• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الكرامات


من سنن الله الجارية في أوليائه «ولن تجد لسنّة الله تحويلا»(1) إكرامهم باظهار ما لهم من الكرامة عليه والزلفى منه وذلك غير ما ادّخره لهم من المثوبات الجزيلة في الآجلة تقديراً لعملهم واصحاراً بحقيقة أمرهم ومبلغ نفوسهم من القوة وحثاً للملأ على اقتفاء آثارهم في الطاعة ومهما كان العبد يخفي الصالحات من أعماله فالمولى سبحانه يراغم ذلك الاخفاء باشهار فضله كما يقتضيه لطفه الشامل ورحمته الواسعة وبره المتواصل وانه جلّت آلاؤه يظهر الجميل من افعال العباد ويزوي القبيح رأفة منه وحناناً عليهم .
ومن هذا الباب ما نجده على مشاهد المقربين وقباب المستشهدين في سبيل طاعته من آثار العظمة وآيات الجلالة من انجاح المتوسل بهم إليه تعالى شأنه واجابة الدعوات تحت قبابهم المقدسة وازالة المثلات ببركاتهم وتتأكد الحالة اذا كان المشهد لاحد رجالات البيت النبوي لأنه جلت حكمته ذرأ العالمين لاجلهم ولان يعرفوا مكانتهم فيحتذوا أمثالهم في الاحكام والاخلاق فكان من المحتم في باب لطفه وكرمه (عظمت نعمه) ان يصحر الناس بفضلهم الظاهر .
ومن سادات ذلك البيت الطاهر الذي أذن الله أن يرفع فيه اسمه أبو الفضل العباس فانه في الطليعة من اولئك السادات وقد بذل في الله ما عز لديه وهان حتى اتصلت النوبة الى نفسه الكريمة التي لفظها نصب عينه (عزّ ذكره) فأجرى سنته الجارية في الصديقين فيه بأجلى مظاهرها ولذلك تجد مشهده المقدس في اناء الليل واطراف النهار مزدلف أرباب الحوائج من عاف يستمنحه بره الى علن يتطلب عافيته الى مضطهد يتحرى كشف ما به من غم الى خائف ينضوي الى حمى أمنه الى انواع من أهل المقاصد المتنوعة فينكفأ ثلج الفؤاد بنجح طلبته قرير العين بكفاية امره الى متنجز باعطاء سؤله كل هذا ليس على الله بعزيز ولا من المقربين من عباده ببعيد .
ولكثرة كراماته وآيات مرقده التي لا يأتي عليها الحصر نذكر بعضاً منها تيمناً ولئلا يخلو الكتاب منها وتعريفاً للقراء بما جاد به قطب السخاء على من لاذ به واستجار بتربته .


الاولى : ما يحدث به الشيخ الجليل العلامة المتبحر الشيخ عبد الرحيم التستري المتوفى سنة 1313 هـ من تلامذة الشيخ الانصاري أعلى الله مقامه ، قال : زرت الامام الشهيد أبا عبد الله الحسين ثم قصدت أبا الفضل العباس وبينا أنا في الحرم الاقدس إذ رأيت زائراً من الاعراب ومعه غلام مشلول وربطه بالشباك وتوسل به وتضرع واذا الغلام قد نهض وليس به علة وهو يصيح شافاني العباس فاجتمع الناس عليه وخرقوا ثيابه للتبرك بها فلما ابصرت هذا بعيني تقدمت نحو الشباك وعاتبته عتاباً مقذعاً وقلت يغتنم المعيدي الجاهل منك المنى وينكفأ مسروراً وأنا مع ما احمله من العلم والمعرفة فيك والتأدب في المثول أمامك أرجع خائباً لا تقضي حاجتي فلا أزورك بعد هذا أبداً ثم راجعتني نفسي وتنبهت لجافي عتبي فاستغفرت ربي سبحانه مما أسأت مع (عباس اليقين والهداية) ولما عدت الى النجف الاشرف أتاني الشيخ المرتضى الانصاري قدس الله روحه الزاكية واخرج صرتين وقال هذا ما طلبته من أبي الفضل العباس اشتري داراً وحجّ البيت الحرام ولأجلهما كان توسلي بأبـي الفضل(2) .

