لم يذكر اصحاب المعاجم هذا الوصف واهمله المؤرخون كما لم يصفه حديث الصادق في الزيارة المتقدمة فان فيها (وهو مدفون بشط الفرات بحذاء الحير) لكن شيخنا الطريحي ذكر في المنتخب ص 91 ان رجلاً من أهل الكوفة حداد قال خرجت في البعث الذي سار الى كربلا فخيمنا على شاطئ العلقمي وحموا الماء عن الحسين ومن معه حتى قتلوا واهله وانصاره عطاشا ثم رجعنا الى الكوفة وبعد ان سير ابن زياد السبايا الى الشام رأيت في المنام كأن القيامة قامت والناس يموجون وقد اخذهم العطش وانا أعتقد بأني أشدهم عطشاً مع شدة حرارة الشمس والارض تغلي كالقار اذ رأيت رجلاً عمّ الموقف نوره وفي أثره فارس وجهه انور من البدر وبينا أنا واقف إذ أتاني رجل وقادني بسلسلة إليه فقلت له اقسم عليك بمن امرك من تكون قال انا من الملائكة قلت ومن هذا الفارس قال هذ علي أمير المؤمنين قلت ومن ذلك الرجل قال محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم رأيت عمر بن سعد وقوماً لم اعرفهم في اعناقهم سلاسل من حديد والنار تخرج من اعينهم وآذانهم ورأيت النبيين والصديقين قد احدقوا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله لعلي ما صنعت قال لم أترك احداً من قاتلي الحسين الا جئت به فقدموهم امام رسول الله وهو يسألهم عما صنعوا بولده يوم كربلا فواحد يقول أنا حميت الماء عنه والآخر يقول أنا رميته والثالث يقول انا وطأت صدره ورابع يقول انا قتلت ولده وهو يبكي حتى بكى من حوله لبكائه ثم أمر بهم الى النار وجيء برجل قال له ما صنعت قال كنت نجاراً وما حاربت ولا قتلت فقال لقد كثرت السواد على ولدي فأمر به الى النار ثم قدموني اليه فحكيت له فعلي فأمر بي الى النار فلما قص الرؤيا على من حضر عنده يبس لسانه ومات نصفه وهلك بأسوء حال وقد تبرأ منه كل من سمع وشاهد .
وفي مدينة المعاجز ص 263 باب 127 روي عن رجل أسدي قال كنت زارعاً على نهر العلقمي بعد ارتحال عسكر بني أمية فرأيت عجائباً لا أقدر أن أحكي الا بعضاً منهخا اذا هبت الريح تمر عليّ نفحات كنفحات المسك والعنبر وأرى نجوماً تنزل من السماء وتصعد مثلها من الارض ورأيت عند غياب الشمس أسداً هائل المنظر يتخطى القتلى حتى وقف على جسد جللته الانوار فكان يمرغ وجهه وجسده بدمه وله صوت عالٍ ورأيت شموعاً معلقة واصواتاً عالية وبكاء وعويلاً ولا أرى أحداً .
وفي مناقب ابن شهراشوب ج 2 ص 190 روى جماعة من الثقاة انه لما أمر المتوكل بحرث قبر الحسين وان يجري عليه الماء من العلقمي اتى زيد المجنون وبهلول المجنون الى كربلا ونظرا الى القبر لم يتغير بما صنعوا ، وفي هذا دلالة على وصف النهر بالعلقمي في تلك الايام ويؤكد ذلك ما في مزار البحار ص 161 عن مزاري المفيد وابن المشهدي من ورود رواية بزيارة العباس عليه السلام غير مقيدة بوقت وفيها اذا وردت ارض كربلا فأنزل منهما بشاطئ العلقمي ثم اخلع ثياب سفكر واغتسل غسل الزيارة مندوباً وقل الخ .
وفي تحية الزائر ص 135 ذكر عنهما وعن الشهيد الأول وابن طاووس ورود رواية بزيارة للحسين وقالوا اذا وردت قنطرة العلقمي فقل إليك اللهم قصد القاصد الخ والظاهر منه ورود لفظ العلقمي في الرواية وليس من كلام العلماء خصوصاً بعد العلم بأنهم لا يذكرون الا ما يعتمدون عليه في الروايات ومنه نعرف ان نهر العلقمي كان معروفاً في الازمنة السابقة على زمان ابن العلقمي الذي هو في القرن السابع وجاء في نص الشيخ الطوسي ففي مصباح المتهجد ص 499 ان الصادق عليه السلام قال لصفوان الجمال اذا اتيت الفرات (اعني شرعة الصادق بالعلقمي) فقل اللهم انت خير من وفد الخ .
وعلى هذا يكون قول الفاضل السيد جعفر الحلّي على الحقيقة .
وهوى بجنب العلقمي فليته للشاربين به يداف العلقم
نعم لم يعرف السبب في التسمية به وما قيل في وجهها ان الحافر للنهر رجل من بني علقمة بطن من تميم ثم من دارم جدهم علقمة بن زرارة بن عدس لا يعتمد عليه لعدم الشاهد لواضح ومثله في ذكر السبب كثرة العلقم حول حافتي النهر وهو كالقول بأن عضد الدولة امر بحفر النهر ووكله الى رجل اسمه علقمة فانها دعاوي لا تعضدها قرينة على انك عرفت ان التسمية كانت قبل عضد الدولة .
وحكي في الكبريت الاحمر ج 2 ص 112 عن السيد مجد الدين محمد المعروف بمجدي من معاصري الشيخ البهائي في كتابه زينة المجالس المؤلف سنة 1004 ان الوزير السعيد بن العلقمي لما بلغه خطاب الصادق عليه السلام للنهر «الى الآن تجري وقد حرم جدي منك» أمر بسد النهر وتخريبه ومن اجله حصل خراب الكوفة لان ضياعها كانت تسقى منه .
نهر العلقمي
- الزيارات: 1561