• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الخامس : المهدي المنتظر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً

من السمات البارزة ، والبنى الأساسية التي تستند عليها نظرية المهدي المنتظر في الإسلام هي التأكيدات النبوية القاطعة ، بأن المهدي الذي بشر النبي بظهوره ذات يوم سوف يملأ الأرض بالقسط والعدل تماماً ، كما ملئت قبل ظهوره بالجور والظلم.
فأهل بيت النبوة مجمعون على أنهم قد سمعوا تلك التأكيدات القاطعة من رسول الله ، وأنهم قد تناقلوها جيلاً بعد جيل ، وورثوها من النبي مع نفائس علمي النبوة والكتاب ، وسماعهم لهذه التأكيدات واستيعابهم لها من الأمور اليقينية التي لا يشكون إطلاقاً بصحتها ، وهي متواترة عندهم ويرسلها الكبير والصغير منهم إرسال المسلمات ، وتبعاً لإجماع أهل بيت النبوة المشهود لهم إليهاً ، بالطهر والتميز والملازمة الدائمة لرسول الله أثناء حياته ، وبوراثتهم لعلمي النبوة والكتاب أجمعت شيعتهم على أن هذه التأكيدات قد صدرت من الرسول بالفعل ، فهي مع بقية البنى الأساسية من نظرية المهدي المنتظر تشكل جزءاً أساسياً من معتقدهم الإسلامي ، وسمة مميزة من مذهبهم الديني.
أما الخلفاء التاريخيون وشيعتهم « أهل السنة » فقد توصلوا إلى ذات النتائج المتعلقة بهذه التأكيدات ، فصحت عندهم كافة الأحاديث النبوية التي تؤكد بأن المهدي المنتظر سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً ، تواترت هذه التأكيدات ، وأرسلها علماء أهل السنة الأعلام إرسال المسلمات أيضاً ، وجزموا بأن التأكيدات قد صدرت عن رسول الله بالفعل.
مما يعني أن الأمة بشقّيها : « أهل بيت النبوة ومن والاهم والخلفاء التاريخيون ومن والاهم » ، مجمعون على أن رسول الله قد بيّن للمسلمين وأكد لهم بأن المهدي المنتظر سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما مُلئت جوراً وظلماً ، وهم جيمعاً قد جزموا بان هذه الأحاديث قد صدرت من رسول الله بالفعل ، وهم على يقين بأن هذه المهمة : « ملء الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً » من المبررات والأسباب الأساسية ، لظهور المهدي المنتظر ، ويعتقد الجميع بذلك ، ويؤمنون به ، وقد شكل هذا الاعتقاد جزءاً من عقيدة المسلمين الدينية.
فبعد موت النبي بقليل حُلت عرى الإسلام كلها ، عروة بعد عروة ، ورفع الحكم الإلهي من الأرض ، وصار الملك الذي تمخضت عنه النبوة. بحوزة من غلب ، وحيل بين المرجع الديني المعتمد من الله ورسوله ، وبين ممارسة مهام مرجعيته ، وبموت النبي وانتهاء عهده العظيم ، وبتحييد المرجع الديني ، فَقَد العالم النموذج الأمثل ، وحلّ الرأي محل النص ، وشاع الاجتهاد مع وجود النص ، وإن جرت محاولات لتطبيق النصوص الشرعية ، فإنها قد فشلت ، لأن تطبيق النصوص الشرعية يحتاج إلى أهلية وإعداد خاص لا يتوفر إلا بالنبي ، أو الإمام المؤهل إلهياً من بعده ، وهذا مبدأ مسلّم به حتى في القوانين الوضعية ، فالجهة المؤهلة لإصدار حكم قطعي مبرم حائز على الحقيقة القانونية هي محكمة التمييز ، أو محكمة النقض ، وأعضاؤها يشكلون أو من المفترض أن يشكلوا ويكونوا قمة الفهم والوعي القانوني ، بحيث لا يعلوا فهمهم فهم ، ولا وعيهم وعي ، فإذا كانت القوانين التي يضعها البشر قد وصلت إلى هذا المستوى من التقنية القانونية ، فلا تتعجب من قولنا بأن النص الشرعي يحتاج تطبيقه إلى نبي ، أو إمام مؤهل ومُعد إلهياً فضلاً عن ذلك فإن الإسلام كشريعة لا يؤتي أكله كاملاً إلا إذا طبق كاملاً ، وبقيت عراه ـ خاصة نظام الحكم ـ كلها متماسكة ، ولم تُحل.
والخلاصة أنه وبعد موت النبي ، وحل عُرى الإسلام ، والاستيلاء على منصب الخلافة بالقوة والتغلب ، وحلول الآراء محل النصوص والعمل بالأجتهادات ، مع وجود النصوص الشرعية ، رُفع الحكم الإسلامي عملياً من واقع الحياة ، ولم يبق من الإسلام إلا الهيكل أو الشكل الخارجي اللازم للمحافظة على المُلك وتوسيعه باسم الإسلام.
بمعني أن حكماً وضعياً له طبيعة دينية قد دخل الساحة الدولية المكتظة بالأحاكم والمنظومات الوضعية ، والمستندة إلى الآراء الشخصية القابلة للصواب والخطأ ، وأن الساحة الدولية قد خلت تماماً من أي منظومة حقوقية إلهية ، ومن أي ترشيد إلهي عملي لحركة العالم السياسية ، مما يعني أن المُناخ الملائم لنشوء الظلم ونموه وترعرعه قد نشأ ، وأخذ ساعد الظلم يشتد بهذا المُناخ يوماً بعد يوم ، حتى ألقي الظلم أجرانه على الأرض فعلاً ، فالناس يقدسون اليوم عقيدة وضعية ، وتتبناها دوله ، وتقدمها على أساس أنها أكسير الحياة ، وبعد تطبيقها وبوقت يطول أو يقصر يكتشف الناس فساد هذه العقيدة ، وتعترف الدولة بهذا الفساد وتأتي عقائد أخرى ، ثم تموت ، ولا تثمر إلا الظلم والمعاناة ، حتى صار الظلم من أبرز الموجودات على وجه الأرض.
بعد أن يجرب العالم كل شيء ، ويلجأ لكل رأي ، ويختبر كل عقيدة وضعية ، ثم يكتشف أن ما جرب وما لجأ إليه ، وما اختبر ، لم يثمر إلا الظلم وعندما يحسّ كل واحد من أفراد الجنس البشري بوطأة الظلم وهوله ، وعندما تمتلىء الكرة الأرضية ، ويكتوي الجميع بنار الظلم ، هنالك فقط يعرفون قيمة القسط والعدل ، عندئذٍ يظهر الإمام المهدي المنتظر ومعه عقيدة الإسلام من أنقى المصادر ، فيقوم بتطبيقها ، فتثمر الحكم الإلهي ويثمر الحكم الإلهي العدل والقسط ، وعندما يذوق أبناء الجنس البشري طعم العدل الحقيقي يعشقونه ، ويعشقون الذي جاء به ويكرهون الظلم الذي كوى قلوبهم ، وبفترة وجيزة ، تُقتلع جذور الظلم من الكرة الأرضية ، ويحل محلها العدل المطلق ، والقسط المطلق الذي يتولى المهدي المنتظر وبالإشراف الإلهي نشرهما ، حتى يلقيا أجرانهما في الأرض. وهذا هو الجانب الحقوقي من عصر المهدي المنتظر الذهبي.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page