لما اكتشف علماء الحديث الأعلام من أهل السنة هذا الكم الهائل من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن حتمية ظهور المهدي المنتظر ، وأن هذا المهدي من أهل بيت النبوة ، ومن صلب علي بن أبي طالب ، ومن ولد فاطمة بنت النبي ، فوجئت دولة الخلافة ، وفوجىء أركانها تماماً ، وقدروا أن المهدي المنتظر الذي تتحدث الأحاديث النبوية عن دعم إلهي ، مطلق له سيكشف ذات يوم كل شيء ، وسيضع النقاط على الحروف ، وسيطلع العالم على هول الظلم الذي لحق بالإسلام ، وأهل بيت النبوة ، وسيقلب التاريخ كله رأساً على عقب.
لذلك وبواسطة أوليائهم وضعوا خطة ذات أربع شعب لمواجهة سيل الأحاديث الصحيحة والمتواترة المتعلقة بالمهدي المنتظر ، بعد أن قطعوا وتيقنوا بأنه من أهل بيت النبوة ومن أحفاد النبي الذين شردوهم وطاردوهم وقتلوهم تقتيلاً ، عبر التاريخ وكان قصدهم من هذه الخطة :
١ ـ أن يخلطوا الحق بالباطل وتلك صناعة أتقنوها ومهروا بها.
٢ ـ أن يحصنوا الرعية من تأثير هذه الأحاديث أو أن يتحكموا بتأثيرها على الرعية.
٣ ـ محاولة يائسة لصرف هذا الشرف الشامخ عن أهل بيت النبوة.
١ ـ الشعبة الأولي من المخطط
الادعاء بأنه لا مهدي إلا عيسى ابن مريم
بنفس الوسائل التي تستخرج فيها الأحاديث استخرجوا حديثاً يحصر « المهدي بعيسى ابن مريم » ، وقد أخرج هذا الحديث ابن ماجة في سننه ج ٢ ص ١٣٤٠ ح ٤٠٣٩ ، وابن ماجة نفسه كان قد أخرج حديث : « المهدي حق وهو من ولد فاطمة » ج ٢ ص ١٣٦٨ ح ٤٠٨٦ ، والحديث الأخير صحيح ومتواتر. وحديث لا مهدي إلا عيسى هو الحديث الوحيد الذي ينفي أن يكون المهدي من أهل البيت أو من غيرهم ، ويحصره حصراً بعيسى ابن مريم ، وقد عالجنا وأثبتنا فساد هذا الحديث وبطلانه في الباب الثاني من هذا الكتاب.
٢ ـ الشعبة الثانية من المخطط
الادعاء بأن المهدي رجل من الأمة
وقد أخرجوا حديثاً جاء فيه : « يخرج رجل من أمتي يعمل بسنتي ، ينزل الله له البركة من السماء ، وتخرج له الأرض بركتها ، يملأ الأرض عدلاً ، كما ملئت جوراً » ... [ راجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج ١ ص ١٣٤ ـ ١٣٦ ، وهذا الحديث أيضاً هو الوحيد الذي يجعل المهدي رجلاً من الأمة ]!!!
٣ ـ الشعبة الثالثة من المخطط
الادعاء بأن المهدي المنتظر من ولد الإمام الحسن
وليس من ولد الحسين كما يجمع أهل البيت!!
روى أبو داود في سننه ج ٤ ص ١٠٨ ح ٤٢٩٠ قول علي بن أبي طالب : « إن ابني هذا سيد كما سماه النبي ، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم
يُشبهه في الخُلق ولا يشبهه في الخَلْق يملأ الأرض عدلاً » ...
والمدهش أيضاً بأن هذا هو الحديث الوحيد الذي يجعل المهدي من ولد الإمام الحسن!!! وجاء في كتاب : « المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي » إصدار مركز الرسالة ص ٦٢ ، وما فوق أن هذا الحديث باطل من سبعة وجوه :
١ ـ اختلاف النقل عن أبي داود فقد نقل الجزري الشافعي في كتابه : أَسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب ص ١٦٥ ـ ١٦٨ كلمة « الحسين » بدلاً من كلمة الحسن.
٢ ـ إن سند الحديث منقطع حيث أن السبيعي لم تثبت له رواية واحدة سماعاً عن طريق على ، كما صرح بذلك المنذري « مختصر سنن أبي داود للمنذري ج ٦ ص ١٦٢ ح ٤١٢١.
٣ ـ إن سنده مجهول : « حيث قال : « حُدثت عن هارون بن المغيرة ، ولا يعلم من الذي حدثه ».
٤ ـ أن الحديث المذكور أخرجه أبو صالح السليلي عن الإمام موسى بن جعفر وفيه اسم الحسين بدلاً من الحسن.
٥ ـ إنه معارض بأحاديث كثيرة من طرق أهل السنة تصرح بأن المهدي من ولد الحسين.
٦ ـ احتمال التصحيف في الاسم من الحسين إلى الحسن.
٧ ـ يحتمل وضع الحديث لأن بعض أنصار محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط الذي قتل ١٤٥ في زمن المنصور العباسي كانوا يظنون بأنه المهدي.
٨ ـ وعلى فرض أنه حديث فإنه مجرد خبر لا قيمة له أمام الصحيح والمتواتر.
محاولات صرف شرف المهدية عن أهل البيت
- الزيارات: 807