الإمام موسى (عليه السلام) يحذّر الواقفة
الإمام موسى بن جعفر نظر بنور الله وفراسة المؤمن وهو الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع فعرف من هذا النظر الدقيق أن هناك جماعة سوف تغلبهم دنياهم وهواهم وينحرفوا عن جادة الحق فحذّر ما استطاع، ووقف موقفاً لا مثيل له في الدفاع عن خط الإمامة ومنهاج الرسالة المتمثل بالأئمة الاثني عشر (صلوات الله وسلامه عليهم).
فعن البطائني قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام) إنّ أباك أخبرنا بالخلف من بعده فلو خبرتنا به قال: فأخذ بيدي فهزها ثم قال: (ما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتّقون) (40).
وكأنه يشير إلى الواقع المخزي الذي يصير إليه هذا الرجل بعد وضوح الحق وبيانه ويشير الإمام بصراحة إلى حركة الوقف من بعده وينعى على القائلين به دينهم في حديث رواه محمد بن سنان قال:
دخلت على أبي الحسن قبل أن يحمل إلى العراق بسنة وعلي ابنه بين يديه. فقال لي: يا محمد!. قلت: لبيّك.
قال: إنّه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع منها، ثم أطرق ونكث بيده في الأرض ورفع رأسه إليّ وهو يقول: يضلّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء (41).
قلت: وما ذاك جعلت فداك؟
قال: من ظلم ابني هذا حقّه، وجحد إمامته من بعدي، كان كمن ظلم علي بن أبي طالب حقّه، وجحد إمامته من بعد محمد (صلى الله عليه وآله).
فعلمت أنّه قد نعى إليّ نفسه ودلّ على ابنه (42).