تعدَّدت الروايات التي تحدَّثت عن مطلوبية الانتظار حتَّى عُدَّ أفضل أعمال الأُمَّة وأحبّ الأعمال إلى الله، وعُدَّ المنتظر لأمرهم (عليهم السلام) كالمتشحِّط بدمه في سبيل الله، وكان المنتظر لظهوره القائل بإمامته (عليه السلام) من أهل الغيبة من أفضل أهل كلِّ زمان.
ولمَّا كانت مضامين هذه الروايات غير خاصَّة بجيل دون جيل تبيَّن أنَّ مفهوم الانتظار المطلوب يُطلَب من الجميع وعلى اختلاف العصور، ولو كان بالإمكان أن يُعرَف زمان ظهوره (عليه السلام) لانتفى مورد الانتظار لمن لا يُدركه عادةً، وهل يبقى معنى لانتظار أمر لا يحصل إلَّا بعد ألف سنة أو أكثر؟ لا شكَّ أنَّه سيكون عبثياً، وهذا واضح بالنسبة لكلِّ الأجيال التي تعرف أنَّها لا تُدركه لو اطَّلعت على زمان ظهوره لو أمكن ذلك.
إذن فكلُّ الروايات الدالّة على مطلوبية الانتظار ومدحه مطابقةً تدلُّ بالملازمة العقلية على أنَّ وقت الفرج غير معلوم، بل ولا يمكن أن يعلمه الخواصّ فضلاً عن العوامِّ.
ومن هذه الروايات ما في (عيون أخبار الرضا (عليه السلام)) بالأسانيد الثلاثة عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أفضل أعمال أُمَّتي انتظار فرج الله»(٨٤).
وفي (الاحتجاج) عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، عن عليِّ بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «تمتدُّ الغيبة بوليِّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله والأئمَّة بعده. يا أبا خالد، إنَّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته المنتظرين لظهوره أفضل أهل كلِّ زمان، لأنَّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف، أُولئك المخلصون حقّاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله سرّاً وجهراً»(٨٥).
وفي (الخصال) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من رَوح الله، فإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله (عزَّ وجلَّ) انتظار الفرج»(٨٦).
وفي نفس الحديث: «الآخذ بأمرنا معنا غداً في حظيرة القدس، والمنتظر لأمرنا كالمتشحِّط بدمه في سبيل الله»(٨٧).
***************
(٨٤) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ٢: ٣٩/ ح ٨٧.
(٨٥) الاحتجاج ٢: ٥٠.
(٨٦) الخصال: ٦١٦/ حديث أربعمائة.
(٨٧) الخصال: ٦٢٥/ حديث أربعمائة.
السادس: روايات مطلوبية الانتظار
- الزيارات: 134