• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ردّ دعوى انتساب الكاطع الهمبوشي إلى الإمام المهدي عليه السلام

 قال أحمد إسماعيل ﮔﺎطع: إنَّ الإمام المهدي عليه السلام هو جدّي الرابع، وعلى ذلك أنا ابن له، وتنطبق عليَّ الرواية: (فليُسلِّمها لابنه).
وفيه عدَّة ردود:
الردُّ الأوَّل: الكلام في ثبوت النسب:
(يثبت النسب بأُمور: الأوَّل: الفراش، الثاني: الإقرار، الثالث: البيِّنة، ولا تُقبَل شهادة النساء مطلقاً، الرابع: الشياع)(٥٧).
فالحكم الشرعي واضح في مسألة إثبات النسب، وكلُّ الأسباب التي تثبت بها النسب لا تُثبِت انتساب أحمد إسماعيل ﮔﺎطع للإمام المهدي عليه السلام، وأحمد إسماعيل انتقل في نسبه من عشيرة آلبو سويلم الصيارمة وهم ليسوا بعلويّين إلى ادِّعاء انتسابه بالإمام المهدي عليه السلام وليس لديه دليل إلَّا ادِّعاءه، فلا يثبت انتسابه لأهل البيت عليهم السلام بهذا الادِّعاء وفق الشرع المبين إن كنتم تدينون لله به.
وعليه فإنَّ دعوته ساقطة بهذا الادِّعاء الكاذب، (وهو أنَّه ابن الإمام)، فكيف يخالف الشرع من يدَّعي أنَّه حارساً له!؟
أمَّا الإمام المهدي عليه السلام فلا يحتاج إلى تلك البيِّنة، لأنَّه كما هو معلوم وكما قال الإمام الرضا عليه السلام أنَّه عليه السلام معروف النسب، عن أيّوب بن نوح، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إنّي أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن يسوقه الله إليك بغير سيف، فقد بويع لك وضُرِبَت الدراهم باسمك، فقال: (ما منّا أحد اختلفت إليه الكتب، وأُشير إليه بالأصابع، وسُئِلَ عن المسائل، وحُمِلَت إليه الأموال، إلَّا اغتيل أو مات على فراشه، حتَّى يبعث الله لهذا الأمر غلاماً منّا، خفيُّ الولادة والمنشأ، غير خفيٍّ في نسبه)(٥٨).
الردُّ الثاني: الكلام في سند أهمّ رواية اعتمدت عليها دعوة ﺍﻟﮕﺎطع:
روى الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة عن جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمِّه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيِّد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم _ في الليلة التي كانت فيها وفاته _ لعلي عليه السلام: (يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة)، فأملى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيَّته حتَّى انتهى إلى هذا الموضع فقال: (يا علي، إنَّه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً، ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً...)، إلى أن قال: (فذلك اثنا عشر إماماً، ثمّ يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، (فإذا حضرته الوفاة) فليُسلِّمها إلى ابنه أوَّل المقرَّبين، له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي، وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أوَّل المؤمنين)(٥٩).
وهذه الرواية أهمُّ رواية اعتمدها ﺍﻟﮕﺎطع الهمبوشي في دعوته، وعليها قامت دعوته، إلَّا أنَّها ضعيفة السند.
أوَّلاً: أنَّ المصدر الأساسي في نقل هذه الرواية هو الشيخ الطوسي رحمه الله، وجميع من تأخَّر عنه نقلها عنه، وليس للرواية إلَّا طريق واحد وهو ما نقله الشيخ الطوسي رحمه الله، فكيف يمكن إثبات دعوة كاملة، والقول بإمامة اثني عشر مهدياً برواية واحدة؟!
ثانياً: أنَّ بعض رواة هذه الرواية لم يذكرهم علماء رجال الشيعة في تراجم رجالهم، وخصوصاً الشيخ الطوسي رحمه الله وهو الناقل لهذه الرواية، منهم: علي بن سنان الموصلي العَدْل، وجعفر بن أحمد المصري.
والحديث الذي لم يذكر رجال الحديث بعض رواته، يصفونه بالحديث المهمل، وهو من أقسام الحديث الضعيف، وعرَّفوا المهمل أنَّه: (الحديث الذي لم يُذكَر بعض رواته في كتب الرجال ذاتاً ووصفاً)(٦٠).
