• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

السفر الى الشام


لقد كانت الروايات في سفر عقيل الى الشام في انه على عهد أخيه الامام أو بعده متضاربة واستظهر ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 3 ص 82 انه بعد شهادة أمير المؤمنين وجزم به العلامة الجليل السيد علي خان في الدرجات الرفيعة وهو الذي يقوي في النظر بعد ملاحظة مجموع ما يؤثر في هذا الباب ، وعليه تكون وفادته كوفود غيره من الرجال المرضيين عند أهل البيت الى معاوية في تلك الظروف القاسية بعد أن اضطرتهم إليه الحاجة وساقهم وجه الحيلة في الابقاء على النفس والكف من بوادر الرجل فلا هم بملومين بشيء من ذلك ولا يحط من كرامتهم عند الملأ الديني فان للتقية احكاماً لا تنقض ولا يلام المضطر على أمر اضطر إليه .
على ان عقيلاً لم يؤثر عنه يوم وفادته على معاوية اقرار له بامامة ولا خضوع له عند كرامة وانما المأثور عنه الوقيعة فيه والطعن في حسبه ونسبه والحط من كرامته والاصحار بمطاعنة مشفوعة بالاشارة الى فضل أخيه أمير المؤمنين .
من ذلك ان معاوية قال له يا أبا يزيد أخبرني عن عسكري وعسكر أخيك فقال عقيل لقد مررت بعسكر أخي فإذا ليل كليل رسول الله ونهار كنهاره الا ان رسول الله ليس فيهم وما رأيت فيهم الا مصلياً ولا سمعت الا قارئاً ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممن نفر برسول الله ليلة العقبة(1) .
وقال له معاوية ان علياً قطع قرابتك ولم يصلك فقال عقيل والله لقد اجزل اخي العطية واعظمها ووصل القرابة وحفظها وحسن ظنه بالله إذ ساء به مثلك وحفظ أمانته واصلح رعيته اذ خنتم وأفسدتم فاكفف لا أبا لك فانه عما تقول بمعزل(2) .
ثم صاح يا أهل الشام لقد وجدت أخي قد جعل دينه دون دنياه وخشي الله على نفسه ولم تأخذه في الله لومة لائم ووجدت معاوية قد جعل دنياه دون دينه وركب الضلالة واتبع الهوى فأعطاني ما لم تعرق فيه جبينه ولم تكدح فيه يمينه رزقاً اجراه الله على يديه وهو المحاسب عليه دوني لا محموداً ولا مشكوراً ثم التفت الى معاوية وقال اما والله يا ابن هند ما تزال منك سوالف يمرها منك قول وفعل فكأني بك وقد أحاط بك ما الذي منه تحاذر .
فأطرق معاوية ثم قال ما الذي يعذرني من بني هاشم وأنشأ :
أزيدهم الاكرام كي يشعبوا العصا         فيأبوا لدى الاكرام ان لا يكرموا
و اذا عطفتـنـي رقتان عليهـم         نأوا حسداً عني فكانـوا هـم هم
و اعطيهم صفو الاخا فكـأننـي         معاً و عطايـاي المبـاحة علقم
واغضي عن الذنب الذي لا يقيله         من القوم الا الهزبـري المقمـم
حباً واصطباراً وانعطـافاً ورقةً         و اكظم غيظ القلب إذ ليس يكظم

أما والله يا ابن أبي طالب لولا أن يقال عجل معاوية لحرق ونكل عن جوابك لتركت هامتك اخف على أيدي الرجال من حوي الحنظل .
