• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

(... ... سنّي ) لا جزع في إقامتها

السؤال: إلى مركز الأبحاث العقائدية : أرجو أن يكون الاستدلال عن طريق كتب أهل السنّة ، لماذا الشيعة يحيون ذكرى شهادة الحسين ؟ أليس هذا من الجزع ؟
الجواب : كأنّك تريد أن تقول : إنّ العزاء جزع ، والجزع منهي عنه ، فالعزاء منهي عنه .
وهذا الاستدلال فاسد من حيث سقوط صغراه ، وذلك : إنّ العزاء ومأتم الحسين (عليه السلام) هو عبارة عن ذكر الإمام الحسين ، وذكر فضائله ومقامه ، ثمّ العروج على واقعة الطفّ ، وإظهار الحزن وذرف الدموع عليه .
فإذا كان العزاء هو ذلك ، فنأتي إلى مفرداته ، فالمفردة الأُولى هي ذكر فضائل الحسين ، والصفات المعنوية التي تحلّى بها ، وهذا ليس فيه شيء مخالف للدين ، وليس فيه نهي ، بل هو أمر مشروع ، وطبق الموازين الشرعية ، فافتح ترجمة أي شخص دون الحسين (عليه السلام) من كتب التراجم لدى السنّة والشيعة ، تجده يبدأ بذكر فضائل المترجم له ، إن كانت له فضائل ، فهذا الذهبي تحت ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) يقول : " الإمام الشريف الكامل ، سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وريحانته في الدنيا ، ومحبوبه ، أبو عبد الله الحسين بن أمير المؤمنين ... " (1) ، ثمّ أخذ بذكر مناقبه .
وأمّا واقعة الطفّ فقد ذكرها النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وتألّما وبكيا لذكرها ، وهاك بعض الروايات الصحيحة من حيث السند حتّى على مباني السلفية ؟
عن أبي أُمامة قال : " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنسائه : " لا تُبكُّوا هذا الصبيّ " يعني حسيناً وكان يوم أُمّ سلمة ، فنزل جبرائيل (عليه السلام) فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الداخل وقال لأُمّ سلمة : " لا تدعي أحداً يدخل بيتي " ، فجاء الحسين فلمّا نظر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) في البيت ، أراد أن يدخل ، فأخذته أُمّ سلمة فاحتضنته ، وجعلت تناغيه وتسكنه ، فلمّا اشتدّ في البكاء خلّت عنه ، فدخل حتّى جلس في حجر النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فقال جبرائيل (عليه السلام) : " إنّ أُمّتك ستقتل ابنك هذا " ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): " يقتلونه وهم مؤمنون بي " ؟ قال : " نعم يقتلونه " ، فتناول جبرائيل تربة ... " (2) .
وقال الذهبي : " وإسناده حسن " (3) .
وأخرج الطبراني بسنده ورجاله ثقات في " المعجم الكبير " في ترجمة الحسين (عليه السلام) عن أُمّ سلمة قالت : " كان الحسن والحسين (رضي الله عنهما) يلعبان بين يدي النبيّ (صلى الله عليه وآله) في بيتي ، فنزل جبرائيل (عليه السلام) فقال : " يا محمّد إنّ أُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك " ، فأومأ بيده إلى الحسين ، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وضمّه إلى صدره ، ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " وديعة عندك هذه التربة " ، فشمّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقال : " ريح كرب وبلاء " .
قالت : وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " يا أُمّ سلمة إذا تحوّلت هذه التربة دماً ، فاعلمي أنّ ابني قد قتل " ، قال : فجعلتها أُمّ سلمة في قارورة ، ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم ، وتقول : إنّ يوماً تحوّلين دماً ليوم عظيم " (4) .
وأخرج الحديث غير الطبراني أيضاً (5) .
وقال الصنعاني : ( أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه ، قال : قالت أُمّ سلمة : كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) نائماً في بيتي ، فجاء حسين يدرج ، فقعدت على الباب فأمسكته مخافة أن يدخل فيوقظه ، قالت : ثمّ غفلت في شيء ، فدبّ فدخل فقعد على بطنه ، قالت : فسمعت نحيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فجئت فقلت : يا رسول الله ، والله ما علمت به ، فقال : " إنّما جاءني جبرائيل ، وهو على بطني قاعد ، فقال لي : أتحبه ؟ فقلت : نعم ، قال : إنّ أُمّتك ستقتله ، ألا أُريك التربة التي يقتل بها " ؟
قال : " قلت : بلى " .
قال : " فضرب بجناحه فأتاني بهذه التربة " .
قالت : فإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ، ويقول : " يا ليت شعري من يقتلك بعدي " ) (6) .
