• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الاتهام بترك الصحاح واعتماد مصادر التاريخ

قلتم في ص35:فقد اتجهتم إلى كتب التواريخ ومصادر تعتبر من الدرجة الثالثة عند أهل السنة، وتركتم المصادر المعتمدة، وخاصة الصحيحين<.
قلت:
أولاً: إن ما ادعيتموه من عدم اعتمادي على الصحيحين جانبتم فيه الحقيقة والإنصاف، فإن رسالتي التي بعثتها إليكم حفلت بالاعتماد على الصحيحين، لاسيما في المباحث الأساسية من مسائل الخلاف، ويكفي القارئ مطالعة سريعة لهذا الجزء من الكتاب مع الرسالة المرفقة ليقف على صحة ما ذكرناه وبطلان ما ادعيتموه.
ثانياً: كان من الأنسب لك أن تلتزم في كتابك بما تطالب الآخرين من الالتزام به؛ إذ إننا وجدناك تارة تحتج علينا بما جاء في كتبكم، وهو ما يخالف المنهج الصحيح في الاحتجاج والمناظرة كما هو مسلك أهل التحقيق، وتارة أخرى تتشبث ببعض الروايات الشاذة والضعيفة أو المرسلة الواردة في بعض مصادرنا، كما سيقف القارئ على مواضعها في معرض الإجابة والردّ.
مضافاً إلى ما استشهدت به من أقوال الخصوم والمغرضين أو المجاهيل، وهذا إنما يكشف عن خلل كبير في منهج البحث عندكم، ما يفضي إلى خلل في النتائج.
ثالثاً: إنّ السنة النبوية المباركة هي أجل وأعظم من أن يحويها ويستوعبها كتابا البخاري ومسلم، فإن هناك الكثير من الروايات والأحاديث التي صرح البخاري ومسلم بصحتها لم يدرجوها في كتابيهما، وقد نقل ابن حجر في كتابه التغليق أن البخاري كان يقول:ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صحّ وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب(1).
وقال الحازمي:فقد ظهر أن قصد البخاري كان وضع مختصر في الحديث وأنه لم يقصد الاستيعاب لا في الرجال ولا في الحديث(2).
وأما بالنسبة إلى مسلم فقد صرح بهذه الحقيقة في صحيحه في باب التشهد في الصلاة، الحديث (63) من كتاب الصلاة؛ وذلك عندما سأله أبو بكر ابن أخت أبي النظر عن حديث أبي هريرة في هذا الباب، فأجابه قائلاً:هو عندي صحيح، فقال: لِمَ لم تضعه هاهنا؟ قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه(3).
وذكر النووي في شرحه على صحيح مسلم، أن مسلماً قال:إنما أخرجت هذا الكتاب وقلت هو صحح، ولم أقل إن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب فهو ضعيف، وإنما أخرجت هذا الحديث من الصحيح(4).
وفي تدريب الراوي:قال الإمام أحمد: صح سبعمائة ألف وكسر، وقال: جمعت في المسند أحاديث انتخبتها من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفاً(5) والتعابير في هذا المجال كثيرة، وكلها صريحة في أن السنة الصحيحة لم يجمع منها في الصحيحين إلا نزر يسير جداً، وقد جمعت تلك الأحاديث في المجامع الحديثية الأخرى، فالعمدة في قبول رواية أو ردّها هو صحّتها، سواء وجدت في الصحيحين أو في أي كتاب آخر من كتب الأحاديث، كالمسانيد والسنن.
وأما تقسيم الكتب على درجات ومراتب، فهو وإن أشار إليه بعض علمائكم، إلاّ أنه لا معنى له بعد أن كان الأساس في الاعتماد على الحديث أو تركه هو صحته أو ضعفه، وقد حاولت في رسالتي التي بعثتها إليكم أن اعتمد في أسس المسائل الخلافية على الصحيح، والمعتبر من الروايات.
ثم إنه لا أدري كيف تسوغ لنفسك أنه تحصر العلم وسنة النبي(صلى الله عليه وآله) بالصحيحين، ويضيق صدرك بما تعتقده الشيعة من أن النبي(صلى الله عليه وآله) اختص علياً(عليه السلام) بعلمه، وأن الصحابة كانوا يرجعون إليه فيما أشكل عليهم في مسائل العقيدة والأحكام الشرعية؟!!
رابعاً: إننا وإن كنا لا نعتمد بالدرجة الأساس على كتب التاريخ في معرفة الحقيقة، ولكن ليس من الصحيح علمياً إسقاطها من مصادر المعرفة؛ ولذا نجد أن للتاريخ علمه ومناهجه الخاصة، وقد اهتمت به المراكز العلمية منذ القدم، وأسست لدراسته أقساماً وفروعاً في شتى الجامعات والمعاهد، وليس ذلك إلا لدور التأريخ البالغ في رسم بعض معالم الحقيقة?
ولو لم يكن التأريخ وعلمه منتجاً في الوقوف على بعض الحقائق لأصبحت دراسته لغواً وعبثاً، وللزم من ذلك إسقاط جميع كتب التاريخ بما فيها تاريخ الطبري وابن كثير وابن الأثير وابن عساكر وتاريخ الذهبي والعواصم من القواصم وغيرها من كتب التاريخ التي لها مكانتها الخاصة في المذهب السني.
خصوصاً وأن الكثير من كتب التاريخ تعتمد على منهج أهل الحديث في نقل الروايات، كذكر أسانيدها وطرقها وتصحيحها في كثير من الأحيان والتعرض لرواتها في النقد أو التوثيق، نظير كتاريخ الخطيب البغدادي وتاريخ ابن كثير وغيرها.
أضف إلى ذلك أن بعض الحوادث التاريخية أو جملة من الروايات المذكورة فيها وإن كانت ضعيفة على منهج أهل الحديث: إلاّ أنها تصلح كقرينة وشاهد تضم إلى الروايات والقرائن الأخرى، فيقوي بعضها بعضاً، وتشكل بمجموعها دليلاً يورث الاطمئنان بثبوت حقيقة من الحقائق، لها تأثيرها المباشر على المعارف الدينية بما فيها العقائد.
وهذا هو المنهج الصحيح في التعامل مع كتب المعرفة الدينية لا منهج الإسقاط والإلغاء من الأساس.


___________
(1) ابن حجر، تغليق التعليق: ج5 ص420، المكتب الإسلامي ـ الأردن.
(2) نقلاً عن مقدمة صحيح ابن حبان: ج1 ص6، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
(3) مسلم، صحيح مسلم: ج1 ص304.
(4) النووي، شرح صحيح مسلم: ج1 ص26.
(5) السيوطي، تدريب الراوي: ص75، دار الحديث ـ القاهرة.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page