فأجابه عقيل :
عذيرك منهـم مـن يلوم عليهم         و من هو منهم فـي المقالة اظلم
لعمرك ما اعطيتهم منـك رأفة         ولكن لاسباب وحـولك علـقـم
أبى لهـم أن ينزل الذل دارهم         بنو حرة مزهـر وعقـل مسلـم
وانهم لـم يقبلـوا الـذل عنوة         اذا ما طغا الجبار كانـوا هم هم
فدونك ما اسديت فاشدد يداً به         و خيركم المبسوط والشر فالزموا
ثم رمى عقيل عليه بالمائة ألف درهم وقام من مجلسه فكتب اليه معاوية : أمّا بعد يا بني عبد المطلب أنتم والله فروع قصي ولباب عبد مناف وصفوة هاشم فان احلامكم لراسخة وعقولكم لكاسية وحفظكم الأوامر وحبكم العشائر ولكم الصفح الجميل والعفو الجزيل مقرونان بشرف النبوة وعز الرسالة وقد والله ساءني ما كان جرى ولن أعود لمثله الى أن أغيب في الثرى .
فكتب إليه عقيل :
صدقت وقلت حقـاً غيـر اني         أرى الا اراك ولا تـرانـي
و لست أقول سوءاً في صديقي         و لكني أصـد اذا جفـانـي
فكتب إليه معاوية يستعطفه ويناشده الصفح وألحّ عليه في ذلك فرجع إليه(3) .
فقال له معاوية لم جفوتنا يا أبا يزيد فأنشأ عقيل :
وانـي امرؤ منّـي التكرم شيمـة         اذا صاحبي يوماً على الهون اضمرا
وقال يا معاوية لئن كانت الدنيا افرشتك مهادها واظلتك بسرادقها ومدت عليك اطناب سلطانها ما ذاك بالذي يزيدك مني رغبة وتخشعاً لرهبة .
فقال معاوية لقد نعتها أبو يزيد نعتاً هش له قلبي ثم قال له لقد أصبحت يا أبا يزيد علينا كريماً وإلينا حبيباً وما أصبحت اضمر لك إساءة(3)هذا حال عقيل مع معاوية وحينئذ فأي نقص يلم به والحالة هذه وعلى الوصف الذي أتينا به تعرف أنه لا صحة لما رواه المتساهلون في النقل من كونه مع معاوية بصفين فإنه مما لم يتأكد اسناده ولاعرف متنه ويضاده جميع ما ذكرناه كما يبعده كتابه من مكة الى أمير المؤمنين حين أغار الضحاك على الحيرة وما والاها وذلك بعد حادثة صفين وهذه صورة الكتاب :
لعبد الله أمير المؤمنين من عقيل بن أبي طالب سلام عليك فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فان الله حارسك من كل سوء وعاصمك من كل مكروه وعلى كل حال فاني خرجت الى مكة معتمراً فلقيت عبد الله ابن أبي سرح مقبلاً من «قديد» في نحو من أربعين شاباً من أبناء الطلقاء فعرفت المنكر في وجوههم فقلت الى أين يا أبناء الشانئين أبمعاوية لاحقون عداوة لله منكم غير مستنكرة تريدون اطفاء نور الله وتبديل أمره .
فاسمعني القوم واسمعتهم فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون ان الضحاك بن قيس اغار على الحيرة فاحتمل من اموالها ما شاء ثم انكفأ راجعاً سالماً وان الحياة في دهر جرأ عليك الضحاك لذميمة وما الضحاك الا فقع بقرقر وقد توهمت حيث بلغني ذلك ان شيعتك وأنصارك خذلوك فاكتب إلي يا ابن أبي برأيك فان كنت الموت تريد تحملت إليك ببني أخيك وولد أبيك فعشنا معك ما عشت ومتنا معك إذا متّ فوالله ما احب أن أبقى في الدنيا بعدك فواق ناقة واقسم بالاعز الأجل ان عيشاً نعيشه بعدك لأهنأ ولأمرأ ولا نجيع والسلام .
فكتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام :
من عبد الله أمير المؤمنين الى عقيل بن أبي طالب سلام عليك فاني احمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد كلأنا الله وإياك كلأة من يغشاه بالغيب انه حميد مجيد .