وما عجبـت من أبي الفضل كما         عجبت مـن استاذنا اذ علما
لان شبل المرتضـى لـم يغرب         اذا أتى بمعجـز أو معجـب
بكل يـوم بـل بكـل سـاعـة         لمن أتـاه قاصـداً ربـاعه
وهو من الشيـخ عجيـب بيـّن         لكن نور الله يرنو المـؤمن(3)

الثانية : ما في أسرار الشهادة ص 325 قال حدّثني السيد الأجل العلامة الخبير السيد أحمد بن الحجة المتتبع السيد نصر الله المدرس الحائري قال بينا أنا في جمع من الخدام في صحن أبي الفضل إذ رأينا رجلاً خارجاً من الحرم مسرعاً واضعاً يده على أصل خنصره والدم يسيل منها فأوقفناه نتعرف خبره فأعلمنا بأن العباس قطعها فرجعنا الى الحرم فاذا الخنصر معلق بالشباك ولم يقطر منه دم كأنه قطع من ميت ومات الرجل من الغد وذلك لصدور اهانة منه في الحرم المقدس .    

الثالثة : ما حدّثني به العلامة البارع الشيخ حسن دخيل حفظه الله عما شاهده بنفسه في حرم أبي الفضل عليه السلام قال : زرت الحسين في غير أيام الزيارة وذلك في أواخر أيام الدولة العثمانية في العراق في فصل الصيف وبعد أن فرغت من زيارة الحسين توجهت الى زيارة العباس عليه السلام قرب الزوال فلم أجد في الصحن الشريف والحرم المطهر احداً لحرارة الهواء غير رجل من الخدمة واقف عند الباب الأول يقدر عمره بالستين سنة كأنه مراقب للحرم وبعد ان زرت صليت الظهر والعصر ثم جلست عند الرأس المقدس مفكراً في الابهة والعظمة التي نالها قمر بني هاشم عن تلك التضحية الشريفة وبينا أنا في هذا اذ رايت امرأة محجبة من القرن الى القدم عليها آثار الجلالة وخلفها غلام يقدر بالستة عشر سنة بزي اشراف الاكراد جميل الصورة فطافت بالقبر والولد تابع ثم دخل بعدهما رجل طويل القامة أبيض اللون مشرباً بحمرة ذو لحية شعره أشقر يخالطه شعرات بيض جميل البزة كردي اللباس والزي فلم يأت بما تصنعه الشيعة من الزيارة أو السنة من الفاتحة فاستدبر القبر المطهر واخذ ينظر الى السيوف والخناجر والدرق المعلقة في الحضرة غير مكترث بعظمة صاحب الحرم المنيع فتعجبت منه أشد العجب ولم أعرف الملة التي ينتحلها غير اني اعتقدت انه من متعلقي المرأة والولد وظهر لي من المرأة عند وصولها في الطواف الى جهة الرأس الشريف التعجب مما عليه الرجل من الغواية ومن صبر أبي الفضل عليه السلام عنه فما رأيت الا ذلك الرجل الطويل القامة قد ارتفع عن الأرض ولم أر من رفعه وضرب به الشباك المطهر وأخذ ينبح ويدور حول القبر وهو يقفز فلا هو بملتصق بالقبر ولا بمبتعد عنه كأنه متكهرب به وقد تشنجت اصابع يديه واحمر وجهه حمرة شديدة ثم صار ازرقاً وكانت عنده ساعة علقها برقبته بزنجيل فضة فكلما يقفز تضرب بالقبر حتى تكسرت وحيث انه اخرج يده من عباءته لم تسقط الى الأرض نعم سقط الطرف الآخر الى الأرض وبتلك القفزات تخرقت .
أما المرأة فحينما شاهدت هذه الكرامة من أبي الفضل قبضت على الولد واسندت ظهرها الى الجدار وهي تتوسل به بهذه اللهجة (أبو الفضل دخيلك أنا وولدي) .
فأدهشني هذا الحال وبقيت واقفاً لا أدري ما أصنع والرجل قوي البدن وليس في الحرم احد يقبض عليه فدار حول القبر مرتين وهو ينبح ويقفز فرأيت ذلك السيد الخادم الذي كان واقفاً عند الباب الأول دخل الروضة الشريفة فشاهد الحال فرجع وسمعته ينادي رجلاً اسمه جعفر من السادة الخدام في الروضة فجاءا معاً فقال السيد الكبير لجعفر اقبض على الطرف الآخر من الحزام وكان طول الحزام يبلغ ثلاثة أذرع فوقفا عند القبر حتى إذا وصل إليهما وضعا الحزام في عنقه وأداره عليه فوقف طيعاً لكنه ينبح فأخرجاه من حرم العباس وقالا للمرأة اتبعينا الى (مشهد الحسين) فخرجوا جميعاً وأنا معهم ولم يكن أحد في الصحن الشريف فلما صرنا في السوق بين (الحرمين) تبعنا الواحد والاثنان من الناس لان الرجل كان على حالته من النبح والاضطراب مكشوف الرأس ثم تكاثر الناس .
