النبوي السابق لو لم يتوثق من إيمانه ويتيقن من اسلامه غير انه كان مبطناً له كما كان أبوه من قبل وأخوه طالب وان كنا لا نشك في تفاوت الايمان فيه وفي اخويه الطيار وأمير المؤمنين .
وحينئذ لم يكن عقيل بدعاً من هذا البيت الطاهر الذي بني الاسلام على علاليه فهو مؤمن بما صدع به الرسول منذ هتف داعية الهدى .
كما لبّت هذا الهتاف اختهم ام هاني فكانت من السابقات إلى الايمان كما عليه صحيح . الاثر وفي بيتها نزل النبي عن معراجه وهو في السنة الثالثة من البعثة وحدثها بأمره قبل أن يخرج الى الناس وكانت مصدقة له غير انها خشيت تكذيب قريش إياه وعليه فلا يعبأ بما زعم من تأخر إسلامها الى عام الفتح سنة ثمان من الهجرة(2) .
وما عسى أن يقول القائل في امهم زوج شيخ الابطح بعد شهادة الرسول الامين بأنها من الطاهرات الطيبات المؤمنات في جميع أدوار حياتها .
والعجب ممن اغتر بتمويه المبطلين فدون تلك الفرية زعماً منه انها من فضائل سيد الأوصياء وهي ان فاطمة بنت أسد دخلت البيت الحرام وهي حاملة بعلي عليه السلام فأرادت أن تسجد لهبل فمنعها عليّ وهو في بطنها .
وقد فات المسكين ان في هذه الكرامة طعناً بتلك الذات المبرأة من رجس الجاهلية ودنس الشرك وكيف يكون اشرف المخلوقات بعد خاتم الأنبياء المتكون من النور الإلهي مودعاً في وعاء الكفر والجحود .
كما انهم ابعدوها كثيراً عن مستوى التعاليم الإلهية ودروس خاتم الأنبياء الملقاة عليها كل صباح ومساء وفيها ما فرضه المهيمن جلّ شأنه على الامة جمعاء من الايمان بما حبى ولدها الوصي بالولاية على المؤمنين حتى اختص بها دون الائمة من أبنائه وان كانوا نوراً واحداً وطينة واحدة ولقد غضب الامام الصادق عليه السلام على من سماه أمير المؤمنين وقال مه لا يصلح هذا الاسم الا لجدّي أمير المؤمنين .
فرووا ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولف على قبرها وصاح ابنك عليّ لا جعفر ولا عقيل ولما سئل عنه اجاب ان الملك سألها عمن تدين بولايته بعد الرسول فخجلت أن تقول ولدي .
أمن المعقول ان تكون تلك الذات الطاهرة الحاملة لاشرف الخلق بعد النبوة بعيدة عن تلك التعاليم المقدسة وهل في الدين حياء ؟ نعم أرادوا أن يزحزحوها عن الصراط السوي ولكن فاتهم الغرض واخطأوا الرمية .
فان الصحيح من الآثار ينص على ان النبي لما أنزلها في لحدها ناداها بصوت رفيع يا فاطمة أنا محمد سيد ولد آدم ولا فخر فاذا أتاك منكر ونكير فسألاك من ربّك فقولي الله ربي ومحمد نبيي والاسلام ديني والقرآن كتابي وابني إمامي ووليّي ثم خرج من القبر واهال عليها التراب(3) .
ولعل هذا خاص بها ومن جرى مجراها من الزاكين الطيبين والا فلم يعهد في زمن الرسالة تلقين الاموات بمعرفة الولي بعده فانه كتخصيصها بالتكبير أربعين مع ان التكبير على الاموات خمس .
وبالرغم من هاتيك السفاسف التي أرادوا بها الحطّ من مقام والدة الامام اظهر الرسول أمام الأمة ما اعرب عن مكانتها من الدين وانها بعين فاطر السماء حين كفنها بقميصه الذي لا يبلى لتكن مستورة يوم يعرى الخلق وكان الاضطجاع في قبرها اجابة لرغبتها فيه عند ما حدثها عن اهوال القبر وما يكون فيه من ضغطة ابن آدم .
فتحصل أن هذا البيت الطاهر بيت أبي طالب بيت توحيد وإيمان وهدى ورشاد وان من حواه البيت رجالاً ونساء كلهم على دين واحد منذ هتف داعية الهدى وصدع بأمر الرسالة غير انهم بين من جاهر باتباع الدعوة وبين من كتم الايمان لضرب من المصلحة .

____________
(1) نكت الهيمان ص 200 والسيرة الحلبية ج 1 ص 304 وتذكرة الخواص ص 7 والخصال ج 1 ص 38 للصدوق ولكنه في المجالس ص 78 مجلس 27 روي عن ابن عباس ان علياً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اتحب عقيلاً قال أي والله اني احبه حبين حبا له وحباً لحب أبي طالب له وان ولده لمقتول في محبة ولدك فتدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربون ثم بكى رسول الله حتى جرت دموعه على صدره وقال الى الله اشكو ما تلقى عترتي من بعدي .
(2) في مناقب ابن شهراشوب ج 1 ص 110 انها ماتت في أيام النبي صلى الله عليه وآله ولكن ابن حجر في تقريب التهذيب نص على وفاتها في خلافة معاوية وعليه فليست هي المعنية بما في كامل الزيارة ص 96 واقبلت اليه بعض عماته تقول أشهد يا حسين لقد سمعت قائلاً يقول :
وان قتيل الطف من آل هاشم         اذل رقاباً من قريش فذلت   
(3) مجالس الصدوق ص 189 مجلس 51 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page