برز صالح بن وصيف بعد قتل أبيه ، وكانت له أدوار في قيادة الترك لا تقل عن أبيه ، فكان الأمر الناهي في خلافة المستعين ، وهوالذي اتفق مع بُغا على قتل باغر قاتل المتوكل ، فثار عليهما الجند الأتراك ، فهربا مع أبيه وصيف والخليفة المستعين الى بغداد ، فبايع الأتراك المعتز ، ووقعت الحرب بينه وبينه والمستعين ، ثم اتفقوا على خلع المستعين وتثبيت المعتز في الخلافة.
ورجع صالح بن وصيف الى سامراء وبايع المعتز ، ثم جاء بالمهتدي من بغداد الى سامراء ونصبه خليفة ، وأجبر المعتز على خلع نفسه ، ثم قتله ، وصار الآمر الناهي في دولة المهتدي ، حتى جاء القائد التركي موسى بن بُغا بجيشه من الري فقتل صالح بن وصيف ، ثأراً للمعتز ، وقتل المهتدي أيضاً!
في تاريخ الخلفاء / ٢٦٤ ، ملخصاً : « وقدم موسى بن بُغا من الري يريد سامرا ، لقتل صالح بن وصيف بدم المعتز ، وأخذ أموال أمه ومعه جيشه ، فصاحت العامة على ابن وصيف : يا فرعون قد جاءك موسى! فطلب موسى من بغا الإذن على المهتدي فلم يأذن له ، فهجم بمن معه عليه وهوجالس في دار العدل فأقاموه وحملوه على فرس ضعيفة وانتهبوا القصر ، وأدخلوا المهتدي إلى دار ناجود وهو يقول : يا موسى إتق الله ، ويحك ما تريد! قال : والله ما نريد إلا خيراً ، فاحلف لنا ألا تمالئ صالح بن وصيف ، فحلف لهم ، فبايعوه حينئذ ثم طلبوا صالحاً ليناظروه على أفعاله فاختفى ، وندبهم المهتدي إلى الصلح فاتهموه أنه يدري مكانه ، فجرى في ذلك كلام ، ثم تكلموا في خلعه. فخرج إليهم المهتدي من الغد متلقداً بسيفه ، فقال : قد بلغني شأنكم ، لست كمن تقدمني مثل المستعين والمعتز ، والله ما خرجت إليكم إلا وأنا متحنط وقد أوصيت وهذا سيفي! والله لأضربن ما استمسكت قائمته بيدي ، أما دينٌ ، أما حياءٌ ، أما رعةٌ؟ لم يكن الخلاف على الخلفاء والجرأة على الله؟
ثم قال : ما أعلم عِلْمَ صالح ، فرضوا وانفضوا. ونادى موسى بن بغا : من جاء بصالح فله عشرة آلاف دينار ، فلم يظفر به أحد ، واتفق أن بعض الغلمان دخل زقاقاً وقت الحر ، فرأى باباً مفتوحاً فدخل فمشى في دهليز مظلم ، فرأى صالحاً نائماً ، فعرفه وليس عنده أحد ، فجاء إلى موسى فأخبره ، فبعث جماعة فأخذوه وقُطعت رأسه ، وطِيفَ به .. فكتب المهتدي إلى بكيال أن يقتل موسى ومفلحاً أحد أمراء الأتراك أيضاً ، أو يمسكهما ، ويكون هوالأمير على الأتراك كلهم! فأوقف بكيال موسى على كتابه وقال : إني لست أفرح بهذا وإنما هذا يعمل علينا كلنا ، فأجمعوا على قتل المهتدي وساروا إليه ، فقاتل عن المهتدي المغاربة والفراغنة والأشروسنية ، وقُتل من الأتراك في يوم أربعة آلاف ، ودام القتال إلى أن هُزم جيش الخليفة وأُمسك هو ، فعُصِر على خصيتيه فمات ، وذلك في رجب سنة ست وخمسين »!
القائد صالح بن وصيف :
- الزيارات: 2902