فأدخلوه (المشهد الحسيني) وربطوه بشباك (عليّ الأكبر) فهدأت حالته ونام وقد عرق عرقاً شديداً فما مضى إلا ربع ساعة فإذا به قد انتبه مرعوباً وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله واشهد ان محمداً عبده ورسوله وان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خليفة رسول الله بلا فصل وان الخليفة من بعده ولده الحسن ثم اخوه الحسين ثم علي بن الحسين وعد الأئمة الى الحجة المهدي عجّل الله فرجه .
فسئل عن ذلك قال اني رأيت رسول الله الآن وهو يقول لي اعترف بهؤلاء وعدهم علي وان لم تفعل يهلكك العباس فانا اشهد بهم واتبرأ من غيرهم .
ثم سئل عما شاهده هناك فقال بينا أنا في حرم العباس اذ رأيت رجلاً طويل القامة قبض علي وقال لي يا كلب الى الآن بعدك على الضلال ثم ضرب بي القبر ولم يزل يضربني بالعصا في قفاي وانا أفرّ منه .
ثم سألت المرأة عن قصّة الرجل فقالت انها شيعية من أهل بغداد والرجل سنّي من أهل السليمانية ساكن في بغداد متدين بمذهبه لا يعمل الفسوق والمعاصي يحب الخصال الحميدة ويتنزّه عن الذميمة وهو بندرجي تتن وللمرأة اخوان حرفتهما بيع التتن ومعاملتهما مع الرجل فبلغ دينه عليهما ماءتا (ليرة عثمانية) فاستقر رأيهما على بيع الدار منه والمهاجرة من بغداد فأحضراه في دارهما (ظهراً) واطلعاه على رأيهما وعرفاه انه لم يكن دين عليهما لغيره فعندها ابدى من الشهامة شيئاً عجيباً فأخرج الاوراق وخرقها ثم احرقها وطمنهما على الاعانة مهما يحتاجان .
فطارا فرحاً وأرادا مجازاته في الحال فذاكرا المرأة على التزويج منه فوجدا منه الرغبة فيه لوقوفها على هذا الفضل مع ما فيه من التمسك بالدين واجتناب الدنايا وقد طلب منهما مراراً اختيار المرأة الصالحة له فلما ذكرا له ذلك زاد سروره وانشرح صدره بحصول امنيته فعقدا له من المرأة وتزوج منها .   
ولما حصلت عنده طلبت منه زيارة الكاظمين اذ لم تزرهما مدة كونها بلا زوج فلم يجبها مدعياً انه من الخرافات ولما ظهر عليها الحمل سألته أن ينذر الزيارة ان رزق ولداً ففعل ولما جاءت بالولد طالبته بالزيارة فقال لا أف بالنذر حتى يبلغ الولد فأيست المرأة ولما بلغ الولد السنة الخامسة عشر طلب منها اختيار الزوجة فأبت ما دام لم يف بالنذر فعندها وافقها على الزيارة مكرهاً وطلبت من الجوادين الكرامة الباهرة ليعتقد بإمامتهما فلم ترّ منهما ما يسرها بل اساءها سخريته واستهزاؤه .
ثم ذهب الرجل بالمرأة والولد الى العسكريين وتوسلت بهما وذكرت قصة الرجل فلم تشرق عليه انوارهما وزادت السخرية منه .
ولما وصلا كربلا قالت المرأة نقدم زيارة العباس عليه السلام واذا لم تظهر منه الكرامة وهو أبو الفضل وباب الحوائج لا أزور أخاه الشهيد ولا أباه أمير المؤمنين وارجع الى بغداد وقصت على أبي الفضل قصة الرجل وعرفته حال الرجل وسخريته بالأئمة الطاهرين وانها لا تزور اخاه ولا أباه اذا لم يتلطف عليه بالهداية وينقذه من الغواية فانجح سؤلها وفاز الرجل بالسعادة .


