و حلل الامام أبو جعفر (ع) في احاديثه حقيقة الايمان، و مراتبه، تحدث عن صفات المتقين، و نعم اللّه عليهم، و غير ذلك، و هذا بعض ما أثر عنه.
١ -حقيقة الايمان:
و حدد الامام (ع) حقيقة الايمان بقوله: «الايمان ثابت في القلوب، و اليقين خطرات، فيمر اليقين بالقلب فيصير كأنه زبر الحديد، و يخرج منه فيصير كأنه خرقة بالية. .» 1
إن الايمان إذا استقر في اعماق القلوب و دخائل النفوس فانها تكون في صلابتها كزبر الحديد فتتحمل الأهوال، و تخوض الشدائد في سبيل ما تذهب إليه، و قد كان ذلك الايمان الراسخ هو السمت البارز في سيرة الأنبياء و العظماء و المصلحين الذين قدموا أرواحهم قرابين لمبادئهم و آرائهم.
و إذا خرج اليقين من القلب فان يكون خرقة بالية قد فقد ارادته و اختياره، و صار خاليا من الشعور و الاحساس.
٢ -مراتب الايمان:
و تحدث الامام (ع) عن مراتب الايمان بقوله: «ان المؤمنين على منازل، منهم على واحدة، و منهم على اثنين، و منهم على ثلاث، و منهم على اربع، و منهم على خمس، و منهم على ست، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة اثنتين لم يقو، و على صاحب الاثنتين ثلاثا لم يقو، و على صاحب الثلاث اربعا لم يقو، و على صاحب الاربع خمسا لم يقو، و على
صاحب الخمس ستا لم يقو، و على صاحب الست سبعا لم يقو، و على هذه الدجارت.» ٢٩٨
ان مرتب اليقين و المعرفة باللّه متفاوتة كأشد ما يكون التفاوت فقد احاط اللّه تعالى بعض انبيائه علما بأسرار الكون و حقائق الوجود و ما يحدث في هذه الدنيا من الاحداث بما لم يحط به غيرهم من الأنبياء لأنهم لا يقوون على حملها، و من هذا القبيل كان الامام أمير المؤمنين (ع) الذي هو باب مدينة علم النبي (ص) و مستودع أسراره و حكمه قد احاط بعض حواريه كميثم التمار علما بما سيجري عليه من الخطوب و الكوارث من بني أمية، و اطلعه على كثير من الأسرار، و على ما سيجري في آخر الزمان في حين أنه لم يخبر بذلك عبد اللّه بن عباس و هو حبر الأمة لعلمه (ع) بعدم قدرته على تحملها.
و على مقدار الايمان كانت محن الأنبياء و المصلحين من قبل طواغيت زمانهم متفاوتة و كان أشدهم ايذاء و اعظمهم محنة النبي محمد (ص) فقد أوذي من قبل طواغيت قريش و جهالها بما لم يؤذه أي نبي من انبياء اللّه، و أوذي (ص) من بعد وفاته بعترته فقد عانت من الظلم و التنكيل ما يقصم الاصلاب و يذهل الألباب، فلم تراع حرمته (ص) في عترته فلم يمض على وفاته إلا خمسون عاما و اذا برءوس ابنائه على الحراب، و بناته سبايا من بلد الى بلد، فأي محنة و أي بلاء اعظم من هذه المحنة و هذا البلاء؟
____________
1 ) حلية الاولياء ٣ / ١٨٠ .
فى رحاب الايمان:
- الزيارات: 304