ربما يخطر بالبال أن راية اليماني إذا كانت راية هدى، بل أهدى الرايات في عصر الظهور المقدّس، فمن الطبيعي أنه يجب على جميع المؤمنين الانضواء تحت هذه الراية، ونصرة اليماني المعهود في حركته.
إلا أن التأمّل الصحيح يقضي بخلاف ذلك؛ فإن بعض حوادث التاريخ دلّت على أنه لا ملازمة بين كون الراية راية هدى، وبين وجوب أو استحباب الانضمام إليها، فإن راية زيد الشهيد كانت راية هدى، ولكن الإمام الصادق عليه السلام لم يأمر الشيعة بالانضواء تحت هذه الراية، رغم أنه روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال في حقّه: ولا تقولوا: (خرج زيد)، فإن زيداً كان عالماً، وكان صدوقاً، ولم يدْعُكم إلى نفسه، إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد عليهم السلام، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه، إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه(٢٢٨).
ولعل السبب في ذلك هو أن الإمام الصادق عليه السلام كان يعلم أن زيداً رضوان الله عليه سيُقتل، وستُجهض حركته، فلم تكن هناك مصلحة في أن يُقحم الإمام عليه السلام شيعته في حركة فاشلة.
وأهم ما استدلَّ به اﻟﮕﺎطع وأتباعه على وجوب نصرة اليماني هو الرواية التي رواها النعماني في كتاب (الغيبة) بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، وهي رواية طويلة، قال فيها: وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه؛ فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم(٢٢٩).
وهذه الرواية لا بدّ من النظر فيها من جهتين: من جهة سندها ودلالتها؛ ليكون القارئ العزيز على بيّنة تامّة، وليعلم أنه لا يصحّ الاحتجاج بهذه الرواية على وجوب نصرة اليماني أو عصمته أو إمامته كما يدّعيه اﻟﮕﺎطع وأنصاره!!
***************
(٢٢٨) الكافي ٨/٢٢٠.
(٢٢٩) الغيبة: ٢٦٤.
هل تجب نصرة اليماني؟
- الزيارات: 154