السؤال : هناك كثير من يقول أنّه لا يمكن معرفة الحقّ مطلقاً ، أي ليس هناك مثلاً قانون صحيح مطلقاً ، ولكن صحيح إلى درجة ، كيف يمكن الردّ على هذا ؟ أرجو الإجابة ، وأشكركم جزيل الشكر .
الجواب : ينبغي ملاحظة أُمور :
أوّلاً : إنّ الدليل العقلي غير قابل للتخصيص من دون دليل آخر ، فالدليل العقلي هو بنفسه يتولّى تعيين حوزة شموله .
وبعبارة واضحة : كُلّ ما يثبته أو ينفيه العقل ، يأتي بكُلّ قيوده وسعة دلالته .
وثانياً : الحكم على صحّة أو فساد أمر هو قانون عقلي ، يجب فيه اتباع حكم العقل ؛ فالعقل هو الذي يتكفّل إعطاء نسبة الصحّة أو الفساد لكُلّ قضية وموضوع .
ثالثاً : المقصود من الحقّ المطلق هو الأمر الذي يعتبره العقل من البديهيات والأوّليات ، بحيث يكون العلم به ضرورياً ، فلا يرى احتمال الخلاف فيه جائزاً .
نعم ، إنّ لم تصل معرفة العقل لقانون أو قاعدةٍ إلى هذا المستوى ، فقد يرى اشتمال العلم به مع احتمالات أُخرى قد تتناقض مع ذلك العلم .
وعلى سبيل المثال : يجزم العقل باستحالة اجتماع النقيضين ، ولا يرى مجالاً لأي احتمال مخالف لهذا الحكم القطعي ، وحتّى أنّه يرى هذا الحكم مستقلاً عن أيّ قيد وشرط ، فلا يختصّ بزمان أو مكان ، أو أيّة خصوصية أُخرى .
ثمّ في فرض هذا الحكم ، كيف يعقل أن يحتمل تخصيص هذا القانون والحكم المقطوع به ، أو تقليل نسبة الصحّة فيه .
وباختصار : فإمّا نقطع بقانون أو قاعدة ـ بالدقّة العقلية لا العرفية ـ فهذا لا يجتمع مع احتمال الخلاف فيه ، إذ أنّ الاحتمالات المناقضة هي قضايا لابدّ أن تكون صادرة من العقل ، والعقل يأبى أن يقطع بشيء ويحتمل خلافه .
نعم حدود هذه الأحكام والقوانين العقلية البحتة قد تكون مضيّقة ، ولكن لا ينكر وجود هكذا قواعد مسلّمة عند العقل غير قابلة للنقاش لضرورتها وبداهتها .
( رضا ـ بريطانيا ـ 18 سنة ـ طالب ) معرفة الحقّ من خلال قواعد عقلية
- الزيارات: 301