• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الوجه الأوَّل

 الخطر المحدق بالإمام (عليه السلام) وبشيعته في ذلك الوقت؛ فإنَّ الغيبة الصغرى كانت مقدَّمة توعوية للغيبة الكبرى، بمعنى: أنَّ الغرض من الغيبة الصغرى هو تأهيل الأُمَّة وتوعيتها إلى غيبة لم يُسبَق لها نظير في حجج الله تبارك وتعالى؛ لتصل إلى درجة من الوعي والكمال تستطيع من خلاله تقبُّل غيبة حجَّة الله طوال هذه الفترة بعد اعتيادها على وجود الحجَّة ظاهراً معروفاً بين الناس، وتستطيع من خلال ذلك الاعتماد على نفسها وعلى علمائها لتدبير شؤونهم الدينية، وسيأتي ما يزيد توضيح هذه النقطة.
الوجه الثاني:
إنَّ المستقرئ للظروف والملابسات التي احتفَّت بزمان الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام) وشدَّة الجور الذي وقع عليهما يُدرِك تماماً أنَّ السلطة العبّاسية في ذلك الوقت كانت تسعى جادَّة للبحث عن الإمام المهدي (عليه السلام) لقتله والتخلُّص منه، وبما أنَّ التمهيد للغيبة الكبرى التامَّة يحتاج إلى خطوات تكميلية فلا بدَّ من مرحلة وسطى بين الظهور والغياب التامّ، والمرحلة الوسطى هي الغيبة الصغرى.
ويمكن ذكر عدَّة شواهد على الخطر المحدق بالإمام (عليه السلام) ومبدأ الإمامة بشكل عامّ:
الشاهد الأوَّل:
إجبار الإمام الهادي (عليه السلام) وإكراهه على الخروج من مدينة جدِّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إلى سامراء؛ لأجل إخضاعه تحت السيطرة والمراقبة الدائمة والشديدة، تحسّباً وترقّباً لولادة حفيده المهدي (عليه السلام)، والذي أجبر الإمام الهادي على ذلك آنذاك هو الخليفة العبّاسي المتوكِّل الذي شهد المؤرِّخون بشدَّة عداوته لأهل بيت النبوَّة (عليهم السلام)، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (وفي سنة ستّ وثلاثين: هدم المتوكِّل قبر الحسين (رضي الله عنه)، فقال البسامي أبياتاً منها:
أسفوا على أن لا يكونوا شار           كوا في قتله فتتبَّعوه رميماً

وكان المتوكِّل فيه نصب وانحراف، فهدم هذا المكان، وما حوله من الدور، وأمر أن يُزرَع، ومنع الناس من انتيابه)(٢١٥).
ومن شواهد نصبه، ما ذكره الذهبي أيضاً: (ويُروى أنَّ المتوكِّل نظر إلى ابنيه المعتزّ والمؤيَّد، فقال لابن السكّيت: من أحبُّ إليك هما، أو الحسن والحسين؟ فقال: بل قنبر. فأمر الأتراك، فداسوا بطنه، فمات بعد يوم)(٢١٦).
هذه هي الفترة التي عاصرها الإمام الهادي (عليه السلام).
الشاهد الثاني:
ما رواه الشيخ الصدوق (قدّس سرّه) في (كمال الدين): عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي أنَّه خرج من أبي محمّد (عليه السلام) توقيع: «زعموا أنَّهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل، وقد كذَّب الله (عزَّ وجلَّ) قولهم، والحمد لله»(٢١٧).
الشاهد الثالث:
ما رواه الشيخ الكليني (قدّس سرّه) من وجود جواسيس على دار الإمام العسكري (عليه السلام) في سامراء بعد مرضه من السُّمِّ حتَّى يراقبوا الأوضاع:
(لمَّا اعتلَّ بُعِثَ إلى أبي أنَّ ابن الرضا قد اعتلَّ، فركب من ساعته، فبادر إلى دار الخلافة، ثمّ رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلُّهم من ثقاته وخاصَّته، فيهم نحرير، فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرُّف خبره وحاله، وبعث إلى نفر من المتطبِّبين، فأمرهم بالاختلاف إليه، وتعاهده صباحاً ومساءً، فلمَّا كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أخبر أنَّه قد ضعف، فأمر المتطبِّبين بلزوم داره، وبعث إلى قاضي القضاة، فأحضره مجلسه، وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممَّن يُوثَق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن، وأمرهم بلزومه ليلاً ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتَّى توفّي (عليه السلام)، فصارت سُرَّ من رأى ضجَّة واحدة، وبعث السلطان إلى داره من فتَّشها، وفتَّش حجرها، وختم على جميع ما فيها، وطلبوا أثر ولده، وجاؤوا بنساء يعرفن الحمل....).
إلى أن يقول في آخر الرواية: (والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن عليٍّ)(٢١٨).
الشاهد الرابع:
وجود اضطراب في الدولة العبّاسية آنذاك بعد علمها بولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، ووجود شيعة له يعتقدون بوجوده، وقد حدَّثنا عن ذلك الشيخ المفيد (قدّس سرّه) في (الإرشاد)، فقال:
(وكان قد أخفى مولده وستر أمره، لصعوبة الوقت، وشدَّة طلب سلطان الزمان له، واجتهاده في البحث عن أمره، ولما شاع من مذهب الشيعة الإماميَّة فيه، وعُرِفَ من انتظارهم له، فلم يُظهِر ولده (عليه السلام) في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته)(٢١٩).
الشاهد الخامس:
المداهمات لدار الإمام العسكري (عليه السلام)؛ لأجل البحث عن الإمام المهدي (عليه السلام).
روى الصدوق عن أبي الحسين الحسن بن وجناء يقول: حدَّثنا أبي، عن جدِّه، أنه كان في دار الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)، فكبستنا الخيل، وفيهم جعفر بن عليٍّ الكذّاب، واشتغلوا بالنهب والغارة، وكانت همَّتي في مولاي القائم (عليه السلام).
قال: فإذا (أنا) به (عليه السلام) قد أقبل، وخرج عليهم من الباب، وأنا أنظر إليه، وهو (عليه السلام) ابن ستّ سنين، فلم يرَه أحد حتَّى غاب(٢٢٠).
هذه الشواهد كلُّها تدلُّ على أنَّ الأوضاع والظروف المحيطة بأهل البيت آنذاك كانت تقتضي وجود غيبة للإمام (عليه السلام).
***************
(٢١٥) سير أعلام النبلاء ٩: ٤٤٥ و٤٤٦.
(٢١٦) سير أعلام النبلاء ٩: ٤٣٧.
(٢١٧) كمال الدين: ٤٠٧/ باب ٣٨/ ح ٣.
(٢١٨) الكافي ١: ٥٠٣ - ٥٠٦/ باب مولد أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام)/ ح ١.
(٢١٩) الإرشاد ٢: ٣٣٦.
(٢٢٠) كمال الدين: ٤٧٣/ باب ٤٣/ ح ٢٥.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page