الرابعة : ما في كتاب (أعلام الناس في فضايل العباس) تأليف الزاكي التقي السيد سعيد بن الفاضل المهذب الخطيب السد ابراهيم(4) البهبهاني قال تزوجت في أوائل ذي القعدة سنة 1351 هـ وبعد ان مضى اسبوع من أيام الزواج أصابني زكام صاحبته حمى وباشرني اطباء النجف فلم انتفع بذلك والمرض يتزايد ومن جملة الاطباء الطبيب المركزي (محمد زكي اباظة) وفي أول جماد الاول من سنة 1353 هـ خرجتالى «الكوفة» وبقيت الى رجب فلم تنقطع الحمى وقد استولى الضعف على بدني حتى لم أقدرعلى القيام ثم رجعت الى النجف وبقيت الى ذي القعدة من هذه السنة بلا مراجعة طبيب لعجزهم عن العلاج وفي ذي الحجة من هذه السنة اجتمع الطبيب المركزي المذكور مع الدكتور محمد تقي جهان وطبيبين آخرين جاؤوا من بغداد وفحصوني فاتفقوا على عدم نفع كل دواء وحكموا بالموت الى شهر وفي محرم من سنة 1354 هـ خرج والدي الى قرية «القاسم بن الامام الكاظم عليه السلام» للقراءة في المآتم التي تقام لسيد الشهداء وكانت والدتي تمرضني ودأبها البكاء ليلاً ونهاراً .
وفي الليلة السابعة من هذه السنة رأيت في النوم رجلاً مهيباً وسيماً جميلاً اشبه الناس بالسيد الطاهر الزكي (السيد مهدي الرشتي) فسألني عن والدي فأخبرته بخروجه الى القاسم فقال اذن من يقرأ في عادتنا يوم الخميس وكان الليلة ليلة خميس ثم قال اذن أنت تقرأ .
ثم خرج وعاد الي وقال ان ولدي السيد سعيد(5) مضى الى كربلا يعقد مجلساً لذكر مصيبة أبي الفضل العباس وفاء لنذر عليه فأمضي الى كربلا واقرأ مصيبة العباس وغاب عنّي .
فانتبهت من النوم ونظرت الى والدتي عند رأسي تبكي ثم نمت ثانياً فأتاني السيد المذكور وهو يقول ألم أقل لك ان ولدي سعيد ذهب الى كربلا وانت تقرأ في مأتم أبي الفضل فأجبته الى ذلك فغاب عنّي فانتبهت .
وفي المرة الثالثة نمت فعاد لي السيد المذكور وهو يقول بزجر وشدة ألم أقل لك امضي الى كربلا فما هذا التأخير فهبته في هذه المرة وانتبهت مرعوباً .
