• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كيف أكون منتظراً حقيقياً؟

 ينبغي الالتفات إلى أنَّ هذا المنهج يأتي في خطوة متأخّرة عن الاعتراف بالمهدي (عليه السلام)، بمعنى أنَّ نصف الطريق هو الاعتراف بإمامة المهدي (عليه السلام) وبعده يأتي دور هذا المنهج العملي.
والذي يمكن استخلاصه هو المنهج ذو الخطوات التالية:
الخطوة الأُولى: التسليم القلبي:
وهو ما عبَّرت عنه الروايات الشريفة بالإيمان بالغيب، الغيب الذي فُسِّر بأنَّه المهدي (عليه السلام)، وهذا يعني أنَّ أوَّل خطوة للمؤمن في طريق الانتظار هو التسليم النفسي بضرورة المهدي (عليه السلام) وكلّ ملابسات هذه القضيَّة، من ظهور دينه تعالى على الدين كلّه، وما يستلزمه من صعاب لا بدَّ منها، والتسليم بالغيبة وإن طالت، والتسليم بالأوامر الصادرة من أهل البيت (عليهم السلام) فيما يتعلَّق بواجبات زمن الغيبة - على ما ستعرفه إن شاء الله تعالى قريباً -.
عن داود بن كثير الرقّي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿هُدى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٢ و٣]، قال: «من أقرَّ بقيام القائم أنَّه حقّ»(٢٦٤).
وعن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ١ - ٣]، فقال: «المتَّقون شيعة علي (عليه السلام)، والغيب فهو الحجَّة الغائب». وشاهد ذلك قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس: ٢٠](٢٦٥).
الخطوة الثانية: الشعور بالمسؤولية:
بمعنى أنَّ المنتظِر لا بدَّ أن يعيش حالة من الشعور بأنَّه قد أُلقي عليه مهمَّة التمهيد لظهور المهدي (عليه السلام)، وهذا يستلزم العمل وفق مبادئ الإسلام التي من أهمّها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إنَّ تنامي هذا الشعور في الوسط المؤمن يخلق أرضية مناسبة لظهور المهدي (عليه السلام)، وعلى هذا يكون الإمام المهدي (عليه السلام) هو من ينتظر الناس، أي ينتظر أن يقوم عدد كافٍ من المنتظِرين بمهمَّة التمهيد لظهوره.
وهذا ما تُعبِّر عنه بعض الأفكار المستفادة من الروايات، بأنَّ المهدي (عليه السلام) يظهر حين يظهر والإيمان على أشدّه كما أنَّ الكفر على أشدّه.
فعن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: «... ثمّ تمتدُّ الغيبة بوليّ الله (عزَّ وجلَّ) الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمَّة بعده. يا أبا خالد، إنَّ أهل زمان غيبته، القائلين بإمامته، والمنتظرون لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، لأنَّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالسيف، أُولئك المخلصون حقَّاً، وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله (عزَّ وجلَّ) سرَّاً وجهراً»(٢٦٦)-.
الخطوة الثالثة: الاستعداد للتضحيَّة من أجل الدين:
فإنَّ الدين في زمن الغيبة سيكون في خطر من جوانب عديدة: فالابتعاد عن زمن النصّ، وغياب حجَّة الله تعالى على الأرض، وتكالب الأعداء وتعاونهم ضدَّه، والتشكيك بقضيَّة المهدي (عليه السلام)، واضطهاد المؤمنين، بالإضافة إلى نوازع الشرّ والشهوات الكامنة في أعماق النفوس، كلّها مصادر خطر على الدين، والمطلوب من الفرد المنتظِر أن يقف في مواجهة جميع هذه التحدّيات.
عن يمان التمّار، قال: كنّا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جلوساً فقال لنا: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثمّ قال هكذا بيده -، فأيّكم يُمسِك شوك القتاد بيده؟»، ثمّ أطرق مليَّاً، ثمّ قال: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة فليتَّق الله عبد وليتمسَّك بدينه»(٢٦٧).
الخطوة الرابعة: الاستعداد العملي ليوم الظهور:
صحيح أنَّ الغيبة كانت طويلة، وربَّما تطول أكثر، فعلمها عند ربّي في كتاب لا يضلُّ...، ولكن يوم الظهور آتٍ لا محالة، ومعه فلا بدَّ من الاستعداد العملي لمساندة الإمام المنتظر (عليه السلام).
فعن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليعدنَّ أحدكم لخروج القائم ولو سهماً، فإنَّ الله تعالى إذا علم ذلك من نيَّته رجوت لأن ينسئ في عمره حتَّى يُدرِكه، فيكون من أعوانه وأنصاره»(٢٦٨).
الخطوة الخامسة: المتابعة الميدانية للظروف الموضوعية:
فإنَّ الروايات الشريفة قد بيَّنت علامات وشرائط لظهور المهدي (عليه السلام)، والتي يمكن معرفة بعضها من خلال تتبّع جريان الأحداث في العالم، الأمر الذي عبَّرت عنه الروايات الشريفة بضرورة معرفة الزمان، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «أعرف الناس بالزمان، من لم يتعجَّب من أحداثه»(٢٦٩)، ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): «العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس»(٢٧٠).
