1- شهيد المحراب(عليه السلام).
2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام).
1- شهيد المحراب(عليه السلام):
لم يمهل الجرح أميرالمؤمنين طويلاً لشدّته و عظيم وقعته، فقد دنا الأجل المحتوم ، وكان آخر ما نطق به قوله تعالى: {لمثل هذا فليعمل العاملون}[1] ثم فاضت روحه الطاهرة إلى جنة المأوى وذلك في (21) من شهر رمضان وكان عمره شريف (63) سنة.
دفن و تأبين الامام(عليه السلام):
نهض الامامان الحسن و الحسين(عليهماالسلام) بتجهيز أميرالمؤمنين(عليه السلام) و ما يترتب عليهما من إجراءات الدفن من غسل و تكفين ، ثمّ صلّى الامام الحسن(عليه السلام) على أبيه و معه ثلّة من أهل بيته و أصحابه ، ثمّ حملوا جثمان الطاهر لأميرالمؤمنين علي(عليه السلام) الى مثواه الأخير، ودفن في النجف قريباً من الكوفة، وتمت كلّ الإجراءات ليلاً[2].
ثم وقف صعصعة بن صوحان يؤبّن الامام(عليه السلام) فقال:
هنيئاً لك يا اباالحسن! فلقد طالب مولدك و قوي صبرك، وعَظُمَ جهادك، وظفرت برأيك، وربحت تجارتك، وقُدِمت على خالقك فتلقّاك الله ببشارته وحفّتك ملائكتك، واستقررت في جوار المصطفى فأكرمك الله بجواره، ولحقتَ بدرجة أخيك المصطفى ، وشربت بكأسه الأوفى، فأسال الله أن يمنّ علينا باقتفائنا أثرك، والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليئك ، والمعاداة لأعدائك، وأن يحشرنا في زمرة أوليائك، فقد نلتَ ما لم ينله أحد، وأدركت ما لم يدركه أحد، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي اخيك المصطفى حق جهاده، وقمت بدين الله حق القيام، حتى أقمت السنن و أبرت الفتن وإستقام الإسلام و انتظم الايمان فعليك منّي أفضل الصلاة و السلام.
ثمّ قال: لقد شرّف الله مقامك وكنت أقرب الناس إلى رسول الله 2 نسباً ، و أوّلهم اسلاماً، و أوفاهم يقيناً ، وأشدّهم قلباً، وأبذلهم لنفسه مجاهداً، وأعظمهم في الخير نصيباً، فلا حرمنا أجرك، ولاأذلّنا بعدك، فولله لقد كانت حياتك مفاتح الخير و مغالق الشر، وإنّ يومك هذا مفتاح كلّ شر و مغلاق كلّ خير، ولو أنّ الناس قبلوا منك؛ لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة[3].
2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام):
بعد أن لبى أميرالمؤمنين(عليه السلام) نداء ربّه، وكان لابد من تعيين الخليفة من بعده، و عملية استخلاف ولده الحسن لم تكن إلا لتبرهن على تنصيصه من الرسول2 و بهذا ألقى في صباح الليلة التي دَفَن فيها أباه خطبة في الناس بيّن فيها أهمّية الليلة التي استشهد فيها أميرالمؤمنين(عليه السلام) ومكانة سيد الاوصياء وفضائله(عليه السلام) وأنه رجل لم يسبقه الأولون بعمل ولايدركه الآخرون بعمل وقال: « أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، ...، أنا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس و تطهرهم تطهيرا». ولما أنهى الامام(عليه السلام) خطابه، انبرى عبيدالله بن العباس وهو يحفِّز المسلمين إلى المبادرة لمبايعة الامام الحسن المجتبى(عليه السلام) قائلاً:
«معاشر الناس ، هذا ابن نبيكم ، و وصيّ إمامكم فبايعوه». واستجاب الناس لهذه الدعوة المباركة ، فهتفوا بالطاعة، وأعلنوا الرضا والانقياد قائلين:
«ما أحبّه الينا و أوجب حقّه علينا و أحقّه بالخلافة»[4].
وتمّت البيعة له في يوم الجمعة المصادف الحادي والعشرين من شهر رمضان في سنة (40) للهجرة[5].
و بعد المبايعة مباشرة رتب(عليه السلام) العمّال وأمر الامراء ونظر في الامور ، و أنفذ عبدالله بن العباس إلى البصرة[6].
كان أوّل شيء أحدثه الحسن بن علي(عليه السلام) أنّه زاد المقاتلة مائة مائة ، و قد كان أبوه فعل ذلك يوم الجمل ، و الحسن(عليه السلام) فعله على حال الاستخلاف فتبعه الخلفاء بعد ذلك[7].
وكانت مدّة خلافته(عليه السلام) ستة أشهر و هي مدّة الصلح بينه(عليه السلام) وبين معاوية بن أبي سفيان.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - الصافات: 61
[2] - بحارالانوار: 42/290.
[3] - بحارالانوار: 42/295.
[4] - مقاتل الطالبين: 34.
[5] - الإرشاد: 4/15.
[6] - أعيان الشيعة: 4/14.
[7] - مقابل الطالبين: 35 طبعة المكتبة الحيدرية – النجف 1385.