وقصصت الرؤيا من أولها على والدتي ففرحت وتفاءلت بأن هذا السيد هو أبو الفضل وعند الصباح عزمت على الذهاب بي الى حرم العباس ولكن كل من سمع بهذا لم يوافقها لما يراه من الضعف البالغ حده وعدم الاستطاعة على الجلوس حتى في السيارة وبقيت على هذا الى اليوم الثاني عشر من المحرم فأصرّت الوالدة على السفر الى كربلا بكل صورة فأشار بعض الارحام على ان يضعوني في تابوت ففعلوا ذلك ووصلت ذلك اليوم الى القبر المقدس ونمت عند الضريح الطاهر .
وبينا أنا في حالة الاغماء في الليلة الثالثة عشر من المحرم اذ جاء ذلك السيد المذكور وقال لي لماذا تأخرت عن يوم السابع وقد بقي سعيد بانتظارك وحيث لم تحضر يوم السابع فهذا يوم دفن العباس وهو يوم 13 فقم واقرأ ثم غاب عني وعاد اليّ ثانياً وأمرني بالقراءة وغاب عني وعاد في الثالثة ووضع يده على كتفي الأيسر لأني كنت مضطجعاً على الايمن وهو يقول الى متى النوم قم واذكر (مصيبتي) فقمت وأنا مدهوش مذعور من هيبته وانواره وسقطت لوجهي مغشياً علي وقد شاهد ذلك من كان حاضراً في الحرم الاطهر .
وانتبهت من غشوتي وأنا اتصبب عرقاً والصحة الطاهرة علي وكان ذلك في الساعة الخامسة من الليلة الثالثة عشر من المحرم سنة 1354 هـ .
فاجتمع علي من في الحرم الشريف واقبل من في الصحن والسوق وازدحم الناس في الحضرة المنورة وكثر التكبير والتهليل وخرق الناس ثيابي وجاءت الشرطة فأخرجوني الى البهو الذي هو أمام الحرم فبقيت هناك الى الصباح .
وعند الفجر تطهرت للصلاة وصلّيت في الحرم بتمام الصحة والعافية ثم قرأت مصيبة أبي الفضل عليه السلام وابتدأت بقصيدة السيد راضي بن السيد صالح القزويني وهي :
أبا الفضل يا من أسس الفضل والابا         أبا الفضل الا ان تكون له ابا
والامر الأعجب اني لما خرجت من الحرم قصدت داراً لبعض أرحامنا بكربلاء وبعد أن قرأت مصيبة العباس خلوت بزوجتي وببركات أبي الفضل حملت ولداً سميته «فاضل» وهو حيّ يرزق كما رزقت عبد الله وحسناً ومحمداً وفاطمة كنيتها أم البنين .
هذه من علاه احدى المعالي         وعلى هذه فقس ما سواها

