• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ما يترتب على هذا الأصل (3)

ويترتب على هذا الأصل أمور :
1- إذا كانت الشريعة الإسلامية شريعة خاتمة وكتابه كتابا خاتما، ونبوته نبوة خاتمة، وإذا كان باب الوحي ونزول الشرائع من السماء إلى الأرض قد أغلق بوفاة رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم وهو كذلك يقينا، وإذا كان ليس للبشرية شريعة إلا هذه الشريعة إلى يوم القيامة فيجب أن تتمتع هذه الشريعة بمرونة خاصة حتى يتقبلها جميع شعوب العالم بيسر، ورغبة، ومن المرونة هذه، أن لا يخالف الإسلام تقاليد الشعوب وآدابها، ولا يعارض أعرافها ومواضعاتها، إذا لم يكن فيها حرام بالذات، وإذا لم يقوموا بها بما أنها مأمور بها من جانب الله سبحانه، وبما أنها من الدين، وإنما يقومون بها كرمز أصالتهم وحضارتهم وشارة سلفهم مع كونه غير محرم. ونؤكد مرة أخرى أن هذه المراسم والأعمال إنما لا يعارضها الإسلام إذا لم تكن أمورا محرمة بالذات، أو لم يقارنها حرام كاختلاط النساء بالرجال، أو الاستعانة بالآلات المحرمة إلى غير ذلك. وإنما تفشى الإسلام بين الشعوب وانتشر بين الأمم بسرعة هائلة، لأجل أنه لم يعارض أعرافهم المحللة المعقولة، ولم يخالفها، وإنما اكتفى بأن طالبهم بالإيمان بأصوله وفروعه والإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات، وإصلاح الأخلاق.
2- الاحتفال بمواليد الأنبياء والأئمة والصالحين الذين لهج الكتاب والسنة بمدحهم، وفضلهم من هذا الأعراف والمراسم التي لا يعارضها الإسلام، فليس لنا رميها بصفة البدعة لما عرفت من أن البدعة هو العمل الذي لم يرد بشأنه نص في الكتاب والسنة، ويؤتى به على أساس أنه من الدين. فقد أمر الكتاب والسنة بحب النبي ووده أولا، وتوقيره وتكريمه ثانيا وحث عليهما في الشريعة وستتعرف على دلائل لزوم حبه كما ستتعرف على لزوم تكريمه وتوقيره. وعلى ذلك فلو احتفل المسلمون منذ قرون ولا يعلم مبدأ تلك الاحتفالات إلا الله سبحانه، فإنهم لم يريدوا بفعلهم ذلك أن يدخلوا في الدين ما ليس منه بل أرادوا أن يعبروا عن حبهم ووفائهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويجسدوا توقيرهم وتكرمهم له. وبذلك تقف على قيمة قول الكاتب المعاصر محمد حامد الفقي حين يقول في تعاليقه على فتح المجيد: الذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم (1) وكيف أنه قد تجافى عن الحقيقة في قولته هذه. فقد عرفت أن الوارد في الأدلة هو الأصول، وأما الصور والأشكال فموكولة إلى الأزمنة واختلاف الحضارات والأعراف، وهو أمر جار في مسألة الاحتفال بمواليد الأنبياء والأئمة الكرام، فإن الكتاب والسنة حث على أصل الحب والمودة لهم وترك بيان نوعية التعبير عن هذه المودة والحب، ليقوم كل بإظهار هذا الحب والود، والقيام بهذا التوقير والتعزير بطريقته المتبعة ما لم يكن العمل الذي يقوم في هذا المضمار حراما بذاته أو مقرونا بأمر حرام. والعجب أن نسمع بعض الإذاعات - رغم وضوح هذا الأصل - وهي تنقل أحاديث بعض العلماء وهم يهاجمون الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويشجبونه، لا بما أنه يشتمل على محرم أو منكر، بل لعد نفس العمل بدعة فتنتابنا الدهشة كيف لا يفرق هؤلاء بين البدعة و السنة ، وهل التظاهر بمحبة النبي، وإيداء مودته في ممارسات مباحة ذاتا بدعة؟! أو أن توقيره وتكريمه وترفيعه إثم، وقد حث عليهما الكتاب والسنة؟ وبعبارة واضحة:
إن ما يقوم به المسلمون في مولد النبي الأكرم إنما هو تجسيد لأصلين دعا إليهما الذكر الحكيم:
1- حب النبي ومودته التي ستقف على آياتها وأحاديثها مستقبلا، في هذا الكتاب.
