• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عـداءُ سـافرُ


البعض وحتّى من غير الأعداء يحارب الإمام الحسين (عليه السلام ) أويحارب العباس (عليه السلام ) بصورةٍ أو بأُخرى ، لأنّهم لا يستطيعون فهم أو تحمّل عظمتهما أو لغير ذلك ، وتبعاً لذلك فهم يحاربون مدينة كربلاء .
ومن أسبابه الحسد ، فإنّه بدأ قديماً ، بدأ من عهد أبي سفيان حيث ذكر قائلاً :« كنّا نطعم وكانوا - أي بني هاشم - يطعمون وكنّا نسقي وكانوا يسقون ، وكنّا نسعف المحتاج وكانوا يسعفون ، ثّم ظهر فيهم من يقول : أنا نبي من عند الله ، والله لاأتحمّل ذلك ، فلا بد ّ من محاربتهم».
وبدأت معركة الحسّاد مع بني هاشم ، حتّى أنّهم ألجؤوهم الى الشِعب ، وتواصلت هذه الحرب واستمرت حتى زماننا هذا .
وشمل محاربتهم للإمام الحسين (عليه السلام ) محاربتهم لكربلاء ، فلم تقتصر هذه المحاربة على زمن الديكتاتوريين ، بل كانوا يحاربونها حتى في عهد الأحزاب شبه الحرّة كالعهد الملكي(1).
ومن نافلة القول ، إنّنا طلبنا من السلطات الملكية ترخيصاً لإنشاء مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام ) الشهيرة .
فسوّفوا الأمر لمدّة ستة أشهر مع كثرة الوسائط ومع شدة اهتمامنا بالأمر ، الى غير ذلك من المعوّقات اليومية التي كانوا يضعونها سداّ أمام طريقنا في كلّ مشروع نقدم عليه .
وكنّا قد استفدنا من ظروف صراع الاحزاب والتنظيمات التي نشأت بعد قيام العهد الجمهوري - كالشيوعية والقومية والبعثية - فبدأنا بتأسيس المؤسسات وإقامة المشروعات .
وما إن استتب الأمر للحكومة حتى أخذت بهدم كل ما بنيناه من مؤسسات ومشاريع ثقافية وتعليمية ، ولم يكن منطلقهم في هذه الحرب المدمّرة سوى محاربة الحسين والعباس (عليهما السلام ) .
وذكر لي رئيس البلديات آنذاك - عباس البلداوي (2)- : إذا أردتم إجازة السينما أعطيناكم ، أما إجازة بناء المسجد في كربلاء فليس في قانوننا .
وعندما أردنا الحصول على إجازة بناء مسجد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام ) بالقرب من شارع العباس (عليه السلام ) صرفنا الكثير من الجهد وبعثنا بأكثر من خمسين وفداً الى بغداد ، ولم نحصل على الإجازة إلاّ بشقّ الأنفس . وهكذا الحال بالنسبة الى بناء ضريح العالِم الجليل ابن فهد الحلي وإقامة مدرسة بالقرب من قبره ، وعندما عجزنا عن أخذ الترخيص في بناء المقبرة والمدرسة ، قال لنا متصرّف كربلاء : أنا لا أستطيع أن أمنحكم الإجازة ، اذهبوا وابنوا المقبرة والمدرسة ، وإني سأوصي إدارة البلدية بأن يغضّوا الطرف عنكم .
وهكذا كان الأمر .
إن تاريخ كربلاء مشهور ومعروف ، ولا أريد إلاّ أن أذكر بعض ما وقع في زماننا من الأحداث .
كانت عندنا «40» مكتبة لبيع الكُتب أُغلقت بكاملها ، وكانت لدينا «40» مكتبة للمطالعة العامّة في المساجد أو في الأماكن المخصّصة لهذه الغاية .
وكان لدينا «دار القرآن الحكيم» للنشر ، ولها فروع في سبعين بلداً أغلقت بالكامل ، ونهبت الحكومة كلّ كتبها .
وكانت لدينا «مكتبة القرآن الحكيم» للمطالعة مجهّزة تجهيزاً كاملاً ، أغلقت ونهبت كتبها .