وأخرج الطبراني بسنده ورجاله ثقات عن أُمّ سلمة قالت : ( كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالساً ذات يوم في بيتي ، فقال : " لا يدخل عليّ أحد " فانتظرت فدخل الحسين (رضي الله عنه) ، فسمعت نشيج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبكي ، فاطلعت فإذا حسين في حجره ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) يمسح جبينه وهو يبكي ، فقلت : والله ما علمت حين دخل ، فقال : " إنّ جبرائيل (عليه السلام) كان معنا في البيت ، فقال : تحبّه ؟ فقلت : أمّا من الدنيا فنعم ، قال : إنّ أُمّتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء " ، فتناول جبرائيل (عليه السلام) من تربتها ، فأراها النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
فلمّا أُحيط بحسين حين قتل ، قال : " ما اسم هذه الأرض " ؟ قالوا : كربلاء ، قال : " صدق الله ورسوله ، أرض كرب وبلاء " ) (7) .
وأخرجه الهيثمي في " مجمع الزوائد " وقال : " رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها ثقات " (8) .
وكذلك أقام النبيّ (صلى الله عليه وآله) المأتم والعزاء على الحسين في بيت عائشة ، كما أخرجه الطبراني بسند صحيح ، وأحمد في مسنده (9) .
وأقام مأتم الحزن والبكاء عليه في بيت السيّدة فاطمة (عليها السلام) ، كما في " مقتل الخوارزمي " (10) .
وهناك الكثير من الروايات التي تشير إلى :
1-إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) بكى وحزن على الحسين (عليه السلام) ، وأقام عليه العزاء والمأتم في بيوت نسائه ، بل وأمام جمع من الصحابة ، بل وأقام له المأتم منذ أوّل يوم من ولادته ، كما أخرجه الهيثمي في مجمعه بسند صحيح وغيره (11) .
2-الأخبار الكثيرة التي تنصّ على أنّ جبرائيل (عليه السلام) أخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأنّ أُمّته ستقتل الحسين (عليه السلام) ، وجاءه بتربة من أرض كربلاء ، وأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) شمّها واستنشق منها رائحة دم ابنه الحسين الشهيد .
3-أعطى (صلى الله عليه وآله) لبعض زوجاته تربة الحسين (عليه السلام) ، وأنّها عرفت مقتله من تحوّل لون تلك التربة إلى دم عبيطاً في يوم العاشر (12) .
وعن الزهري قال : قال لي عبد الملك : أيّ واحد أنت إن أعلمتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين ؟ فقال : قلت : لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط ، فقال عبد الملك : إنّي وإيّاك في هذا الحديث لقرينان .
قال الهيثمي : " رواه الطبراني ورجاله ثقات " (13) .
وعن الزهري قال : ما رفع بالشام حجر يوم قتل الحسين بن علي إلاّ عن دم .
قال الهيثمي : " رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح " (14) .
وعن أبي قبيل قال : لمّا قتل الحسين بن علي انكسفت الشمس كسفة حتّى بدت الكواكب نصف النهار حتّى ظننّا أنّها هي .
قال الهيثمي : " رواه الطبراني وإسناده حسن " (15) .
بل نجد أوسع صور العزاء والحزن تظهر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كربلاء عند قتل الإمام الحسين (عليه السلام) ، فهذا ابن عبّاس يقول : رأيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) في المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم ينتقطه ... فقلت : ما هذا ؟
قال : " دم الحسين وأصحابه ، فلم أزل أتتبعه منذ اليوم " .
قال الهيثمي : " رواه أحمد والطبراني ورجاله أحمد رجال الصحيح " (16) .
فإذاً لا يوجد أيّ مانع شرعي من إقامة المأتم الحسيني ، بل في إقامته أسوة واقتداء بالنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، إذ هو المقيم له والقائم عليه ، كما أسلفنا من خلال الروايات الصحيحة الواردة من طرق أهل السنّة ، وعليه فتسقط المقدّمة الأُولى ، وهي كون البكاء والمأتم نوع من الجزع ، ولا يبقى لها مكان تجلس عليه ، علاوة على المناقشة في كون البكاء في المأتم ، هل هو يصدق عليه جزع أم لا ، والصحيح أنّه لا ، لكن لا مجال لبيان ذلك .


____________
1- سير أعلام النبلاء 3 / 280 .
2- المعجم الكبير 8 / 285 ، مجمع الزوائد 9 / 189 ، تاريخ مدينة دمشق 14 / 191 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 74 .
3- سير أعلام النبلاء 3 / 289 .
4- المعجم الكبير 3 / 108 .
5- تاريخ مدينة دمشق 14 / 192 ، مجمع الزوائد 9 / 189 ، تهذيب الكمال 6 / 408 ، تهذيب التهذيب 2 / 300 .
6- المنتخب من مسند الصنعاني : 443 .
7- المعجم الكبير 3 / 109 .
8- معجم الزوائد 9 / 189 .
9- المعجم الكبير 3 / 107 ، مسند أحمد 6 / 294 .
10- مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 242 .
11- مجمع الزوائد 9 / 187 .
12- المصدر السابق 9 / 189 .
13- المصدر السابق 9 / 196 .
14- المصدر السابق 9 / 196 .
15- المصدر السابق 9 / 197 .
16- المصدر السابق 9 / 193 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page