كيف أن هؤلاء الذين كانوا يتبركون بفضل وضوء رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وحتى ببصاقه، ونخامته، ويدّعون الحرص على امتثال أوامر الله سبحانه بتوقيره، وبعدم رفع أصواتهم فوق صوته(1)، وبالتأدّب معه، وبأن لا يقدموا بين يدي الله ورسوله و.. و..
لقد رأينا أن هؤلاء بمجرد إحساسهم بأنه [صلى الله عليه وآله] يريد الحديث عن الأئمة الاثني عشر، وبيان مواصفاتهم ـ ويتجه نحو تحديدهم بصورة أدق، وأوفى وأتـم ـ كيف ثارت ثائرتهم. وأن خشيتهم من إعلان إمامة من لا يرضون إمامته، وخلافة من يرون أنه قد وترهم، وأباد خضراءهم في مواقفه المشهورة، دفاعاً عن الحق والدين ـ ألا وهو علي أمير المؤمنين [عليه السلام]، قد أظهر حقدهم، فعلا ضجيجهم، وزاد صخبهم، والتعبيرات التي وردت في الروايات واصفة حالهم، هي مثل:
«ثم لغط القوم وتكلموا».
أو: «وضج الناس».
أو: «فقال كلمة أصمّينها الناس».
أو: «فصرخ الناس، فلم أسمع ما قال».
أو: «فكبر الناس، وضجوا».
أو: «فجعل الناس يقومون، ويقعدون».
نعم، لقد كان هذا هو موقفهم من الرسول، وهؤلاء هم الذين يدعي البعض لهم مقام العصمة عن كل ذنب، ويمنحهم وسام الاجتهاد في الشريعة والدين!!.
_________
(1) راجع سورة الحجرات: الآية 1 و2.
وقد ورد أنّ هذه الأيات نزلت حينما حصل اختلاف فيما بين أبي بكر وبين عمر حول تأمير بعض الأشخاص من قبل النبي، فأصر أحدهما على شخص وأصر الآخر على آخر، حتى ارتفعت أصواتهما.
راجع: الدر المنثور ج6، ص 83 ـ 84 عن البخاري وابن المنذر وابن مردويه، وأسباب النزول ص 218، وصحيح البخاري ج3، ص 122، والجامع الصحيح ج5، ص387، وتفسير القرآن العظيم ج4، ص 205 ـ 206، ولباب التأويل ج4، ص 164، وفتح القدير ج5، ص 61، والجامع لأحكام القرآن ج16، ص 300 ـ 301 وغرائب القرآن [مطبوع بهامش جامع البيان] ج 26، ص 72.