(٥٠٤)
إنَّ وراثة الأرض من المحتوم لكونها إرادة الله وقضاءه، ومجرَّد هذا القضاء(٥٠٥) يمكن أن يقع فيه البداء لأنَّ (لله تبارك وتعالىٰ البداء فيما علم متىٰ شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء)(٥٠٦)، إلَّا أنَّه قضاء بالإمضاء(٥٠٧) (فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء)(٥٠٨)، لأنَّه مشفوع بوعد إلهي و(اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (الرعد: ٣١)، وهذا ما بيَّنه الإمام الجواد عليه السلام بأنَّ الله يبدو له في المحتوم إلَّا ما كان من الميعاد فلا بداء فيه(٥٠٩)، فاكتسبت الوراثة درجة المحتوم الذي لا يقع فيه البداء بلحاظ ذلك الوعد(٥١٠). إضافةً إلىٰ ما تقدَّم فإنَّ البداء لا يقع في عالم الأسباب والمسبَّبات وإنَّما يكون جار في الأمور التكوينية(٥١١)، وبما أنَّ وراثة الأرض هي من السنن الإلهية القائمة علىٰ الأسباب والمسبَّبات فإنَّ تحقّقها لا يقع فيه البداء.
***************
(٥٠٤) البداء في اللغة يعني ظهور الشيء. (معجم مقاييس اللغة/ ابن فارس ١: ٢١٢)، وفي الاصطلاح يراد به ظهور أمر من الله تعالىٰ لم يكن ظاهراً لغيره سبحانه. (الغيبة/ الشيخ الطوسي: ٨٣).
(٥٠٥) القضاء يكون علىٰ نوعين: قضاء ممضىٰ وهو المحتوم الذي لا بداء فيه، وقضاء مسمّىٰ وهو ما يقع فيه البداء.
(٥٠٦) حديث للإمام الكاظم عليه السلام. (الكافي/ الكليني ١: ٢١٤).
(٥٠٧) الإمضاء هو إتمام القضاء وإنفاذه والفراغ منه. (شرح أصول الكافي/ المازندراني ٤: ٢٥٨).
(٥٠٨) المصدر السابق.
(٥٠٩) عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: كنّا عند أبي جعفر محمّد بن علي الرضا عليهما السلام فجرىٰ ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أنَّ أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر عليهما السلام: هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: (نعم)، قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم، فقال: (إنَّ القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد). (الغيبة/ النعماني: ٣١٥). ومحلّ الشاهد أنَّ ما كان من الميعاد لا بداء فيه.
(٥١٠) ظ/ بحار الأنوار/ المجلسي ٥٢: ٢٥١.
(٥١١) ظ/ مجموعة الرسائل/ لطف الله الصافي ٢: ١٠٤.
وراثة الأرض من الحتم الذي لا بداء فيه
- الزيارات: 590