اقول: هذا العنوان من اهم العناوين، لان عنوان كيفيه معاشره فاطمه سيده نساء العالمين مع زوجها على اميرالمومنين عليهماالسلام ذات حيثيات مختلفه، و من كل جهه و حيثيه ذات اهميه كثيره.
لانهما صلوات‏الله عليهما كانا حجتين لله تعالى و قدوتين لجميع الناس فى جميع الجهات و الحياه الفرديه و الاجتماعيه، لان حياة سيده النساء مع زوجها سيد الاوصياء، و حياه اكمل نساء العالمين مع اكمل رجال العالمين بعد رسول‏الله صلى الله عليه و آله قدوه للناس جميعا.
و اضف الى ذلك؛ انهما طاهرين و مطهرين من كل رجس فى الاعمال و الاخلاق و العقيده، و فى جميع شوونهما الفرديه و الاجتماعيه كانا حجتين لله تعالى الى الناس؛
فإذا البحث من جميع جهات حياتهما الطيبه لا تسع فى هذا العنوان، و ليست الروايات منحصره فى ما ذكرت تحت هذا العنوان.
اذا اردت ان تعرف حياتهما الفرديه و الاجتماعيه، و حياه انسانين كاملين، و حياه الزوجه الحجه مع زوجها حجه الله تعالى اعنى حياه الزهراء روح المصطفى و بضعته مع زوجها على نفس رسول‏الله صلى الله عليه و آله و اخوه؛ فاقرء القرآن من اوله الى آخره؛ ثم افرض اذا تجسم القرآن امام عينيك مع علومه و معارفه، و اخلاقه و احكامه، و اسراره و حكمه، و ظاهره و باطنه، و باطن باطنه، و جلاله و جماله و كماله و... تنظر الى انسان كامل هو نفس على بن ابى‏طالب اميرالمومنين و زوجته فاطمه سيده نساء العالمين عليهماالسلام على كسوه الرجل و المراه، لا يتخطى و لا يشذ القرآن عنهما، و لم بينهما تجد اختلافا بمقدار مثقال ذره ابدا.
و رايت وجه القرآن نفس وجههما، ووجههما وجه القرآن، لا يتميزان احدهما عن الاخر.
و من هذا شانه؛ كيف اقدر على البحث من تصوير حياتهما و كيفيه معاشره احدهمها مع الاخر؟ و لا يمكن استيفاء البحث فى ذلك الا بالاشاره.
و اما اذا اردت ان تعرف وجهه حياتهما و كيفيه معاشرتهما عليهماالسلام بشكل النازلى و البسيط، فاقرأ كتاب «الكوثر فى احوال فاطمه عليهاالسلام بنت النبى الاطهر صلى الله عليه و آله»، فانه مجموعه الروايات فى اهم امور حياتهما عليهماالسلام.
ولكن شرط الاساسى فى ذلك ان تفرق صحيحها عن ضعيفها، و صدقها عن كذبها (1) و اترك مجعولات المنافقين و المعاندين و اهل التعصب و الهوى، و خذ ما اتى من اهل بيت الرساله الذى وافق كتاب الله، او ما اتفق عليه العامه والخاصه، واترك الشذوذ من طريق المخالفين.
هذا؛ و مع ذلك اشير هنا الى خلاصه بعض الروايات فى العنوان ايضا تبركا.
1:2519- فى روايه طويله عن «كشف الغمه» و فيه:
قال على عليه‏السلام: فوالله؛ ما اغضبتها، و لا اكرهتها على امر حتى قبضها الله عز و جل، و لا اغضبتنى، و لا عصت لى امرا.
و لقد كنت انظر اليها فتنكشف عنى الهموم و الاحزان. (2).
اقول: ولعمرى ان هذا الحديث وحده يدل على كل خير فى حيات المراه الالهيه مع زوجها الالهى و بالعكس، لان فى هذه القطعه من عبارات الحديث تجد كلما يوجد فى حيات الطيبه الانسانيه و ما زاد عليها.
لان الحديث يخبرنا عن موده و رحمه، و اعبر عنها انا بالعشق فى حياتهما المعنويه و الروحانيه و الجسمانيه الماديه فى جميع احوالهما، و الشاهد على ذلك اطلاق العبارات فى الحديث، خذ هذا قليلا عن كثير.
2:2520- قرب الاسناد: عن الصادق، عن ابيه عليهماالسلام قال:
تقاضى على عليه‏السلام و فاطمه عليهاالسلام الى رسول‏الله صلى الله عليه و آله و سلم فى الخدمه.
