• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مكانة النبي وعلو كعبه عند ربه

وقد شرف الله تعالى نبيه بأسمى آيات التشريف، وكرمه بأكمل وأعلى آيات التكريم، فأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، فذكر منزلته منه جل شأنه حيا وميتا في قوله تعالى: *(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنواصلوا عليه وسلموا تسليما)*(1). فأي تشريف أرفع وأعظم من صلاته سبحانه وتعالى هو وملائكته عليه؟ وأي تكريم أسمى بعد ذلك من دعوة عباده وأمره لهم بالصلاة والسلام عليه؟
ولم يقف تقدير الله تعالى عند هذا التقدير الرائع بل هناك ما يدعو إلى الإعجاب ويلفت الأنظار إلى تعظيم على جانب من الأهمية. ألم تر في قوله تعالى: *(لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون)*(2) ما يأخذ بالألباب ويدهش العقول فقد أقسم سبحانه وتعالى بحياة نبيه في هذه الآية، وما سمعت أنه تعالى أقسم بحياة أحد غيره. والقرآن الكريم تفيض آياته بسمو مقامه، وتوحي بعلو قدره وجميل ذكره، فقد جعل طاعته طاعة له سبحانه إذ قال: *(من يطع الرسول فقد أطاع الله)*. وعلق حبه تعالى لعباده على اتباعه فيما بعث به وأرسل للعالمين إذ يقول سبحانه: *(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)*(3). ومما يدل على مبلغ تقديره ومدى محبة الله وتشريفه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى: *(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه...)*(4). وقد قال علي - عليه السلام: لم يبعث الله نبيا من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد، لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ويأخذ العهد. وتتحدث آية أخرى عن مدى ذلك التقدير والجلال فتقول: *(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)*(5). إن هذه الآية في روعتها لتتكلم بأجلى بيان عن أروع ما يتصوره بشر في هذه الحياة من عظمة وإكبار وتقدير لذاته صلى الله عليه وآله وسلم وتعبر عن الموهبة الربانية والعطية الإلهية التي لم يتمتع بها نبي ولا رسول قبله. وهناك نواح أخرى بعيدة المدى تنطق بسمو منزلته، وبالغ قدره وتوجه الثقلين إلى مبلغ تعظيم الله تعالى له ويتحدث به قوله تعالى: *(يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوقصوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون)*(6). وقوله تعالى: *(إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)*(7). وقوله تعالى: *(لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا...)*(8) فأي إجلال أبلغ من هذا وأي تقدير أروع من هذا التقدير؟ وهل نال بشر في هذا الوجود مثل ما نال هذا النبي العظيم الذي يصفه مولاه بقوله تعالى: *(وإنك لعلى خلق عظيم)*(9)؟ وهذه الآيات تدعو المؤمنين إلى توقيره وتعظيمه حال مخاطبته.
ولست أقف بك عند هذه الروائع والمثل العليا التي يمتاز بها هذا النبي العظيم والرسول الصادق الأمين ولكني أحدثك عن شؤون أخرى لها خطرها في التقدير والتعظيم، وتتجلى فيها مكانته ومقامه، قال سبحانه: *(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)*(10). ففيه أروع وصف من أوصافه تعالى (رؤوف رحيم) وأبلغ نعت يقرره له مولاه، فإن هذين الوصفين مما اتصف به سبحانه وتعالى من جلائل الأوصاف. وقد بلغت مكانته عند الله سبحانه إلى حد لا يأخذ أمته بمعاصيها وذنوبها ما دام هو فيهم يقول سبحانه: *(وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)*(11). فأي كرامة أولى وأعظم من معجزته الخالدة الباقية ما بقيت الشمس وضحاها؟ وأية رحلة تاريخية قام بها أكبر من رحلته التاريخية التي نص بها القرآن الكريم وقال: *(سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله...)*(12). وقد تضافرت الروايات على أن جبرئيل كان يلازمه من مكة إلى بيت المقدس فهذه الملازمة أكبر مظهر من مظاهر الشرف والفخار وأسمى آية من آيات التقدير للرسول الأعظم في حياة الأمم وتاريخها. ونختم البحث بما يدل على علو مكانته وجليل قدره، أعني: قوله سبحانه: *(ورفعنا لك ذكرك)*(13) فقرن اسمه باسمه وجعل الإيمان لا يتحقق إلا بالنطق بالشهادتين وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
أغر عليه للنبوة خاتم * من الله من نور يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه * إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله * فذو العرش محمود وهذا محمد
وبعد هذا لا يمكن للقلم أن يكتب، وللسان أن يتكلم، فإن عظمته لا تصل لا كنهها العقول، ولا تدرك حقيقتها الأفهام والمدارك، ولا يعرف مداها إلا واهبها ومعطيها، جل شأنه العظيم، وليس لنا بعد ذلك إلا أن نتمثل بقول الشاعر: وعلى تفنن واصفيه بحسنه * يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف (14)
هذه العوامل الأربعة هي التي يؤدي كل واحد منها بالإنسان ذي القلب السليم إلى حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وموادته ولأجل ذلك تضافرت الآيات الدالة على ذلك.
وقد تعرفت على آيتين منها وهناك آية ثالثة تأمر بتعزير النبي صلى الله عليه وآله وسلم مضافا إلى نصرته، قال سبحانه: *(الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون(15))*. فالآية الكريمة تأمر بأمور أربعة: 1 - الإيمان به. 2 - تعزيره. 3 - نصرته. 4 - اتباع كتابه وهو النور الذي أنزل معه. وليس المراد من تعزيره نصرته لأنه قد ذكره بقوله ونصروه وإنما المراد توقيره، وتكريمه وتعظيمه بما أنه نبي الرحمة والعظمة، ولا يختص تعزيره وتوقيره بحال حياته بل يعمها وغيرها، تماما كما أن الإيمان به والتبعية لكتابه لا يختصان بحال حياته الشريفة. هذه هي العوامل الباعثة إلى حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذه هي الآيات المرشدة إلى ذلك. ولأجل دعم المطلب نذكر بعض ما ورد من الروايات في الحث على حبه وموادته.
**************************************
(1) الأحزاب: 56.
(2) الحجر: 72.
(3) آل عمران: 31.
(4) آل عمران: 81.
(5) الأحزاب: 45 - 46.
(6) الحجرات: 2 - 3.
(7) الحجرات: 2 - 3.
(8) النور: 63.
(9) القلم: 4.
(10) الأنفال: 128.
(11) الأنفال: 33.
(12) الإسراء: 1.
(13) الانشراح: 4.
(14) التوسل والزيارة للأستاذ محمد الفقي من علماء الأزهر الشريف: 156 - 160.
(15) الأعراف: 157.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page