عندما خص الله نبيه محمداً الهاشمي بالنبوة والرسالة جنّ جنون بطون قريش فحسدت الهاشميين شرف النبوة ، فوحدت صفوفها تحت راية الشرك وعقدت العزم على صرف شرف النبوة عن بني هاشم. فتصدت للنبي وقاومته بشراسة طوال مدة ال ١٥ سنة التي قضاها في مكة قبل الهجرة ، وتأمرت على قتله مرات متعددة ، وحاصرته وبني هاشم وقاطعتهم ، وبعد الهجرة جيشت الجيوش واستْعدَتْ العرب ، وشنت حروبها العدوانية على النبي طوال ثماني سنوات ، ولما أحيط بها ، واستنفذت سهامها وتكسرت سيوفها ورماحها في حربها للنبي ، استسلمت واضطرت مكرهة لإعلان إسلامها وللاعتراف بالنبوة الهاشمية.
وعندما اختار الله تعالى أهل بيت النبوة ثقلاً آخر ، وقيادة ، مرجعية للأمة من بعد النبي ، وصدع النبي بما أوحى إليه ، وأعلن الاختيار الإلهي ، جن جنون بطون قريش لانها كرهت أن يجمع الهاشميون المُلك والنبوة ، على حد تعبير الخليفة عمر بن الخطاب ، فصممت أن تصرف شرف المُلك عن الهاشميين فوحدت صفوفها ، ولكن تحت خيمة الإسلام هذه المرة وانتظرت موت النبي بفارغ الصبر لتصرف شرف الملك عن آل محمد ولتستولي بالكثرة والقوة والتغلب على الملك الذي تمخضت عنه النبوة ، وعندما قعد النبي على فراش المرض ، أحست البطون بأنه ميت ، عندئذٍ أظهرت نواياها ، وشرعت بتنفيذ مخططها الرامي إلى الاستيلاء على ملك النبوة بالكثرة والتغلب ، ونقض الترتيبات الإلهية وصرف شرف الملك عن أهل البيت ، فقالت البطون للنبي مواجهة : أنت تهجر ، ولا حاجة لنا بكتابك ، ولا بوصيتك لأن القرآن يغنينا عنك!! وقد وثقنا ذلك. ومات النبي وهو كسير الخاطر ، واستولت البطون على المُلك. ومن ذلك التاريخ وشبح الجريمة يلاحقها ، وصار أهل بيت النبوة هاجساً وصارت الخلافة ملكاً لمن غلب ، وسخر الغالب إمكانيات دولة الخلافة ومواردها وإعلامها لقلب الحقائق ، وإثبات أنه صاحب الحق الشرعي بالخلافة وآل محمد وأهل بيته ينازعونه حقه ، ويسعون لتفريق الأمة وشق عصا الطاعة بطلبهم ما ليس لهم!!!!!
كان لا بد من استحضار هذه المقدمة لفهم العقلية الحاكمة التي وضعت المناهج التربوية والتعليمية ، والتي منعت رواية وكتابة أحاديث الرسول قرابة مائة عام ، وبعد المائة عام أذنت برواية وكتابة الأحاديث النبوية ، في مناخ الدولة المعادي لأهل بيت النبوة ، وتحت إشراف أو مراقبة أركان دولة الخلافة الذين تدخلوا واشتركوا بهذا العداء.
الفصل الثالث : الخلط وتمييع النصوص ومحاولات صرف هذا الشرف عن أهل البيت
- الزيارات: 747