الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علىٰ المبعوث رحمة للعالمين، النبيّ المسدَّد، المصطفىٰ المؤيَّد، المحمود الأحمد، حبيب إله العالمين، أبي القاسم محمّد، وعلىٰ آله الطيّبين الطاهرين، الأوصياء الهادين المهديين.
وبعد..
فإنَّ من القضايا الإسلاميّة المهمّة التي لم تأخذ ما تستحقّه من اهتمام من قِبَل الكتّاب والباحثين هي القضيّة المهدوية وما فيها من أبعاد ومجالات للبحث لا زالت غضَّة طريّة، وبحاجة إلىٰ من يُنقِّب فيها ويرفع اللثام عن مكنون دررها، وما خفي منها.
لاسيّما وأنَّ غزارة الموروث المهدوي تقتضي تمييز الصحيح من السقيم، وإيضاح المراد من نصوصه وبيان مداليله، كلّ ذلك حتَّىٰ نتمكَّن من تحديد المعالم الواضحة للفكر المهدوي، وحتَّىٰ لا نسمح للمتطفّلين أن يستغلّوا هذا الموروث لغاياتهم الشخصية، من خلال تضليل الناس وادّعاء ما ليس فيهم من مقامات وعناوين تشير إليها بعض الروايات التي هي بحاجة إلىٰ دراسة وتحليل.
هذا، ولا يخفىٰ أنَّ هناك الكثير ممَّا كُتِبَ في القضيّة المهدوية، منه ما ظهر إلىٰ حيِّز الوجود، وأخذ حظَّه من النشر والاهتمام، ومنه ما قد تعرَّض للضياع والتلف، ومنه ما هو موجود ولكنَّه بحاجة إلىٰ تقويمه وإبرازه بالشكل اللائق به.
وهذه الترجمة التي بين أيدينا هي من النحو الثالث، فقد صادف حينما كنت بصدد كتابة بحث في الأنساب أن وقع بين يديَّ كتاب (المشجَّر الكشّاف لأُصول السادة الأشراف)، الذي هو بجميع نسخه عبارة عن صور لمخطوطات لم تُنضَّد ولم تُطبَع بالشكل المتعارف عليه اليوم، وذلك لصعوبة هذا العمل، لأنَّ أغلب ما في هذا الكتاب هو مشجَّرات يصعب ترتيبها وتبويبها وقراءة بعض التعليقات الواردة عليها.
ووجدت في الباب الأوَّل من هذا الكتاب ترجمة للإمام الحجَّة عجَّل الله تعالىٰ فرجه الشريف، هي بحسب نظري قد وُضِعَت في غير محلّها، وكُتِبَت إلىٰ من لا يطلبها، لأنَّ كتاب (المشجَّر الكشّاف) لا يُقلِّب أوراقه إلَّا من كان باحثاً عن نسب، أو طالباً لتعلّم أُصول هذا الفنّ وفروعه، فعزمت علىٰ إخراج هذه الترجمة وتحقيقها والتعليق عليها، وإبرازها بالصورة اللائقة بها، عسىٰ أن ننتفع بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتىٰ الله بقلب سليم.
مقدّمة التحقيق
- الزيارات: 156