(... وكلَّما كان الإنسان عارفاً بزمانه استطاع أن يتنبَّأ بالحوادث القادمة أفضل، ولا يندهش لأيّ حادثة، لأنَّه تنبَّأ بها من قبل. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «أعرف الناس بالزمان من لم يتعجَّب من أحداثه»، من هنا فإنَّ القائد العارف بزمانه الواعي لمتطلّبات عصره يفهم واجبه في الهداية والإمامة عندما تطرأ الشبهات السياسية وغير السياسية، ولا تهجم عليه اللوابس، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): «العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس»)(٢٧١).
وخلاصة ما يجب ملاحظته في هذا الجانب:
١ - معرفة جريان الأحداث السياسية في العالم، خصوصاً تلك المتعلّقة بما يُسمّى بالدول العظمى، ويدخل ضمن هذا قراءة أسباب سقوط دول عظمى، وإن كان هناك أسباب خفيَّة فإنَّه يُحتَمل أنَّ يداً غيبية تدخَّلت في ذلك.
٢ - متابعة الظروف الخاصَّة التي ينشأ في أحضانها مدَّعوا المهدوية على طول خطّ التاريخ، ومحاولة تلمّس الأدوات التي يعتمدونها، والخطط التي يتَّبعونها في نشر دعاواهم أو في إقناع المخاطب بقضيَّتهم، حتَّى لا يقع المؤمن لقمة سائغة في أفواههم.
٣ - متابعة نموّ المذهب الحقّ، ورصد تحرّكات العدوّ ضدّه، فلا شكَّ أنَّ لهذه المعرفة - إذا تُرجِمت إلى عمل جادّ - أثراً مهمَّاً في خلق القاعدة المناسبة وتهيئة الظروف الملائمة ليوم الظهور المقدَّس.
الخطوة السادسة: زيادة الرصيد المعرفي بدولة الحقّ:
لا شكَّ أنَّ من أهمّ ما يجعل المنتظِر لدولة الحقّ متلهِّفاً لها ولنصرتها هو معرفته بها معرفة إن لم تكن تامَّة فواسعة، إذ المعرفة بها وبما توفّره للبشر من مبادئ للسعادة الدنيوية والأُخروية تُمثِّل أكبر دافع وأقوى حافز للعمل على التمهيد لها، والتمهيد لها هو خلاصة ما يجب فعله في زمن الغيبة الكبرى.
ويدخل في هذا السياق متابعة الحركة العلمية المتعلّقة بالإمام المهدي (عليه السلام)، من دراسات حديثة وكتب جديدة ومجلَّات متخصِّصة في الشأن المهدوي، إذ لا شكَّ في قدرتها عموماً على زيادة المعرفة بالإمام المهدي (عليه السلام) وبدولته العظيمة وملابساتها المختلفة.
إنَّ زيادة المعرفة بدولة الحقّ هو ما يجعلها بارزة واضحة لا لبس فيها، وهو ما عبَّر عنه الإمام الصادق (عليه السلام) فيما ورد عن محمّد بن عصام، قال: حدَّثني المفضَّل بن عمر، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في مجلسه ومعي غيري، فقال لنا: «إيّاكم والتنويه - يعني باسم القائم (عليه السلام) -»، وكنت أراه يريد غيري، فقال لي: «يا أبا عبد الله، إيّاكم والتنويه، والله ليغيبنَّ سبتاً من الدهر، وليخملنَّ حتَّى يقال: مات أو هلك، بأيِّ وادٍ سلك؟ ولتفيضنَّ عليه أعين المؤمنين، وليكفأنَّ كتكفّئ السفينة في أمواج البحر حتَّى لا ينجو إلَّا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الإيمان في قلبه، وأيَّده بروح منه، ولتُرفعنَّ اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يُعرَف أيّ من أيّ»، قال المفضَّل: فبكيت، فقال لي: «ما يبكيك؟»، قلت: جُعلت فداك، كيف لا أبكي وأنت تقول: «تُرفَع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يُعرَف أيّ من أيّ»؟ قال: فنظر إلى كوة في البيت التي تطلع فيها الشمس في مجلسه، فقال: «أهذه الشمس مضيئة؟»، قلت: نعم، فقال: «والله لأمرنا أضوء منها»(٢٧٢).
***************
(٢٦٤) كمال الدين: ٣٤٠/ باب ٣٣/ ح ١٩.
(٢٦٥) كمال الدين: ٣٤٠ و٣٤١/ باب ٣٣/ ح ٢٠.
(٢٦٦) كمال الدين: ٣٢٠/ باب ٣١/ ح ٢.
(٢٦٧) الكافي ١: ٣٣٥ و٣٣٦/ باب في الغيبة/ ح ١.
(٢٦٨) الغيبة للنعماني: ٣٣٥/ باب ٢١/ ح ١٠.
(٢٦٩) عيون الحكم والمواعظ: ١٢٦.
(٢٧٠) تحف العقول: ٣٥٦.
(٢٧١) القيادة في الإسلام للريشهري: ٢١٦ و٢١٧.
(٢٧٢) الغيبة للنعماني: ١٥٣ و١٥٤/ باب ١٠/ ح ٩.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page