وكان لدينا «نادي القرآن الحكيم» خاصّ للشباب المراهقين لممارسة بعض الآنشطة الإسلامية ، أغلق أيضاً.
وكانت لدينا ثلاث مدارس لحفّاظ القرآن الحكيم ، فيها أكثر من ألف وخمسمائة طالب تمّ إغلاقها .
وكانت لدينا ثلاث مدارس لحافظات القرآن الحكيم ، وكان يدرس فيها زهاء ألف طالبة تمّ إغلاقها .
وكانت لدينا مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام ) الابتدائية وأتبعناها بالثانوية ، وأغلقت .
وكانت لدينا مطبعة القرآن الحكيم تمّ إغلاقها وسُرق ما فيها .
وكان عندنا مستوصف القرآن الحكيم أغلق ونهب أثاثه .
وكانت عندنا «14» مجلّة كلّها أغلقت (3) ، أمّا المدارس العلمية الدينية ، فقد تجاوزت أرقامها «28» مدرسة علمية خاصّة لطلاب العلوم الدينة (4) تمّ إغلاقها بالقوة ، وبعض هذه المدارس تعرّض الى الهدم .
وكانت عندنا عشرات الحسينيات التي تعرّضت للهدم والمصادرة .
وكانت لدينا مؤسسات ملحقة بمؤسّسة الحفّاظ بلغت «33» مشروعاً ومؤسّسة كلّها نُسفت وتعرّضت الى الدمار .
هذا غيض من فيض ما عملته السلطات الجائرة بحقّنا ولم يكن وراء ذلك سوى الحقد الدفين على كربلاء ، وعلى من يتوسّد هذه الأرض الطاهرة .
وقد تأكّد لنا من خلال الوثائق ، أنّ هؤلاء الذين جاءوا الى السلطة فوق ظهر الدّبابات كانوا يخططون لهذه الإبادة الحضارية لمدينة كربلاء المقدسة .
وقد يسأل البعض عن العلاج فنقول : إنّ العلاج الحقيقي للمشاكل وحتى لاتعود هذه الظواهر الخطرة مجدّداً هو الرجوع الى الأمّة الواحدة والأخوّة الإسلامية والحرّية الإسلامية ، على ما ذكرنا تفصيله في بعض كتبنا السالفة .
هذا على صعيد الأمّة .
أمّا على صعيد السلطة فإن العلاج الناجع هو قيام الحكم على نظام سياسي يحترم الآراء وبنظلق من قاعدة الاقتراع العام وينتهج نهج التعدّدية السياسية ، فهدا هو السبيل الوحيد لإنقاذ شعبنا من محن الديكتاتورية السوداء وما جلبته لبلادنا من دمار .

______________________________
(1) ابتدأت الملوكية في العراق سنة 1339هـ (1920م) ودامت قرابة ثمانية وثلاثين سنة .
(2) وزير البلديات في وزارة عبد الكريم قاسم الثانية ، وعين بتاريخ 3/5/1960م وقد تطرق الإمام المؤلف الى تفصيل الحوار في مذكراته : تلك الأيام : ص 110 تحت عنوان : هكذا يفعلون بالمساجد ؟ .
(3) ومن تلك المجلات : الأخلاق والآداب ، أجوبة المسائل الدينية ، صوت التوحيد ، القرآن يهدي ، صوت العترة ، مبادئ الإسلام ، منابع الثقافة الإسلامية ، أعلام الشيعة ، ذكريات المعصومين ، صوت المبلغين ، نداء الإسلام .
(4) ومن تلك المدارس : السليمية ، الهندية الكبرى ، الهندية الصغرى ، ابن فهد ، بادكوبه ، الكتاب والعترة ، البقعة ، حسن خان ، الصدر الأعظم النوري ، السيد المجاهد ، المهدية ، الحسينية ، الرشيدية ، الجعفرية الأولى ، الإمام الصادق ، شريف العلماء ، الحسينية ، الحفاظ الأولى ، الحفاظ الثانية ، الشيخ مهدي المازندراني ، الميرزا كريم الشيرازي ، الخطيب .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page