تعقيباً على سؤال الأخ الذي أجبتم عليه ، أقول : إبليس كان يعبد الله ، وأكرمه الله ورفعه إلى السماء ، وحين عصا ولم يسجد لآدم غضب عليه الرحمن وأنزله ، فما المانع أن يكون الصحابة هكذا .
ونذكر لك أبسط الأُمور :
إنّهم تخلّفوا عن جيش أُسامة ، وأيضاً قولـه تعالى : { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ... إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا باللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } (1) .
ويلحق بهم المؤلّفة قلوبهم من الصحابة ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعطيهم الأموال ليتألفهم على الإسلام ، ومنهم أبو سفيان وأولاده (2) ، ومع هذا كُلّه ، وتقولون : كُلّهم عدول ؟
وأيضاً الآية : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ } (3) ، روي عن عبد الله بن عباس أنّها نزلت في علي والوليد ، والمراد بالفاسق هو الوليد بن عقبة (4) .
وأيضاً الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين } (5) .
وسبب نزولها : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث الوليد بن عقبة لجمع صدقات بني المصطلق ، فلمّا شارف ديارهم ركبوا مستقبلين لـه فحسبهم مقاتليه ، فرجع لرسول الله(صلى الله عليه وآله) وقال لـه : إنّهم قد ارتدّوا ومنعوا الزكاة ، فجاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبروه بعدم صحّة قول الوليد ، فنزلت الآية .
وهي محلّ اتّفاق بين المفسّرين والمؤرّخين في نزولها في الوليد بن عقبة ، وفي تسميته فاسقاً ... (6) .
____________
1- الحجرات : 14 ـ 15 .
2- سير أعلام النبلاء 2 / 106.
3- السجدة : 18 .
4- نظم درر السمطين : 92 ، شواهد التنزيل 1 / 573 ، الجامع لأحكام القرآن 14 / 105 ، جواهر المطالب 1 / 220 ، ينابيع المودّة 2 / 176 .
5- الحجرات : 6 .
6- السنن الكبرى للبيهقي 9 / 55 ، مجمع الزوائد 7 / 109 ، الآحاد والمثاني 4 / 310 ، المعجم الكبير 3 / 275 و 23 / 401 ، أحكام القرآن للجصّاص 3 / 529 ، أسباب نزول الآيات : 262 ، زاد المسير 7 / 180 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 223 ، الدرّ المنثور 6 / 88 ، فتح القدير 5 / 60 ، تاريخ مدينة دمشق 63 / 230 ، أُسد الغابة 5 / 90 ، تهذيب الكمال 31 / 56 ، تهذيب التهذيب 11 / 126 ، الإصابة 1 / 674 و 6 / 481 ، البداية والنهاية 8 / 234 ، جواهر المطالب 2 / 225 .
( أبو القاسم . البحرين . 21 سنة ) تعقيب على الجواب السابق
- الزيارات: 241