فقضى على فاطمه عليهاالسلام بخدمه ما دون الباب، وقضى على على عليه‏السلام بما خلفه.
قال: فقالت فاطمه عليهاالسلام: فلا يعلم ما داخلنى من السرور الا الله باكفائى رسول‏الله صلى الله عليه و آله تحمل رقاب الرجال. (3).
3:2521- الكافى: على، عن ابيه، عن ابن‏عمير، عن هشام بن سالم، عن ابى‏عبدالله عليه‏السلام قال:
كان اميرالمومنين عليه‏السلام يحتطب و يستقى و يكنس.
و كانت فاطمه عليهاالسلام تطحن و تخبز.
امالى الطوسى: الحسين بن ابراهيم القزوينى، عن محمد بن وهبان، عن احمد بن ابراهيم، عن الحسن بن على الزعفرانى، عن البرقى، عن ابيه، عن ابن ابى‏عمير (مثله). (4).
4:2522- دعوات الراوندى: عن سويد بن غفله، قال: اصابت عليا عليه‏السلام شده، فاتت فاطمه عليهاالسلام رسول‏الله صلى الله عليه و آله، فدقت الباب.
فقال: اسمع حس حبيبتى بالباب، يا ام‏ايمن! قومى وانظرى.
ففتحت لها، الباب فدخلت.
فقال صلى الله عليه و آله: لقد جئتنا فى وقت ما كنت تاتينا فى مثله؟
فقالت فاطمه عليهاالسلام: يا رسول‏الله! ما طعام الملائكه عند ربنا؟
فقال: التحميد؟
فقالت: ما طعامنا؟
قال رسول‏الله صلى الله عليه و آله: والذى نفسى بيده؛ ما اقتبس فى آل محمد شهرا نارا، و اعلمك خمس كلمات علمنيهن جبرئيل عليه‏السلام؟
قالت: يا رسول‏الله! ما الخمس الكلمات؟
قال: يا رب الاولين و الاخرين، يا ذالقوه المتين، و يا راحم المساكين، و يا ارحم الراحمين.
و رجعت، فلما ابصرها على عليه‏السلام قال: بابى انت و امى؛ ما وراءك يا فاطمه؟
قالت: ذهبت للدنيا و جئت للآخره.
قال على عليه‏السلام: خير امامك خير امامك. (5)
5:2523- تفسير فرات: عبيد بن كثير معنعنا عن ابى‏سعيد الخدرى، قال: اصبح على بن ابى‏طالب عليه‏السلام ذات يوم ساغبا، فقال: يا فاطمه! هل عندك شى‏ء تغذينيه؟
قالت: لا والذى اكرم ابى صلى الله عليه و آله بالنبوه، و اكرمك بالوصيه؛ ما اصبح الغداه
عندى شى‏ء، و ما كان شى‏ء اطعمناه مذيومين الا شى‏ء كنت اؤثرك به على نفسى و على ابنى هذين الحسن و الحسين؟
فقال على عليه‏السلام: يا فاطمه! الا كنت اعلمتينى فابغيكم شيئا؟
فقالت: يا اباالحسن! انى لاستحيى من الهى ان اكلف نفسك ما لا تقدر عليه...، الخبر. (6).
اقول: اضف الى ذلك قول رسول‏الله صلى الله عليه و آله: قال:
يا على! نعم الزوجه زوجتك.
ثم اقبل على فاطمه عليهاالسلام، و قال: يا فاطمه! نعم البعل بعلك...
و ضمتهما الى صدره، و قال فى حق على عليه‏السلام: «اذهب الله عنك الرجس يا اباالحسن! و طهرك تطهيرا».
و قال فى حق ابنته عليهاالسلام: «اذهب الله عنك الرجس و طهرك تطهيرا».
فعل بهما هذا فى ليله عرسهما بعد ان اشربهما الماء ورش باقى الماء على راسهما و صدرهما. (7).
واضف ايضا الى ذلك احاديث اخرى يقول:
لولا على عليه‏السلام لما كان لفاطمه عليهاالسلام كفو على وجه الارض آدم فمن دونه. (8) وهكذا روايات اخرى لايسع العنوان ضبطها.
