• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( ... . ... . سنّي ) لا غلوّ في حبّ علي وما قاله

السؤال : أُودّ أن أفهم مدى الغلوّ في الإمام علي ؟ وكيف أنّ الإمام علي روح من الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ وكيف أنّ الإمام علي (كرّم الله وجه) قال : " أنا عبد من عبيد الرسول "؟
الجواب : نودّ إعلامك : أنّ الغلوّ بمعنى تجاوز الشيء حدّه ، لذا نهي عن الغلوّ في قولـه تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحقّ } (1) ، لأنّ النصارى قالوا : إنّ المسيح ابن الله ، وهذا غلوّ في حقّ عيسى كونه ابن الله ، وغلوّ في حقّ الله تعالى لأنّهم نسبوا لـه ولداً ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً .
ثمّ إذا كان قصدك من الغلوّ في الإمام علي (عليه السلام) هو الحبّ الذي تكنّه الشيعة لـه ، فهذا لا يعدّ غلوّاً ، فإنّ الشيعة قد تبعت بذلك الله تعالى ورسوله ، ولم تتجاوز ذلك أبداً ، ففي حديث الراية ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ، يفتح الله عليه " ، فإذا نحن بعليٍ وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ففتح الله عليه (2) .
وعن عوف بن أبي عثمان النهدي قال : قال رجل لسلمان : ما أشدّ حبّك لعلي! قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني " (3) .
وهكذا ورد في علي بن أبي طالب كُلّ خير ، وفي موالاته كُلّ نجاة ، فهل حبّه الذي فرضه النبيّ (صلى الله عليه وآله) علينا يعدّ غلوّاً وتجاوزاً ، أعيذك بالله أن تجعل ما فعله النبيّ (صلى الله عليه وآله) غلوّاً وغير الحقّ ، وهكذا هو تعاملنا مع علي (عليه السلام) لا يتجاوز ما أمرنا النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حبّه وولايته .
وأيضاً في قولـه تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } (4) فعن ابن عباس قال : { وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ } يعني يحبّ الله ، { وَرَسُولَهُ } يعني محمّداً ، { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } يعني ويحبّ علي بن أبي طالب ، { فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } يعني شيعة الله ، وشيعة محمّد ، وشيعة علي هم الغالبون ، يعني العالون على جميع العباد ، الظاهرون على المخالفين لهم .
قال ابن عباس : فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ، ثمّ ثنّى بمحمّد ، ثمّ ثلّث بعلي ، ثمّ قال : فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " رحم الله علياً ، اللهم أدر الحقّ معه حيث دار " .
قال ابن مؤمن ـ من علماء أهل السنّة ـ : " لا خلاف بين المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي " (5) .
فإذا كان الأمر في علي هكذا ، فهل هذا غلوّ ؟ وهل تقول الشيعة غير هذا في علي (عليه السلام) ، فهذه مرويّات أهل السنّة تؤكّد ما تذهب إليه الشيعة ، وما تعتقده في علي ، فهل هذا يعدّ غلوّاً فيه ؟!
وما ذكرته من السؤال : كيف أنّ الإمام علي (عليه السلام) روح من الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ فإنا نؤكّد أنّ المقصود من الروح في سؤالك تعني به إمّا قبل الخلقة ، وإمّا بعد الخلقة :
أمّا قبل الخلقة : فإنّ حديث النورانية يؤكّد أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) كانا نوراً واحداً ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور إلى جزئين ، فجزء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجزء علي (عليه السلام) ، وهذا الحديث قد تواتر عند علماء أهل السنّة ، كما تواتر عند علماء الشيعة ، فعن سلمان المحمّدي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : " كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى ، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزأين ، فجزء أنا ، وجزء علي بن أبي طالب " (6) .
هذا بعض ما رواه علماء أهل السنّة في أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) كانا نوراً واحداً ، ثمّ قسّم إلى نورين : أحدهما النبيّ (صلى الله عليه وآله) والآخر علي (عليه السلام) ، ممّا يعني أنّهما روح واحدة في أصل خلقتهما ، وهي ما تعنيه أحاديث النور الواحد الآنفة الذكر .
أمّا بعد الخلقة : فإنّ القرآن قد نصّ على ذلك في قولـه تعالى : { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } (7) ، فعن جابر : { وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } رسول الله وعلي ، { أَبْنَاءنَا } الحسن والحسين ، { وَنِسَاءنَا } فاطمة (8) .
وعن ابن عباس قال : نزلت في رسول الله وعلي { وَأَنفُسَنَا } (9) ، وقال الشعبي : { وَأَنفُسَنَا } علي بن أبي طالب (10) .
والخطاب كان موجّهاً من النبيّ (صلى الله عليه وآله) للنصارى بقولـه : { وَأَنفُسَنَا } ، يعني نفس النبيّ الذي هو علي ، لأنّ الضمير " نا " وهو ضمير المتكلّم يرجع إلى علي ، فعلي (عليه السلام) نفس النبيّ (صلى الله عليه وآله) بمقتضى سياق الآية .