2- تعزيره وتوقيره وتكريمه الذي دل عليه قوله سبحانه: *(... فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)*(2) وقد فسر التعزير، بالتكريم والتوقير. والعمل الذي له أصل في الكتاب والسنة، لا يعد بدعة وإن أتي به باسم الدين، لأنه لم يدخل فيه شيئا ليس فيه، أما الأصل فموجود، وأما الصورة فهي متروكة لكل عصر حسب متطلباته. فما معنى عد هذه الاحتفالات التي هي تجسيدصادق للأصول الكلية الواردة، في الكتاب والسنة من البدعة؟
أوليست البدعة هي أن يؤتى بشيء باسم الشرع وليس هو من الشرع؟ أوليس القرآن والسنة قد حثا على حب النبي كما ستعرف ذلك على نحو التفصيل؟ أوليس القرآن يقول: *(ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)*(3). أوليس القرآن يقول: *(... فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون)*(4). أوليس الاحتفال تجسيدا للحب والود، أو للتعزير الذي هو بمعنى التكريم والتوقير؟! ألا تكفي هذه الأوامر الكلية. وهل ينتظر الذين يهاجمون هذه الاحتفالات بحجة أنها بدعة ويتوقعون أن ينص الشرع على جميع المصاديق والجزئيات للمفاهيم الكلية؟ أليست وظيفة الشرع هي إلقاء الأصول وعلى المسلمين أن يقوموا بالتطبيقات؟ الله الله... لا تشددوا على المسلمين... ولا تعسروا عليهم في الدين... قللوا من تكرار هذه الكلمة بدعة... بدعة قللوا من الازدراء بالمسلمين، وأكثروا فهم دينكم وجالسوا العلماء كيما تعلموا.
3 - إن المحافظة على آثار رسول الإسلام وعترته الطاهرة وما يمت إليهم بصلة ليس بدعة في الشريعة فإن الشريعة الإسلامية أمرت بحب النبي، ومودته، وللحب والود مظاهر، وتجسيدات، وحفظ المراقد وتنظيفها، والمحافظة على الآثار وصيانتها من الاندثار وما شابه ذلك تندرج تحت نطاق الحب والتكريم، وتعد مظاهر له بإتفاق كل العقلاء.
4 - إن اجتماع قادة الشعوب وزعماء البلاد في موسم الحج، واستعراض المشاكل الإسلامية ومدارستها، واتخاذ القرارات الضامنة لمصلحة المسلمين ليس بدعة في الدين بل هو تحقيق لغرض الحج، أوليس القرآن الكريم يقول: *(جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس)*(5).
يعني أن الكعبة المشرفة، وموسم الحج، جعلت قياما للناس تقيم حياتهم وتضمن مصالح الأمة الإسلامية وما يقيم حياتهم وكيانهم، وأي شيء يقيم حياتهم أفضل من العمل السياسي والتداول في قضايا الأمة، ومعالجتها بالتفكير والتخطيط والتنسيق؟ كيف لا وهذا التاريخ ينقل لنا أن قادة الإسلام وزعماءه من الصحابة والتابعين مارسوا العمل السياسي والحكومي والاجتماعي أثناء موسم الحج. فهذا هو الخليفة الثالث عثمان بن عفان يحاسب عماله في الحج، ويتخذ حتى غير المسلمين من موسم الحج وأيامه فرصة لعرض ظلامتهم عليه في ذلك الموسم (6). وهذا هو الإمام سيد الشهداء الحسين بن علي - عليه السلام - يطرح في موسم الحج مشاكل الأمة ويدعوا علماءها إلى النهوض بمسؤولياتهم(7).
بل لو اقتضى الأمر أن يظهر المسلمون قوتهم المادية، وقدرتهم الشكلية إرهابا للعدو وتخويفا للطامع فيهم، وذلك بإخراج مسيرات وتظاهرات استنكارية على هامش الحج كان ذلك جائزا بل لازما كما فعل رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم لما أمر أصحابه في عمرة القضاء بالرملان والهرولة في الطواف ليري المشركين قوتهم وجلدهم (8).
**************************************
(1) فتح المجيد: 154. والكاتب المذكور وهابي النزعة.
(2) الأعراف: 157.
(3) المائدة: 56.
(4) الأعراف: 157.
(5) المائدة: 97.
(6) راجع العبادة في الإسلام للأستاذ يوسف القرضاوي.
(7) الإحتجاج للطبرسي: 19.
(8) راجع صحيح البخاري كتاب الحج، والنهاية في غريب الأثر لابن الأثير مادة (رمل).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page