• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الشهادة


لم يفتأ قمر بني هاشم دؤوب على مناصرة الحق في شمم واباء عن النزول على حكم الدنية منذ كان يرتضع لبان البسالة وتربى في حجر الامامة فترعرع ونصب عينه امثلة الشجاعة والتضحية دون النواميس الالهية لمطاردة الرجال ومجالدة الابطال فاما فوز بالظفر أو ظفر بالشهادة فمن الصعب عنده النزول على الضيم وهو يرى الموت تحت مشتبك الاسنة اسعد من حياة تحت الاضطهاد فكان لا يرى للبقاء قيمة «وامام الحق» مكدور وعقائل بيت الوحي قد بلغ منهن الكرب كل مبلغ ولكن لما كان سلام الله عليه انفس الذخائر عند السبط الشهيد واعز حامته لديه وطمأنينة الحرم بوجوده وبسيفه الشاهر ولوائه الخفاق وبطولته المعلومة لم يأن له الى النفس الاخير من النهضة المقدسة فلا الحسين يسمح به ولا العائلة الكريمة تألف بغيره ولا الحالة تدعه لأن يغادر حرائرأبيه بين الوحوش الكواسر .
هكذا كان أبو الفضل بين نزوع الى الكفاح بمقتضى غريزته وتأخر عن الحركة لباعث ديني وهو طاعة الامام عليه السلام حتى بلغ الأمر نصابه فلم يكن لجاب الغيرة او دافعها مكافئ وكان ملء سمعه ضوضاء الحرم من العطش تارة ومن البلاء المقبل اخرى (ومركز الامامة) دارت عليه الدوائر وتقطعت عنه خطوط المدد وتفانى صحبه وذووه هنالك هاج (صاحب اللواء) ولا يلحقه الليث عند الهياج فمثل أمام أخيه الشهيد يستأذنه فلم يجد أبو عبد الله بداً من الان حيث وجد نفسه لتسبق جسمه اذ ليس في وسعه البقاء على تلكا لكوارث الملمة من دون أن يأخذ ثاره من اولئك المردة فعرفه الحسين انه مهما ينظر اللواء مرفوعاً كأنه يرى العسكر متصلاً والمدد متتابعاً والاعداء تحذر صولته وترهب اقدامه وحرائر النبوة مطمئنة بوجوده فقال له (انت صاحب لوائي) ولكن اطلب لهؤلاء الاطفال قليلاً من الماء فذهب العباس الى القوم ووعظهم وحذرهم غضب الجبار فلم ينفع فرجع الى اخيه واخبره فسمع الاطفال يتصارخون من العطش فنهضت (بساقي العطاشى) غيرته الشماء واخذ القربة وركب فرسه وقصد الفرات فلم يرعه الجمع المتكاثر وكشفهم شبل علي عن الماء وملك الشريعة ومذ احس ببرده تذكر عطش الحسين فرأى من واجبه ترك الشرب لأن الامام ومن معه اضر بهم العطش فرمى الماء من يده(1) واسرع بالقربة محافظاً على مهجة الامام ولو في آن يسير وقال(2) :
يا نفس من بعد الحسين هوني         وبعده لا كنت ان تكوني
هـذا الحسيـن وارد المـنون         وتشـربين بـارد المعين
تالله ما هـذا فعـال دينـي

فتكاثروا عليه وقطعوا طريقه فلم يبال بهم وجعل يضرب فيهم بسيفه ويقول :
لا أرهب الموت اذا الموت زقا         حتى اُواري في المصاليت لقا
اني أنا العبـاس اغـدو بالسقا         ولا اهاب المـوت يوم الملتقى

فكمن له زيد بن الرقاد الجهنى وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضربه على يمينه فقطعها فأخذ السيف بشماله وجعل يضرب فيهم ويقول :
والله ان قطعتموا يميني         اني احامي أبداً عن ديني
وعن امام صادق اليقين         نجل النبي الطاهر الامين

فكمن له حكيم بن الطفيل من وراء نخلة فضربه على شماله فبراها فضم اللواء الى صدره .
فعند ذلك أمنوا سطوته وتكاثروا عليه وأتته السهام كالمطر فأصاب القربة سهم واريق ماؤها وسهم اصاب صدره وسهم أصاب عينه وحمل عليه رجل بعمود من حديد وضربه على رأسه المقدس .
وهو بجنب العلقمي فليته         للشاربين به يداف العلقم

ونادى بصوت عال عليك منّي السلام يا أبا عبد الله(3) فأتاه الحسين عليه السلام ويا ليتني علمت بماذا أتاه أبحياة مستطارة منه بذلك الفادح الجلل أو بجاذب من الاخوة الى مصرع صنوه المحبوب نعم حصل الحسين عنده وهو يبصر هيكل البسالة وقربان القداسة فوق الصعيد وقد غشيته الدماء السائلة وجللته النبال ورأى ذلك الغصن الباسق قد ألم به الذبول فلا يمين تبطش ولا منطق يرتجز ولا صولة ترهب ولا عين تبصر ومرتكز الدماغ على الارض مبدد .
أصحيح ان الحسين ينظر الى تلكم الفجائع ومعه حياة تقدمه او عافية تنهض به لا والله لم يبق الحسين بعد أبي الفضل الا هيكلاً شاخصاً معرى عن لوازم الحياة وقد اعرب سلام الله عليه عن هذا الحال بقوله (الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوي) .
وبان الانكسـار فـي جبينه         فانكدت الجبال من حنينه
كافل أهلـه وسـاقي صبيته         وحامل اللوا بعالـي همته
وكيف لا وهو جمال بهجته         وفي محياه سرور مهجته

ورجع الى المخيم منكسراً حزيناً باكياً يكفكف دموعه بكمه كي لا تراه النساء(4) وقد تدافعت الرجال على مخيمه فنادى بصوت عال أما من مجير يجيرناأما من مغيث يثغيثنا أما من طالب حق ينصرنا أما من خائف من النار فيذب عنّا .
كل هذا : لابلاغ الحجة واقامة العذر حتى لا يعتذر احد بالغفلة يوم يقوم الناس لرب العالمين .
ولما رأته سكينة مقبلاً اخذت بعنان جواده وقالت أين عمي العباس أراه أبطأ بالماء فقال لها ا ن عمك قتل فسمعته زينب فنادت واأخاه واعباساه واضيعتنا بعدك وبكين النسوة وبكى الحسين معهن ونادى واضيعتنا بعدك أبا الفضل .

_________
(1) البحار ج 1 ومقتل العوالم ص 94 عن بعض التأليفات .
(2) أسرار الشهادة ص 322 .
(3) تظلم الزهراء ص 120 .
(4) الكبريت الاحمر ص 159 عن اكسير العبادة .

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page