وذكر ان السيد الطاهر الزاكي السيد مهدي الاعرجي وكان خطيباً نائحاً له مدائح ومراثي لأهل البيت عليهم السلام كثيرة ورد النجف يوم خروجي الى كربلاء فبات مفكراً في الامر وكيف يكون الحال وفي تلك الليلة الثالثة عشر رأى في المنام كأنه في كربلاء ودخل حرم العباس فرأى الناس مجتمعين علي وأنا أقرأ مصيبة العباس فارتجل في المنام
لقد كنـت بالسل المبرح داؤه         فشافانـي العباس من مرض السل
ففضلت بين الناس قدراً وانما         لي الفضل اذ اني عتيق أبي الفضل

وانتبه السيد من النوم يحفظ البيتين فقصد دارنا وعرفهم بما رآه وفي ذلك اليوم وضح لهم الامر .
وقد نظم هذه الكرامة جماعة من الادباء الذين رأوا السيد سعيد في الحالين الصحة والمرض .
فمنه السيد الخطيب العالم السيد صالح الحلي رحمه الله .
بأبي الفضل استجرنا         فحبانـا منـه منحه
وطلبنـا ان يـداوي         ألم القلب وجـرحـه
فكسـا الله سعـيـداً         بعد سقم ثوب صحة
بدل الرحمن منه         قرحة القلب بفرحه

وقال الخطيب الفاضل الاستاذ الشيخ محمد علي اليعقوبي :
بأبي الفضل زال عني سقامي         مذ كسانـي مـن الشفاء برودا
وحباني من السعـادة حتـى         صرت في النشأتين ادعى سعيدا

وقال العلامة الشيخ علي الجشي أيده الله :
سعيد سعدت وجزت الخطر         من السل في مثل لمح البصر
غـداة التجـأت لمثوى به         أبو الفضل حـل فـرد القدر

وقال السيد حسون السيد راضي القزويني البغدادي :
سعيد لقد نال الشفا من ابي الفضل         ولولاه كان السقـم يـأذن بالقتل
ولا غرو ان نـال الشفـا منه انه         أبو الفضل اهل للمكارم والفضل

وله أيضاً :
ذا سعيد بالبرء اضحـى سعيـدا         وحباه الاله عمـراً جديدا
من أبي الفضل بالشفا نال فضلا         وامتناناً ونال عيشاً رغيدا

وللأديب الكامل السيد محمد بن العلامة السيد رضا الهندي رحمه الله .
لم أنس فضلك يا أبا الفضل الذي         هيهات ان يحصـى ثناه مفصـلا
يكفيك يوم الطف موقفـك الـذي         قد كان المع ما يكـون وافضـلا
ولقد نصرت بـه النبـي بسبطه         وغدوت في دنيـا الشهـادة أولا
وأنا الذي قـد كـان دائي مهلكا         واجرتني لما استجـرت مؤمـلا
ألبستني ثـوب الشفـاء وعدت         حياً فيك يا ساقي عطاشى كربلا

وللخطيب الذاكر الفاضل الشيخ عبد علي الشيخ حسين
سعيد التجى مـن ضـره وسقامه         بقبر أبي الفضل المفدى فعافاه
لعمري ترى الاقدار طـوع يمينه         كوالده الكـرار يمنـاه يمنـاه
فآب ابـراهيـم قـرت عيـونـه         ببرء سعيد الندب يشكر مولاه
سعيد سعيـداً عـش بظـل لوائه         بأسعد يوم لا تـزال واهنـاه
بفضل أبي الفضل الفضيلة حزتها         ولولا لم تنجو من الضر لولاه

وللشيخ جعفر الطريفي :
عجز الطبيب لعلتـي وقلاني         وعجزت من سقمي وطول زماني
هجر الصديق زيارتي وكأنني         ما زرته في سقمـه فجـفـانـي
حتى إذا قالوا فقلـوا خفيـة         هجروا الاوانـي خيفـة العـدوان
فقصدت باباً للحوائج والشفا         العباس باباً للشـفـا فـشـفـاني
لولاه واراني التراب بحفرتي         نعم الطبيب الاوحد الرباني
وللشيخ كاظم السوداني :
فكم لابي الفضـل الابـي كرامات         لها تليـت عنـد البـريـة أيـات
وشاراته كالشمس في الافق شوهدت         لها من نبـات المجد أومت اشارات
سعيد سعيداً عاد منهـا الـى الشفـا         به انسل عنه السل اذ كم به ماتوا
أبو الفضل كـم فضل لـه ومناقب         فيا جاحديـه مثـل برهـانه هاتوا
هو الشبل شبل من علي وفي الوغى         له اثـر مـن بـأسـه وعـلامات
لقد شعت الاكوان مـن بـدر فضله         بأنـواره ارخ (وفيهـا مضيئـات)