الردُّ الثالث: الاحتجاج بالظهور اللفظي وقرينة السياق:
والكلام يكون في جهتين:
الجهة الأُولى: بعد التسليم بصحَّة هذه الرواية فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كان في مقام البيان والتفصيل، وليس في مقام الإبهام والإجمال، ولعمري كيف يكون في مقام الإبهام وهو في آخر لحظات حياته وبصدد بيان وصيَّته لخليفته وللأُمَّة من بعده؟ تلك الوصيَّة التي حال بعضهم بين النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبين كتابتها وهو على فراش مرضه، فقال: ما له؟ أهجر؟ استفهموه(٦١).
فهل يتحمَّل الموقف أن يكون المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهو في هذا الحال أن يذكر وصيَّته مبهمة غير واضحة، فيستعمل كلمة (ابنه) التي يتبادر منها أوَّلاً وبالذات الابن المباشر، في حفيد الحفيد من دون بيان أنَّ مراده هو هذا المعنى؟
إنَّ كلمة (ابن) يمكن أن تُستَعمل في معنى الابن المباشر، وهو الأقرب والأظهر كما هو معروف، وتُستَعمل أيضاً ويُراد بها الأبعد من الابن المباشر، وهو الاحتمال الأبعد.
وإذا رجعنا إلى الرواية التي يستدلّون بها، فهي قد ذكرت بعد ذكر تسليم الأمر والإمامة من الأب لابنه المباشر واحداً بعد واحد من الأئمَّة عليهم السلام بحيث كان السياق متَّحداً في كلِّ الرواية، وانتهت إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (فإذا حضرته الوفاة فليُسلِّمها إلى ابنه)، ولم ينصب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قرينة على إرادة المعنى الأبعد، والوصيَّة _ على فرض صحَّتها _ للأُمَّة عامَّة، وقد عرفنا أنَّ عامَّة الناس إذا سمعوا كلمة (ابن) يتبادر لهم الابن المباشر، خصوصاً أنَّ استعمال كلمة (ابن) المتكرِّرة في كلِّ الرواية يُراد به هذا المعنى.
وعليه فبما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كان في مقام البيان، فاستعماله لكلمة (ابنه) وبقرينة السياق يكون ظاهراً في المعنى الأقرب وهو الابن المباشر، والظهور حجَّة على السامع.
الجهة الثانية: أنَّ إطلاق البنوَّة غير مخصوص بالابن النسبي، بل ربَّما تُطلَق على الابن السببي كذلك، فقد روي عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: (أنا وعلي أبوا هذه الأُمَّة)(٦٢).
وعلى ذلك يمكن أن يكون معنى(يُسلِّمها لابنه) أي ابنه السببي، أي من يتربّى على يد الإمام تربية يستحقُّ بها إطلاق الابن عليه، لأنَّه سيكون أتقى الناس عند موت الإمام المهدي عليه السلام الذي ربَّما لا يكون له ابن من صلبه، وينسجم هذا الفهم مع الرواية القائلة: إنَّ المهديين بعد الإمام المهدي عليه السلام هم قوم من الشيعة يَدْعون الناس إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام، فعن أبي بصير، قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: يا ابن رسول الله، إنّي سمعت من أبيك عليه السلام أنَّه قال: (يكون بعد القائم اثنا عشر مهدياً)، فقال: (إنَّما قال: اثنا عشر مهدياً، ولم يقل: اثنا عشر إماماً، ولكنَّهم قوم من شيعتنا يَدْعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقِّنا)(٦٣).
فإن قيل: إنَّ السياق في الرواية لا يُؤيِّد هذا الفهم، فإنَّ الرواية تتكلَّم عن الابن النسبي، والمعروف أنَّ من استلم الأمر بعد كلِّ إمام هو الابن النسبي، فهذا مخالف لقولكم: إنَّ اللفظ لا بدَّ أن ينصرف إلى المعنى الظاهر من اللفظ، والمعنى الظاهر من لفظ الابن هو الابن النسبي، وإرادة المعنى الأبعد وهو الابن السببي يحتاج كما قلتم إلى قرينة تصرف معنى اللفظ للأبعد.
