السؤال : أشكرك أخي على ردّك عليّ ، ولكن ألا ترى أنّ الغوص في الصحابة والحكم عليهم ليس من شأننا نحن ، وحسابهم عند الله ، هو خالقهم وإليه يرجعون ، ولك منّي جزيل الشكر.
الجواب : نحن نتّفق معك تمام الاتفاق أنّ البحث في أمر لا يعني المسلم في شيء من أُمور دينه ودنياه هو مضيعة للوقت وهدر للطاقات ، ولكن المشكلة الأساسية في موضوع البحث عن واقع الصحابة ، وما كانوا عليه في حياة النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) وبعده يرتبط ارتباطاً مباشراً بالكثير من القضايا التي تهمّ عقيدة المسلم ، وتفاصيل فروع دينه ، الأمر الذي يدفع للبحث والتنقيب في الموضوع بكُلّ جدّية .
وأنت تعلم علم اليقين أنّ رواة السنّة وأحاديث النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) التي تمثّل العمود الفقري لديننا الحنيف ـ وهي المبيّنة للكتاب الكريم ـ هم من الصحابة ، والعقل والشرع يأمرنا أن لا نأخذ بكُلّ حديث يرويه أيّ كان من الناس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلاّ من كان ثقة مأموناً على نقل الخبر الصحيح إلى أهله ، وإلاّ لو قبلنا نقل أيّ كان من الناس لحديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) حتّى ولو كان فاسقاً ، بدون فحص وتمحيص فقد هلكنا وأهلكنا ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين } (1) .
وقد ثبت في القرآن الكريم (2) ، وأيضاً في النقل الصحيح عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ـ كما في أحاديث الحوض وغيرها ـ أنّ هناك انحرافاً واضحاً وبيّناً قد حصل عند الصحابة عن الدين القويم ، الأمر الذي يدعونا للبحث والتنقيب في الموضوع بشكل موضوعي نستطيع فيه معرفة الغثّ من السمين في هذا الموضوع الحسّاس والمهمّ ، كي نضمن سلامة ديننا والتوقّف عن أخذ الدين عن كُلّ من هبّ ودبّ من الناس ، والذين لا يمكن الاطمئنان إليهم في نقل الشريعة المقدّسة إلى المسلمين ، وقد ورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) الحثّ والدعوة إلى التدقيق والتحقيق بما لا مزيد عليه .
فالبحث في موضوع الصحابة وشؤونهم لا يخدمنا إلاّ بما لـه علاقة بنقلهم لأحاديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وتبيان حقيقة المؤمن من الفاسق ، أو المنافق منهم لأجل ذلك فقط ، إذ لا يستقيم جعل المنافقين والمؤمنين من الصحابة في عرض واحد ، وقد أخبر الله سبحانه بآية محكمة : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } (3) .
فالله سبحانه لا يريد في هذه الآية الحديث عن اليهود أو النصارى ، فأُولئك يُطلق عليهم الكفّار ، أو أهل الكتاب ، أو الحديث عن المشركين ، إنّما أراد الحديث عن المسلمين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، وهو معنى النفاق ، وهؤلاء كانوا من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
__________
1- الحجرات : 6 .
2- أُنظر : سورة التوبة : 101 ـ 107 .
3- التوبة : 100 .
( حسن . السعودية . سنّي . 27 سنة . طالب جامعة ) نبحث حولهم لضمان سلامة ديننا
- الزيارات: 412