وللخطيب الشيخ حسن سبتي :
الا عش سعيداً يا سعيد منعما         مدى الدهر اذ عوفيت من فتكة السل
عتيق حسين كان جدك أولا         لذا صرت ثانية عتيق أبي الفضل
وللسيد نوري بن السيد صالح بن السيد عباس البغدادي :
بشرى لابراهيم في نجله         من مرض السل غدا سالما
ابرأه العبـاس من فضله         وفضله بين الـورى دائما


الخامسة : حدثني الشيخ العالم الثقة الثبت الشيخ حسن بن العلامة الشيخ محسن بن العلامة الشيخ شريف آل الشيخ المقدس صاحب الجواهر قدس سره عن حاج منيشد بن سلمان آل حاج عبودة من أهل الفلاحية وكان ثقة في النقل عارفاً بصيراً شاهد الكرامة بنفسه قال كان رجل من عشيرة البراجعة يسمى (مخيلف) مصاباً بمرض في رجليه وطال ذلك حتى يبستا وصارتا في رفع الاصبع وبقي على هذا ثلاث سنين وشاهده الكثير من أهل المحمرة وكان يحضر الاسواق ومجالس عزاء الحسين عليه السلام ويستعين بالناس وهو يزحف على إليتيه ويديه وقد عجز عن المباشرة ويئس وكان للشيخ خزعل بن جابر الكعبي في المحمرة (حسينية) يقيم فيها عزاء الحسين عليه السلام في العشرة الأولى من المحرم ويحضر هناك خلق كثير حتى النساء يجلسن في الطابق الاعلى من الحسينية والعادة المطردة في تلك البلاد ونواحيها ان (الخطيب النائح) إذا وصل في قراءته الى الشهادة قام أهل المجلس يلطمون بلهجات مختلفة وهكذا النساء في اليوم السابع من المحرم كان المتعارف ان تذكر مصيبة أبي الفضل العباس وهذا الرجل أعني «مخيلف» يأتي الحسينية (ويجلس تحت المنبر لأن رجليه ممدودتان)(6) وحينما وصل الخطيب الى ذكر المصيبة أخذت الحالة المعتادة من في المجلس رجالاً ونساءً وبينا هم على هذا الحال إذ يرون ذلك المصاب بالزمانة في رجليه «مخيلف» واقفاً معهم يلطم ولهجته «أنا مخيلف قيمني العباس» وبعد أن تبين الناس هذه الفضيلة من أبي الفضل تهافتوا عليه وخرقوا ثيابه للتبرك بها وازدحموا عليه يقبلون رأسه ويديه فأمر الشيخ خزعل غلمانه أن يرفعوه الى احدى الغرف ويمنعوا الناس عنه وصار ذلك اليوم في المحمرة اعظم من اليوم العاشر من المحرم وصار البكاء والعويل والصراخ من الرجال واما النساء فمنهن من تهلهل واخرى تصرخ وغيرها تلطم .
وذكر لي ملا عبد الكريم الخطيب من أهل المحمرة وكان حاضراً وقت الحديث أن الشيخ خزعل في كل يوم يصنع طعاماً لأهل المجلس في الظهر وفي ذلك اليوم تأخر الغداء الى الساعه التاسعة من النهار لبكاء الناس وعويلهم .
وقال العلامة الشيخ حسن المذكور ثم انه سئل مخيلف عما رآه وشاهده فقال بينا الناس يلطمون على العباس اخذتني سنة وانا تحت المنبر فرأيت رجلاً جميلاً طويل القامة على فرس أبيض عال في المجلس وهو يقول يا مخيلف لم لا تلطم على العباس مع الناس فقلت له يا أغاتي لا أقدر وأنا بهذا الحال فقال لي قم والطم على العباس قلت له يا مولاي أنا لا أقدر على القيام فقال لي قم والطم قلت له يا مولاي اعطني يدك لاقوم فقال «انا ما عندي يدين» فقلت له كيف أقوم قال الزم ركاب الفرس وقم فقبضت على ركاب الفرس واخرجني من تحت المنبر وغاب عني وأنا في حالة الصحة وعاش سنتين أو اكثر ومات .
وحدّثني المهذب الكامل ميرزا عباس الكرماني انه تعسرت عليه حاجة فقصد أبا الفضل واستجار بضريحه فما اسرع ان فتحت له باب الرحمة وعاد بالمسرة بعد اليأس مدة طويلة فأنشأ :
أبا الفضل اني جئتك اليوم سائلاً         لتيسير ما ارجو فانت اخو الشبل
فلا غرو ان اسعفت مثلي بائساً         لأنك للحاجات تدعى أبو الفضل
هذا ما أردنا اثباته من الكرامات وهو قطرة من بحر فان الاتيان عليها كلها يحتاج الى مجلد كبير لأن الله سبحانه منح (حامي الشريعة) جزيل الفضل واجرى عليه من الفيض الاقدس ما لم يحوه بشر غير الانبياء المقربين والائمة المعصومين جزاء لذلك الموقف الباهر الذي لم يزل يرن رجع صداه المؤلم في مسامع القرون والاجيال مذكراً بما أبداه أبو الفضل من اباء وشمم وكر واقدام وتضحية دون الشرع القديم .