قلنا في الجواب: يفترض من هذا القول أنَّ المستشكل يعترف بدليل حجّية الظهور وقرينة وحدة السياق، فنقول له: إنَّ السياق أيضاً يتكلَّم عن تسلُّم الأئمَّة عليهم السلام هذا الأمر ممَّن كان قبلهم من آبائهم المباشرين كما في الردِّ السابق، أي الابن يتسلَّم الإمامة من أبيه المباشر له بدون فاصل نسبي بينهما، ولا نعرف أحد الأئمَّة عليهم السلام ممَّن تولّوا الأمر بعد آبائهم كان بينه وبين أبيه فاصل نسبي إلَّا الإمام الحسين عليه السلام الذي تولّى الإمامة بعد أخيه الإمام الحسن عليه السلام بدليل خاصّ ذكرته عشرات الروايات، أمَّا على ادِّعاء ﺍﻟﮕﺎطع الهمبوشي فيُوجَد فاصل نسبي بينه وبين من يدَّعي وصايته، خصوصاً إذا كان هذا الفاصل أربعة أجداد لا يُعرَف صلاحهم من فسادهم، ولا ضلالهم من انحرافهم(٦٤)، ومهما يكن من شأنهم فهم أُناس عاديّون في مجتمعهم مجهولو الحال عندنا وعند الأجيال السابقة لهذا الجيل، وهذا الفاصل النسبي هو خلاف السياق الذي يعترف به المستشكل، وإذا كان السياق دليلاً هناك يكون دليلاً هنا.
وينتج من هذه المناقشة عدَّة احتمالات لا مفرَّ من أحدها:
الاحتمال الأوَّل: أنَّ كلا الاستدلالين بحجّية الظهور والسياق صحيح، فتخسرون ارتباط صاحبكم بالإمام المهدي عليه السلام، باعتباره ليس ابناً مباشراً للإمام عليه السلام فضلاً عن ادِّعاء البنوَّة غير المطابق للشريعة المقدَّسة، وبذلك تسقط دعوته برمَّتها.
والاحتمال الثاني: أن يكون الاحتجاج بالسياق حجَّة لكم وليس حجَّة لخصمكم، فهذا خلاف ضرورة العقل، فالعقل والمنطق يقول: إنَّه إذا تطابقت مقدّمات برهانين فلا بدَّ أن تكون النتيجة متطابقة.
والاحتمال الثالث: أن لا يقبل كلا الدليلين، أي السياق ليس دليلاً على أنَّ الابن هو الابن المباشر كما يستدلُّ خصمكم، وكذلك ليس دليلاً على ما تدَّعونه، وهذا تنازل من طرفكم عن دليلكم، وأمَّا من جهة خصمكم فهو متمسِّك بدليل وحدة السياق وظهور اللفظ، ولا يضرُّ كلامنا السابق في وحدة مقدّمات البرهان بوحدة النتيجة، لأنَّ ذلك الفرض تمَّ بناءً على أنَّ أحد الطرفين قد ادَّعى عدم جدوى هذا الدليل لخصمه وقبله لنفسه. وأمَّا في هذا المقام هو تنازل أحد الطرفين عن استعمال هذا الدليل، وفرق بين تنازل أحد الطرفين من دون تدخُّل الطرف الآخر، وبين تدخُّل أحدهما لمنع خصمه من استعمال دليله، فإن تمَّ التنازل يبقى دليل خصمكم قائماً بردِّكم.
***************
(٥٧) راجع: مهذَّب الأحكام للسبزواري ٢٥: ٢٤٥ و٢٤٦.
(٥٨) الكافي ١: ٣٤١ و٣٤٢/ باب في الغيبة/ ح ٢٥؛ كمال الدين: ٣٧٠/ باب ٣٥/ ح ١.
(٥٩) الغيبة للطوسي: ١٥٠ و١٥١/ ح ١١١.
(٦٠) أُنظر: دراسات في علم الدراية لعلي أكبر غفّاري: ١٧٩.
(٦١) صحيح البخاري ٢/٩٧٧، صحيح مسلم ٣/١٢٥٧.
(٦٢) علل الشرائع ١: ١٢٧/ باب ١٠٦/ ح ٢.
(٦٣) كمال الدين: ٣٥٨/ باب ٣٣/ ح ٥٦.
(٦٤) ليس المقصود هنا هو الطعن بالأبرياء من أهل هذا الضالّ والعياذ بالله، فإنَّ أجداده لا نعرفهم، ولا يحقُّ لأحد أن يطعن فيهم بدون علم، والداعي لذكرهم هو إبطال حيلة هذا المدَّعي، وبيان الفارق الكبير جدَّاً بينهم وبين أهل بيت النبوَّة عليهم السلام.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page