• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الثاني: روايات تكذيب الموقِّتين

 وردت جملة من الروايات التي أخبرتنا بكذب الموقِّتين أو أمرتنا بتكذيبهم، فمنها:
ما رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرني الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن عليِّ بن محمّد [بن قتيبة] عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن محمّد وعبيس بن هشام، عن كرّام، عن الفضيل، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: «كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون»(٦٩).
والرواية إن لم تكن صحيحة فهي حسنة، لمكان عليِّ بن محمّد في سندها، وقد اعتمد عليه الكشّي، وذكر الشيخ أنَّه فاضل. والظاهر أنَّها تنفي صحَّة التوقيت مطلقاً.
وعن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي نجران، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من وقَّت لك من الناس شيئاً فلا تهابنَّ أن تُكذِّبه، فلسنا نُوقِّت لأحدٍ وقتاً»(٧٠).
والرواية صحيحة السند، نعم يبقى طريق الشيخ إلى الفضل.
وعن الفضل بن شاذان، عن الحسين بن يزيد الصحّاف، عن منذر الجوّاز (في بعض النسخ عن منذر بن الجوّاز)، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كذب الموقِّتون، ما وقَّتنا فيما مضى، ولا نُوقِّت فيما يستقبل»(٧١).
ولو كان بالإمكان معرفة الوقت لوُقِّت، فكأنَّ الروايات المتقدِّمة ونظائرها تقول: لا يمكن التوقيت، لأنَّه إن حصل فهو عملية كذب ليس إلَّا.
بل إنَّ المتأمِّل في قوله (عليه السلام): «فلا تهابَنَّ أن تُكذِّبه» أو «كذب الوقّاتون» يجد أنَّ المخبِر عن الوقت لا بدَّ أن يكون كلامه غير صادق، وإلَّا لو احتُمِلَ صدقه لأُمرنا بالتبيُّن، لا أن يُخبِر بكذبه مطلقاً، فالفاسق الذي يأتي بخبر، لم نُؤمَر بتكذيبه، وإنَّما أُمرنا بالتبيُّن لئلَّا نُصيب قوماً بجهالة كما نصَّت الآية(٧٢).
وكيف كان، فإنَّ جزم الإمام (عليه السلام) بكذب المؤقِّت ينفي احتمال صدقه، وكذا قوله لنا: «لا تهابَنَّ أن تُكذِّبه»، فإنَّ هذا ينسجم مع عدم إمكان الاطِّلاع على ما أخبر به من الوقت، فكيف وقَّت؟
على أنَّه لو كان بالإمكان الاطِّلاع على شيء من ذلك، فإنَّه في حدود الاقتضاء، ومن هنا جاء التنظير لذلك بتأخُّر موسى (عليه السلام) حين أُمر بتتميم الميقات من خلال إضافة أيّام كما نصَّت الآية: ﴿وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ (الأعراف: ١٤٢).
وفي رواية الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: لهذا الأمر وقت؟ فقال: «كذب الوقّاتون، إنَّ موسى (عليه السلام) لمَّا خرج وافداً إلى ربِّه واعدهم ثلاثين يوماً، فلمَّا زاده الله على الثلاثين عشراً، قال له قومه: قد أخلفنا موسى، فصنعوا ما صنعوا»(٧٣).
والرواية وإن كان في سندها معلّى بن محمّد الذي قيل فيه: إنَّه ضعيف مضطرب الحديث، لكنَّنا إنَّما ذكرناها للاستشهاد بها لا للاعتماد عليها في الاستدلال. وهناك رواية أُخرى(٧٤) تعرَّضت لذلك، وفي سندها محمّد بن سنان وعمر بن مسلم ومحمّد بن بشر الهمداني، وكلُّهم ضعاف.
وقد دلَّت بعض الروايات على طروِّ المانع عن توقيتات خرجت من بعض الأئمَّة (عليهم السلام)، ومنها رواية الشيخ الطوسي عن الفضل الذي رواها بسند صحيح عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إنَّ عليّاً كان يقول: «إلى السبعين بلاء»، وكان يقول: «بعد البلاء رخاء»، وقد مضت السبعون ولم نرَ رخاءً، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا ثابت، إنَّ الله تعالى كان وقَّت هذا الأمر في السبعين، فلمَّا قُتِلَ الحسين اشتدَّ غضب الله على أهل الأرض، فأخَّره إلى أربعين ومائة سنة، فحدَّثناكم فأذعتم الحديث، وكشفتم قناع السرِّ، فأخَّره الله ولم يجعل له بعد ذلك عندنا وقتاً، و﴿يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ﴾ [الرعد: ٣٩]»، قال أبو حمزة: وقلت ذلك لأبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «قد كان ذاك»(٧٥).
وفي رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: ما لهذا الأمر أمد ينتهي إليه ويُريح أبداننا؟ قال: «بلى، ولكنَّكم أذعتم فأخَّره الله»(٧٦).
فإن قيل: لِمَ حملت إخبارات الأئمَّة (عليهم السلام) على الاقتضاء دون الإخبار بالنتيجة القطعية؟
قلنا: أوَّلاً: لأنَّ المخبَر به لم يتحقَّق.
وثانياً: لأنَّ بعض الروايات التي تعرَّضت للتوقيت علَّلت عدم تحقُّق ما أخبرت به بحصول المانع وهو الإذاعة كما في أكثر من رواية، وهذا يعني أنَّ الإخبار كان قد لوحظ فيه الاقتضاء.
وثالثاً: لأنَّه في الوقت الذي أخبر به الأئمَّة عن وقت لا شكَّ أنَّهم لم يغفلوا عن أنَّ عدد الأئمَّة (عليهم السلام) اثنا عشر إماماً. وكلُّ التوقيتات المذكورة كانت قبل إكمال عدَّة الأئمَّة (عليهم السلام).
مضافاً إلى أنَّهم أخبروا كثيراً عن حصول غيبتين طويلتين للإمام الثاني عشر (عليه السلام)، ممَّا يعني أنَّ الفرج كان يُجزَم أنَّه بعد انتهاء زمن الحضور بمدَّة غير قصيرة، فهل ترى أنَّ بالإمكان أن يُخبِر المعصوم بالفرج بنحو الجزم واليقين وهو يعلم علم اليقين أنَّه لا بدَّ أن يُسبَق بفترة يتمُّ فيها عدد الأئمَّة ثمّ مدَّة الغيبة؟
***************
(٦٩) الغيبة للطوسي: ٤٢٥ و٤٢٦/ ح ٤١١.
(٧٠) الغيبة للطوسي: ٤٢٦/ ح ٤١٤.
(٧١) الغيبة للطوسي: ٤٢٦/ ح ٤١٢.
(٧٢) قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ﴾ (الحجرات: ٦).
(٧٣) الغيبة للنعماني: ٣٠٥/ باب ١٦/ ح ١٣.
(٧٤) راجع: الغيبة للطوسي: ٤٢٧/ ح ٤١٥.
(٧٥) الغيبة للطوسي: ٤٢٨/ ح ٤١٧.
(٧٦) الغيبة للنعماني: ٢٩٩/ باب ١٦/ ح ١.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page