هذا ما أمكننا ذكره في هذه العجالة ، ومنه ثبت أنّ علياً نفس النبيّ ، أي روحه كما عبّرت في سؤالك .
وعن حبشي بن جنادة السلولي قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي " (11) .
وقولـه (صلى الله عليه وآله) : " علي منّي وأنا منه " يعني أنّ " من " التي تفيد التبعيض ، تؤكّد أنّ علياً من النبيّ ، أي امتداد لـه وهو نفسه ، وليس في ذلك دعوى تدّعيها الشيعة دون ما تستند إلى نصوصٍ صريحة صحيحة .
على أنّ كلامنا هذا يؤكّده أبو بكر في حقّ علي (عليه السلام) ومنزلته ، فعن ابن السمّاك : أنّ أبا بكر قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : " لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب لـه علي الجواز " (12) .
أمّا قولك : إنّ علياً (عليه السلام) قال : " أنا عبد من عبيد الرسول " ، فهذا لا ينافي عبودية علي لله تعالى ، فعلي عبد لله ، ورسول الله عبد لله تعالى ، ومعنى قولـه: " أنا عبد من عبيد محمّد " ، يعني أنا تابع من أتباعه ، ومطيع لـه ، وهو بمعنى قولك : إنّ زيد عبد لعمرو ، أي أنّ عمرو لـه حقّ الطاعة على زيد ، ولا يعني أن تريد يعبد عمرواً ، فالعبد هنا تابع لسيّده ومطيع لـه ، وهذا منتهى إخلاص علي للنبي (صلى الله عليه وآله) ، فهو يقرّ لـه بالطاعة والاتباع ، وليس كما تتصوّر أنّ ذلك يعني العبودية المطلقة ، فالعبودية المطلقة لله تعالى وحده لا يشاركه فيه أحد ، ومن قال خلاف ذلك فهو كافر مشرك .


____________
1- المائدة : 77 .
2- فضائل الصحابة : 15 ، مسند أحمد 5 / 333 ، صحيح البخاري 4 / 20 و 207 و 5 / 76 ، السنن الكبرى للبيهقي 6 / 362 ، مجمع الزوائد 6 / 150 ، مسند أبي داود : 320 ، كتاب السنّة : 594 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 46 و 108 و 173 ، خصائص أمير المؤمنين : 49 و 56 و 61 ، المعجم الكبير 7 / 31 و 18 / 237 ، دلائل النبوّة : 124 ، شرح نهج البلاغة 11 / 234 و 13 / 186 ، نظم درر السمطين : 98 ، كنز العمّال 10 / 468 و 13 / 162 ، فيض القدير 6 / 465 ، شواهد التنزيل 2 / 36 ، الثقات 2 / 12 و 267 ، الكامل في التاريخ 5 / 52 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 82 و 88 و 97 و 118 و 123 ، تهذيب الكمال 20 / 485 ، تهذيب التهذيب 7 / 296 ، الإصابة 4 / 466 ، أنساب الأشراف : 93 ، الجوهرة : 68 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 56 ، البداية والنهاية 4 / 211 و 7 / 251 و 372 ، السيرة النبوية لابن هشام 3 / 797 ، المناقب : 108 و 170 و 199 ، السيرة النبوية لابن كثير 3 / 351 ، سبل الهدى والرشاد 2 / 32 و 10 / 62 ، ينابيع المودّة 1 / 153 و 2 / 231 و 390 ، النهاية في غريب الحديث 2 / 140 ، لسان العرب 10 / 430 و 14 / 352 ، تاج العروس 7 / 133 .
3- المستدرك على الصحيحين 3 / 130 ، المناقب : 70 .
4- المائدة : 56 .
5- شواهد التنزيل 1 / 246 .
6- نظم درر السمطين : 7 و 79 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 67 ، جواهر المطالب 1 / 61 ، ينابيع المودّة 1 / 47 و 2 / 307 ، شرح نهج البلاغة 9 / 171 ، المناقب : 145 ، الرياض النضرة 3 / 103 .
7- آل عمران : 61 .
8- الدرّ المنثور 2 / 39 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 379 .
9- شواهد التنزيل 1 / 160 .
10- أسباب نزول الآيات : 68 .
11- فضائل الصحابة : 15 ، تحفة الأحوذي 10 / 152 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 495 ، الآحاد والمثاني 3 / 183 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 45 و 128 ، خصائص أمير المؤمنين : 90 ، المعجم الكبير 4 / 16 ، نظم درر السمطين : 79 ، الجامع الصغير 2 / 177 ، كنز العمّال 11 / 603 ، كشف الخفاء 1 / 205 ، شواهد التنزيل 1 / 319 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 345 ، تهذيب الكمال 5 / 350 ، سير أعلام النبلاء 8 / 212 ، الجوهرة : 63 ، البداية والنهاية 5 / 232 و 7 / 394 ، ينابيع المودّة 2 / 78 و 96 و 3 / 143 ، الصواعق المحرقة 2 / 356 .
12- ذخائر العقبى : 71 ، ينابيع المودّة 2 / 404 و 3 / 230 ، الصواعق المحرقة 2 / 369 ، الرياض النضرة 3 / 118 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page