والبحث في التوقيعات يقع في جهات ثلاث:
الجهة الأولى: ما هو المقصود من التوقيعات؟
التوقيعات الشريفة: هي مجموعة رسائل صدرت من الإمام (عليه السلام) لشيعته، وفيها جملة من الأُمور المهمَّة التي يحتاجونها في أمر دينهم ودنياهم، سواء ابتدؤوه بالسؤال فجاءهم الجواب فيها، أو هو (عليه السلام) يبتدئ بالإجابة على ما تضمره نفوس المؤمنين من أسئلة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
وقد كانت هذه التوقيعات الشريفة، بمثابة الوسيلة للتواصل العلمي والديني بين الإمام (عليه السلام) وشيعته، إذ لو لاحظنا الأئمَّة المتقدِّمين، من أبيه إلى أمير المؤمنين (عليهم السلام)، لوجدنا أنَّهم كانوا يعيشون مع الناس، ويجيبون على استفتاءاتهم بالمباشرة، فوصلت الروايات عنهم، وكُتبت الأُصول والمصنَّفات من تلامذتهم، ولم يكن ذلك إلَّا نتيجة توفّر الفرص لمقابلتهم والتواصل معهم والأخذ عنهم مشافهةً، إلَّا في بعض الحالات الاستثنائية التي اقتضت فيها ظروف الأئمَّة (عليهم السلام) إلى اللجوء إلى المكاتبات والمراسلات، كظرف السجن الذي حصل للإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، حيث كان يتَّصل مع أصحابه عن طريق المكاتبات، وهكذا في ظرف الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام)، نتيجة الإقامة الجبرية التي فرضتها عليهم السلطات الجائرة آنذاك.
والأمر كذلك في بقيَّة الله (عليه السلام)، حيث اقتضت ظروف الغيبة هذا النوع من الاتِّصال بشيعته، وقد سُمّيت هذه المكاتبات بالتوقيعات.
التنبيه الثاني: حول التوقيعات التي صدرت من صاحب الزمان (عليه السلام)
- الزيارات: 172