قال أحمد إسماعيل:
(كما أنَّ الإمام الصادق عليه السلام يقول: (إنَّ هذا الأمر لا يدَّعيه غير صاحبه إلَّا تبر الله عمره) [الكافي للكليني: ج ١/ ص٣٧٢]).
والجواب:
أنَّ هذه الرواية تدلُّ على عدَّة أُمور:
١ _ أنَّ كلّ من يدَّعي الإمامة وهو ليس بإمام من الله تعالى فإنَّ الله يبتر عمره لا محالة، وبتر العمر غير مخصوص بمن يدَّعي الوصيّة فقط كما هو واضح من هذا الحديث.
٢ _ أنَّ ادّعاء الكاذب المبطل للإمامة أمر ممكن بل واقع، وأنَّ الله لا يحول بين الكاذب وبين ادّعائه للإمامة، ولا يصرفه عن هذا الادّعاء الكاذب، وإنَّما يعاقبه ببتر عمره، وهو إنقاصه، لا قطعه بعد ادّعاء الإمامة مباشرة، بمعنى أنَّ المبطل الكاذب المدَّعي للإمامة يمكن أن يعيش بعد ادّعاء الإمامة عدَّة سنين، لكنَّه لا يعيش عمره الطبيعي الذي قدَّره الله له والذي كان سيعيشه لو لم يدَّعِ الإمامة، وسيعترف أحمد إسماعيل بذلك فيما يأتي من كلامه، فانتظر.
ويشير إلى ما قلناه ما رواه الشيخ الصدوق قدس سره بسنده عن أبي خالد الكابلي، عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنَّه قال في حديث: (والذنوب التي تعجِّل الفناء: قطيعة الرحم، واليمين الفاجرة، والأقوال الكاذبة، والزنا، وسدّ طرق المسلمين، وادّعاء الإمامة بغير حقّ)(١٥٠).
ولا ريب في أنَّ من قطع رحمه أو كذب أو زنا أو سدَّ طريقاً فإنَّ الله لا يعاجله بالهلاك مباشرة بعد صدور الذنب عنه، والحديث يدلُّ على أنَّ هذه الأعمال القبيحة ومن ضمنها ادّعاء الإمامة بغير حقّ من أسباب تعجيل الفناء أي إنقاص العمر وتعجيل الموت.
٣ _ أنَّ هذه الرواية تُبطِل ما قاله أحمد إسماعيل من أنَّ الله يصرف المبطل عن ادّعاء النصّ؛ لأنَّها دلَّت على أنَّ مدَّعي الإمامة يمكن أن يدَّعي أنَّه منصوص عليه أو أنَّه مستخلف من قِبَل إمام الحقّ الذي قبله، إلَّا أنَّ الله تعالى يبتر عمره لو ادَّعى ذلك، ولو أنَّ الله سبحانه يصرف الكاذبين عن ادّعاء الإمامة لما استحقّوا بعد ذلك أن يبتر الله أعمارهم.
***************
(١٥٠) معاني الأخبار: ٢٧١/ باب معنى تفسير الذنوب/ ح ٢.
بتر عُمْر كلّ من يدَّعي الإمامة بغير حقّ
- الزيارات: 135