ثم قس بين هذه الروايات الصحيحه و المتفق عليها و بين روايات شاذه من مجعولات اتباع بنى‏اميه و المنافقين؛ مثل مجعوله خطب على عليه‏السلام بنت ابى‏جهل، و مجعولات اخرى يختلقون فيها كلاما بين على و فاطمه عليهماالسلام و اصلاح النبى صلى الله عليه و آله بينهما، (9) وهكذا مجعولات التى تقتضى الطعن على على عليه‏السلام و عليهما جميعا.
فتبا لهم بما اختلقوا، و ما اختلقوا الا ليرضوا عنهم المنافقون و بنو اميه الشجره الملعونه فى القرآن؛ بثمن قليل؛ (اولئك الذين اشتروا الضلاله بالهدى...) (10) و (... اشتروا الكفر بالايمان لن يضرا الله شيئا...) (11) و (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله...). (12).
_________
(1). اقول: انى قلت فى المقدمه: لست مفرقا فى هذا الكتاب بين الروايات صحيحها عن ضعيفها... و تركت ذلك الى اهل الفضل و العلماء...
(2). البحار: 134:43.
(3). البحار: 81:43 ح 1.
(4). البحار: 151:43 ح 7.
(5). البحار: 152:43 ح 10، والعوالم: 386:11
(6). البحار 59:43 ح 51.
(7). راجع البحار: 132:43 و 133.
(8). البحار: 107:43.
(9). فى علل الشرائع: القطان، عن السكرى، عن الحسن بن على العبدى، عن عبدالعزيز بن مسلم، عن يحيى بن عبدالله، عن ابيه، عن ابى‏هريره قال: صلى بنا رسول‏الله صلى الله عليه و آله الفجر، ثم قام بوجه كئيب، وقمنا معه حتى صار الى منزل فاطمه عليهاالسلام فابصر عليا عليه‏السلام نائما بين يدى الباب على الدقعاء، فجلس النبى صلى الله عليه و آله، فجعل يمسح التراب عن ظهره، و يقول: قم فداك ابى و امى يا اباتراب، ثم اخذ بيده و دخلا منزل فاطمه عليهاالسلام. فمكثنا هنيئه، ثم سمعنا ضحكا عاليا، ثم خرج علينا رسول‏الله صلى الله عليه و آله و سلم بوجه مشرق، فقلنا: يا رسول‏الله! دخلت بوجه كئيب، و خرجت بخلاقه؟ فقال: كيف لا افرح و قد اصلحت بين اثنين احب اهل الارض الى اهل السماء. بيان: الدقعاء: التراب، و الاخبار المشتمله على منازعتها ماوله بما يرجع الى ضرب من المصلحه، لظهور فضلهما على الناس، او غير ذلك مما خفى علينا جهته. (البحار: 146:43 ح 1 والعوالم: 383:11- 384. و فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله: 505- 506). وايضا فى علل الشرائع: القطان، عن السكرى، عن عثمان بن عمران، عن عبدالله بن موسى، عن عبدالعزيز، عن حبيب بن ابى ثابت، قال: كان بين على و فاطمه عليهماالسلام كلام، فدخل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و القى له مثال، فاضطجع عليه، فجاءت فاطمه عليهاالسلام فاضطجعت من جانب، وجاء على عليه‏السلام فاضطجع من جانب. قال: فاخذ رسول‏الله صلى الله عليه و آله يد على عليه‏السلام فوضعها على سرته و اخذ يد فاطمه عليهاالسلام، فوضعها على سرته، فلم يزل حتى اصلح بينهما، ثم خرج. فقيل له: يا رسول‏الله! دخلت و انت على حال، و خرجت و نحن نرى البشرى فى وجهك. قال: (و) ما يمنعنى، و قد اصلحت بين اثنين احب من على وجه الارض الى. قال الصدوق رحمه‏الله: ليس هذا الخبر عندى بمعتمد، و لا هو لى بمعتقد فى هذه العله، لان عليا و فاطمه عليهماالسلام ما كانا ليقع بينهما كلام يحتاج رسول‏الله صلى الله عليه و آله الى الاصلاح بينهما، لانه عليه‏السلام سيد الوصيين، و هى سيده نساء العالمين، مقتديان بنبى الله صلى الله عليه و آله فى حسن الخلق. مصباح الانوار: عن حبيب (مثله). (البحار: 146:43 ح 1 و 2، و العوالم: 383:11- 384 و فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله: 505- 506).
(10). البقره: 16.
(11). آل عمران: 177.
(12). التوبه: 9.

أضف تعليق