• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

٣ ـ موسى الهادي ( ١٦٩ ـ ١٧٠ ه‍ ) :

هو موسى بن محمد المهدي بن المنصور ، استبدت أمه الخيزران بالأمر في زمانه ، وأراد خلع أخيه هارون من ولاية العهد وجعلها لابنه جعفر ، فلم ترض أمه ذلك فزجرها ، فأمرت جواريها أن يقتلنه فخنقنه في النصف من ربيع الأول أو الآخر سنة ( ١٧٠ ه‍ ) (1).
موقفه من الطالبيين :
وقع الطالبيون تحت وطأة ظلم صارخ ووحشية مروعة في زمانه ، فقد ذكر المؤرخون أن الهادي ألحّ في طلب الطالبيين ، وأخافهم خوفاً شديداً ، وقطع ما كان المهدي يجريه لهم من الأرزاق والاُعطيات ، وكتب إلى الآفاق في طلبهم وحملهم ، وأسرف في سفك دمائهم ، فقتل أيام حكمه الحسين بن علي صاحب فخ وجماعة من أهله منهم : عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن ، وسليمان ابن عبد الله بن الحسن ، وضرب أعناق الأسرى صبراً ، منهم الحسن بن محمد ابن عبد الله بن الحسن.
وبلغ من حقد موسى الهادي على أهل بيت النبوة أنه كان علي بن الحسين ابن علي بن الحسين عليه‌السلام الملقب بالجزري ، قد تزوج رقية بنت عمرو العثمانية ، وكانت قبله تحت المهدي ، فبلغ ذلك الهادي ، فأرسل إليه وحمل إليه ، فقال له : أعياك النساء إلاّ امرأة أمير المؤمنين ؟ قال : ما حرم الله على خلقه إلاّ نساء جدي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أما غيرهن فلا ولا كرامة ، فشجّه بمخصرة كانت في يده ، وجلده خمسمائة سوط ، وأراده أن يطلقها فلم يفعل ، وكان قد غشى عليه من الضرب (2).
موقفه من الإمام الكاظم عليه‌السلام :
رغم قصر مدة حكم الهادي العباسي التي لا تتجاوز سنة وشهراً ، فقد صمّم بعد مقتل الحسين صاحب فخ على التنكيل بالإمام الكاظم عليه‌السلام ، فاتّهمه بخروج الحسين وتوعده بالقتل ، لولا توجّه الإمام عليه‌السلام إلى الله تعالى بالدعاء للخلاص من شرّه وظلمه ، فاستجاب الله دعاءه وقصم ظهر الهادي الغشوم قبل أن ينال الإمام بسوء.
روى ابن طاوس بالإسناد عن أبي الوضاح محمد بن عبد الله النهشلي ، قال : « أخبرني أبي ، قال : لما قُتل صاحب فخ وتفرّق الناس عنه ، حمل رأسه والأسرى من أصحابه إلى موسى الهادي ...ثم أمر برجل من الأسرى فوبّخه ثم قتله ، ثم صنع مثل ذلك بجماعة من ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ... إلى أن ذكر موسى بن جعفر عليهما‌السلام فنال منه. وقال : والله ما خرج حسين إلاّ عن أمره ، ولا اتبع إلاّ محبّته ، لأنه صاحب الوصية في أهل هذا البيت ، قتلني الله إن أبقيت عليه. فقال له أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ، وكان جريئاً عليه : يا أمير المؤمنين ، أقول أم أسكت ؟ فقال : قتلني الله إن عفوت عن موسى بن جعفر ، ولولا ما سمعته من المهدي فيما أخبر به المنصور بما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعلمه وفضله ، وما بلغني من السفاح فيه من تقريظه وتفضيله ، لنبشت قبره وأحرقته بالنار إحراقاً.
فقال أبو يوسف : نساؤه طوالق ، وعتق جميع ما يملك من الرقيق ، وتصدّق بجميع ما يملك من المال ، وحبس دوابه ، وعليه المشي إلى بيت الله الحرام ، إن كان مذهب موسى بن جعفر الخروج ، لا يذهب إليه ، ولا مذهب أحد من ولده ، ولا ينبغي أن يكون هذا منهم ، .... ولم يزل يرفق به حتى سكن غضبه.
قال : وكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام بصورة الأمر ، فورد الكتاب إليه ، فأشار عليه أصحابه أن يغيب شخصه عن هذا الجبار لأنه لا يؤمن شره وعاديته وغشمه ، فتبسم موسى عليه‌السلام ثم تمثل ببيت كعب بن مالك أخي بني سلمة وهو :
زعمت سخينة أن ستغلب ربها
فليغلبن مغالب الغلاب (3)
ثم أقبل على من حضره من مواليه وأهل بيته فقال : ليفرخ روعكم ، انه لا يرد أول كتاب من العراق إلاّ بموت موسى بن المهدي وهلاكه إلى أن قال : وقال : بينما أنا جالس في مصلاي بعد فراغي من وردي ، وقد تنومت عيناي ، إذ سنح جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامي ، فشكوت إليه موسى بن المهدي ، وذكرت ما جرى منه في أهل بيته ، وأنا مشفق من غوائله ، فقال لي : لتطب نفسك يا موسى ، فما جعل الله لموسى عليك سبيلاً ، فبينما هو يحدثني إذ أخذ بيدي وقال لي : قد أهلك الله آنفاً عدوك ، فليحسن لله شكرك.
قال : ثم استقبل أبو الحسن عليه‌السلام القبلة ورفع يديه إلى السماء يدعو ، قال : فسمعناه وهو يقول في دعائه : شكراً لله جلت عظمته ، إلهي كم من عدو انتضى علي سيف عداوته... إلى آخر الدعاء ـ وهو دعاء طويل جليل المضامين ، يسمى دعاء الجوشن الصغير.
وفي ذلك يقول بعض من حضر موسى بن جعفر عليهما‌السلام من أهل بيته يصف تلك الدعوة وسرعة إجابتها :
وسارية لم تسرِ في الأرض تبتغي
محلاً ولم يقطع بها العبد قاطع
تمرّ وراء الليل والليل ضارب
بجثمانه فيه سمير وهاجع
تفتح أبواب السماء ودونها
إذا قرع الأبواب منهن قارع
إذا وردت لم يردد الله وفدها
على أهلها والله راءٍ وسامع
واني لأرجو الله حتى كأنما
أرى بجميل الظن ما الله صانع » (4)
__________________
(1) الأعلام / الزركلي ٧ : ٣٢٧.
(2) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٤ ، مقاتل الطالبيين : ٢٨٨.
(3) البيت لكعب بن مالك ، وقيل : لحسان بن ثابت ، وسخينة : لقب قريش ، لأنها كانت تعاب بأكل السخينة ، وهي طعام يتخذ من الدقيق ، يأكلونه أيام القحط.
٥٣
(4) مهج الدعوات / ابن طاوس : ٢١٧ ، والحديث في عيون أخبار الرضا ١ : ٧٩ / ٧ ، أمالي الصدوق : ٤٥٩ / ٦١٢ ، أمالي الطوسي : ٤٢١ / ٩٤٤.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page