_________
(1) سورة فاطر ، آية : 43 .
(2) طبعت هذه الكرامة مع صلاة الشيخ الانصاري وذكرها في الكبريت الاحمر ج 3 ص 50 قال وذكرها عنه جماعة من أكابر العلماء والثقات المتدينين .
(3) للعلامة الشيخ محمد السماوي .
(4) هو ابن السيد محمد بن السيد جعفر بن سيد محمد بن سيد هاشم بن سيد محمد بن سيد عبد الله بن سيد محمد الكبير بن سيد عبد الله البلادي ابن سيد علوي عتيق الحسين بن سيد حسين الغريفي بن سيد حسن بن سيد احمد بن سيد عبد الله بن سيد عيسى بن سيد خميس بن سيد احمد بن سيد ناصر بن سيد علي بن كمال الدين بن سيد سلمان بن سيد جعفر بن أبي العشا موسى بن أبي الحمراء محمد بن علي الطاهر بن علي الضخم بن ابسي علي محمد الحسن بن محمد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمد العابد ابن الامام الكاظم عليه السلام ولهذه الكرامة كتب السيد سعيد كتاباً في احوال العباس يزيد على أربعمائة صفحة اجهد نفسه وسهر الليالي في جمعه وتبويبه جزاه الله خير الجزاء .
(5) ولد السيد مهدي الرشتي سنة 1303 وتوفي في النجف يوم 14 رجب سنة 1358 ودفن في الحجرة الملاصقة لباب الصحن المعروفة بباب القزازين وكان السيد رحمه الله باذلاً نفسه ونفيسه في خدمة اجداده الأئمة المعصومين وداره العامرة (حسينية) لأهل طرفه (البراق) يقيمون فيها مراسيم العزاء والفرح للأئمة عليهم السلام لا يعدلون بها بدلاً وفقهم الله لما يرضيه واما ولده السيد سعيد فكانت ولادته في سنة 1322 وتوفي في ذي القعدة 15 سنة 1355 هـ ودفن في الحجرة مع أبيه وقام السيد صالح مكان أبيه في اقامة الافراح والمآتم فنعم الخلف لذلك السيد الطاهر
(6) هذه الجملة التي بين قوسين حدثني بها في دار الشيخ الجليل الشيخ حسن المذكور ملا عبد الكريم وقد شاهد الرجل بعينه ذلك اليوم .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page