السؤال : يقول مخالفوا أهل البيت : بأنّ الشيعة مشركون ؛ لأنّهم يدعون من غير الله ، ويطلبون حوائجهم من أئمّتهم ، فما هو الجواب ؟
الجواب : إنّ الدعاء في مراقد أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، وطلب قضاء الحاجة منهم ، يتصوّر على نحوين :
1ـ تارة نطلب من الله بحقّهم (عليهم السلام) أن يقضي حوائجنا .
2ـ وتارة نطلب من الإمام (عليه السلام) أن يطلب من الله قضاء حوائجنا .
قال الله تعالى في كتابه الكريم : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } (1) .
وقال تعالى حكاية عن أولاد يعقوب (عليه السلام) : { قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (2) .
وربما قائل يقول : إنّ هذا جائز في حال الحياة ، أمّا بعد الممات فلا ، لكونه شركاً بالله تعالى .
فيقال : إنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه ، وإذا كان جائزاً فلا فرق سواء كان في حياته أو بعد مماته ، إذ أنّ النبيّ أتاه الله الدرجة الرفيعة ، وهو الوسيلة إلى الله في الدنيا والآخرة ، فلا بدع لو توسّل به المؤمن في كلّ يوم وقال : يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله .
وروي عن عثمان بن حنيف أنّه قال : ( أنّ رجلاً ضريراً أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال : أدع الله أن يعافيني ، فقال (صلى الله عليه وآله) : ( إن شئتَ دعوتُ لك ، وإن شئتَ أخّرت ذاك فهو خير ) ، قال : فادعه ، فأمره (صلى الله عليه وآله) أن يتوضّأ فيحسن وضوءه ويصلّي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء :
( اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة ، يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي في حاجتي هذه فتُقضى لي ، اللهم شفّعه فيّ ) .
قال ابن حنيف : فو الله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث ، حتّى دخل علينا كأن لم يكن به ضرر ) (3) .
وقال الرفاعي الوهابيّ المعاصر : ( لاشكّ أنّ هذا الحديث صحيح ومشهور ، وقد ثبت فيه بلا شكّ ولا ريب ارتداد بصر الأعمى بدعاء رسول الله ) .
وروي عن عمر بن الخطّاب ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : ( لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي ... ) (4) .
هذا ، وقد جرت سيرة المسلمين في حياة النبيّ وبعد وفاته (صلى الله عليه وآله) على التوسّل به وبالأولياء الصالحين (عليهم السلام) ، والاستشفاع بمنزلتهم وجاههم عند الله تعالى .
____________
1- النساء : 64 .
2- يوسف : 97 ـ 98 .
3- مسند أحمد 4 / 138 ، المستدرك 1 / 313 و 519 و 526 ، السنن الكبرى للنسائيّ 6 / 169 ، صحيح ابن خزيمة 2 / 226 ، العهود المحمّدية : 112
، تاريخ مدينة دمشق 6 / 24 ، تهذيب الكمال 19 / 359 ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 322 ، دفع الشبه عن الرسول : 149 .
4- المستدرك 2 / 615 ، كنز العمّال 11 / 455 ، تاريخ مدينة دمشق 7 / 437 ، البداية والنهاية 1 / 91 و 2 / 393 ، السيرة النبويّة لابن كثير 1 / 320 ، دفع الشبه عن الرسول : 137 ، سبل الهدى والرشاد 1 / 85 و 12 / 403 ، الدرّ المنثور 1 / 58 .
( حسن رضائي . ... . ... ) في مراقد الأئمّة
- الزيارات: 261