وقد وصل اليّ كتابك مع عبد الرحمن بن عبيد الأزدي تذكر فيه انك لقيت عبد الله بن أبي سرح مقبلاً من «قديد» في نحو من أربعين فارساً من أبناء الطلقاء متوجهين إلى جهة المغرب وان ابن أبي سرح طالما كاد الله ورسوله وكتابه وصد عن سبيله وبغاها عوجاً فدع عنك ابن أبي سرح ودع عنك قريشاً وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق الا وان العرب قد أجمعت على حرب أخيك اليوم اجماعها على حرب النبي قبل اليوم فاصبحوا قد جهلوا حقه وجحدوا فضله وبادروه بالعداوة ونصبوا له الحرب وجهدوا عليه الجهد وجروا اليه جيش الاحزاب اللهم فاجز قريشاً عنّي الجوازي فقد قطعت رحمي وتظاهرت علي ودفعتني عن حقي وسلبتني سلطان ابن أمي وسلمت ذلك الى من ليس مثلي في قرابتي من الرسول وسابقتي في الاسلام الا يدعي مدع ما لا أعرفه ولا أظن الله يعرفه والحمد لله على كل حال .
وأما ما ذكرت من غارة الضحاك على أهل الحيرة فهو أقل وأقل ان يسلب بها وان يدنو منها ولكنه قد أقبل في جريدة خيل فأخذ على السماوة حتى قربوا من واقصة وشراف والقطقطانة وما والى ذلك الصقع فوجهت إليه جنداً كثيفاً من المسلمين فلما بلغه ذلك فرّ هارباً فاتبعوه ولحقوه ببعض الطريق وقد أمعن وكان ذلك حين طفلت الشمس للاياب فتناوشوا القتال قليلاً فلم يبصر الا بوقع المشرفية وولى هارباً وقتل من أصحابه بضعة عشر رجلاً ونجا مريضاً بعدما أخذ منه المخنق فلأيّ بلاء ما نجا .
وأما ما سألتني ان اكتب اليك برأيي فيما أنا فيه فان رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله لا تزدني كثرة الناس عزة ولا تفرقهم عنّي وحشة لأني محق والله مع الحق ووالله ما أكره الموت على الحق ، وما الخير كله إلا بعد الموت لمن كان محقاً .
وأما ما عرضت به من مسيرك الى بنيك وبني أبيك فلا حاجة لي في ذلك فأقم راشداً محموداً فوالله ما احب أن تهلكوا معي ان هلكت ولا تحسبن ابن أبيك لو أسلمه الناس متخشعاً ولا متضرعاً انه لكما قال اخو بني سليم :
فان تسأليني كيف أنت فانني         صبور على ريب الزمان صليب
يعزّ عليّ أن تـرى بي كآبة         فيشمت باغ أو يسـاء حبـيـب
وهذا الكتاب من عقيل المروى بطرق متعددة(5) يدلنا على انه كان مع أخيه الامام في حياته غير مفارق له فان الكتاب الذي كتبه اليه بعد غارة الضحاك على أطراف أعماله وذلك قرب شهادة أمير المؤمنين .
إذاً فالقول بأن وفادة عقيل على معاوية بعد أخيه متعين كما اختاره السيد المحقق في الدرجات الرفيعة وجعله ابن أبي الحديد الاظهر عنده وقد وضح من ذلك انه لم يكن مع معاوية بصفين .
____________
(1) الدرجات الرفيعة : ص 160 .
(2) العقد الفريد ج 2 ص 134 في باب الاجوبة المسكتة .
(3) ربيع الابرار للزمخشري .
(4) العقد الفريد ج 1 ص 135 .
(5) روى الكتابين أبو الفرج في الاغاني ج 15 ص 44 وابن أبي الحديد في شرح النهج ج 1ص 155 وابن قتيبة في الامامة والسياسة ج 1 ص 45 والسيد علي خان في الدرجات الرفيعة ترجمة عقيل وفي جمهرة رسائل العرب ج 1 ص 596 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page