تعريف ابن تيمية
و أكثر التعاريف عرضة للاِشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال:
«العبادة اسم جامع لكلّ ما يحبّه اللّه و يرضاه من الاَقوال والاَعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة والزكاة والصيام، والحجّ، و صدق الحديث و أداء الاَمانة، و برّالوالدين و صلة الاَرحام».(2)
وهذا الكاتب لم يفرّق ـ في الحقيقة ـ بين العبادة و التقرّب، و تصوّر أنّ كلّ عمل يوجب القربى إلى اللّه، فهو عبادة له تعالى أيضاً، في حين أنّالاَمر ليس كذلك، فهناك أُمور توجب رضا اللّه، و تستوجب ثوابَه لكنّها قد تكون
عبادة
____________
(1) تفسير القرآن الكريم:37.
(2) مجلة البحوث الاِسلامية، العدد2: 187، نقلاً عن كتاب العبودية:38.
كالصوم و الصلاة والحجّ، و قد تكون موجبة للقرب إليه دون أن تعدّ عبادة، كالاِحسان إلى الوالدين، و إعطاء الزكاة، و الخمس، فكلّهذه الاَُمور (الاَخيرة) توجب القربى إلى اللّه في حين لا تكون عبادة. و إن سمّيت في مصطلح أهل الحديث عبادة، فيراد منها كونها نظير العبادة في ترتّب الثواب عليها او شرطيّة قصد القربة في صحّتها.
و بعبارة أُخرى: إنّالاِتيان بهذه الاَعمال يعدّطاعة للّه و لكن ليس كلُّ طاعة عبادة.
وإن شئت قلت: إنّ هناك أُموراً عباديّة و أُموراً قربية، و كلّعبادة مقرِّبة، و ليس كلّ مقرِّب عبادة، فدعوة الفقير إلى الطعام، و العطف على اليتيم ـ مثلاً ـ توجب القرب و لكنّها ليست عبادة بمعنى أن يكون الآتي بها عابداًبعمله للّهتعالى.
و إذا وقفت على قصور هذه التعاريف هنا نذكر في المقام تعريفين، كلّ يلازم الآخر.