• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في رحاب الإمامة والأئمّة

في رحاب الإمامة والأئمّة

1 ـ عن عبدالعزيز بن مسلم قال : كنّا مع الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الامامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيّدي (عليه السلام) فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم (عليه السلام) ثمّ قال : «يا عبدالعزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، ان الله عزَّوجلَّ لم يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء، بيّن فيه الحلال والحرام، والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج اليه الناس كملاً، فقال عزَّوجلَّ : (ما فرّطنا في الكتاب من شيء)[1]، وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره (صلى الله عليه وآله) : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً)[2] وأمر الامامة من تمام الدين، ولم يمض (صلى الله عليه وآله) حتى بيّن لاُمتّه معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق وأقام لهم علياً (عليه السلام) علماً واماماً، وما ترك ]لهم[ شيئاً يحتاج اليه الاُمة إلاّ بيّنه، فمن زعم أن الله عزّوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافرٌ به .

هل يعرفون قدر الامامة ومحلّها من الاُمة فيجوز فيها اختيارهم، إنَّ الامامة أجلُّ قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم، إنّ الإمامة خص الله عزّوجلَّ بها ابراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذكره، فقال :(إنّي جاعلك للناس إماماً)[3] فقال الخليل (عليه السلام) سروراً بها : (ومن ذريّتي) قال الله تبارك وتعالى : (لا ينال عهدي الظالمين) فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة، ثم أكرمها الله تعالى بأن جعلها في ذريّته أهل صفوة والطهارة فقال : (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)[4] .

فلم تزل في ذرّيته يرثها بعضٌ عن بعض قرناً فقرناً حتى ورّثها الله تعالى النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال جلّ وتعالى : (إنّ اولى الناس بابراهيم للذين اتّبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين)[5] فكانت له خاصّة فقلّدها (صلى الله عليه وآله) عليّاً (عليه السلام) بامر الله تعالى على رسم ما فرض الله، فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى :(وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث)[6] فهي في ولد عليّ (عليه السلام) خاصّة إلى يوم القيامة; إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله) فمن أين يختار هؤلاء الجهّال .

إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء، وإرث الأوصياء، انّ الامامة خلافة الله وخلافة الرسول(صلى الله عليه وآله) ومقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام)، انّ الامامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، انّ الامامة اُس الاسلام النامي، وفرعه السامي، بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفيء والصدقات، وامضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والاطراف .

الإمام يحلّ حلال الله، ويحرّم حرام الله ويقيم حدود الله ويذبّ عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار، الإمام البدر المنير، والسّراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار، الإمام الماء العذب على الظماء، والدالّ على الهدى والمنجي من الردى، الإمام النار على اليفاع، الحارّ لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك، الإمام السحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشمس المضيئة، والسماء الظليلة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة .

الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والامّ البرَّة بالولد الصغير، مفزع العباد في الداهية، الإمام أمين الله في خلقه وحجته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي الى الله، والذاب عن حرم الله .

الإمام المطهّر من الذنوب، والمبرأ من العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم، بالحلم، نظام الدين، وعزّ المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين[7] .

2 ـ عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال علياً بعدي، وليعاد عدوَّه وليأتمَّ بالأئمة الهداة من ولده فإنهم خلفائي وأصيائي، وحجج الله على الخلق بعدي وسادة اُمتي وقادة الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان[8].

3 ـ عنه(رحمه الله) ـ بهذا الاسناد قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «يا علي أنت أخي ووزيري، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وأنت صاحب حوضي، من أحبّك أحبّني ومن أبغضك أبغضني[9].

في رحاب الغدير:
روي عن أبي الحسن الرضا في يوم الغدير أنه قال: «وهو يوم التهنئة يهنّئ بعضكم بعضاً فإذا لقى المؤمن أخاه يقول : الحمد لله الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة(عليهم السلام)، وهو يوم التبسّم في وجوه الناس من أهل الإيمان فمن تبسّم في وجه أخيه يوم الغدير نظر الله إليه يوم القيمة بالرحمة، وقضى له ألف حاجة، وبنى له قصراً في الجنة من درّة بيضاء ونضر وجهه .

وهو يوم الزينة فمن تزيّن ليوم الغدير غفر الله له كلَّ خطيئة عملها، صغيرة وكبيرة وبعث الله إليه ملائكة يكتبون له الحسنات، ويرفعون له الدرجات إلى قابل مثل ذلك اليوم، فإن مات مات شهيداً، وإن عاش عاش سعيداً، ومن أطعم مؤمناً كان كمن أطعم جميع الأنبياء والصدّيقين ومن زار فيه مؤمناً أدخل الله قبره سبعين نوراً ووسع في قبره ويزور قبره كلّ يوم سبعون ألف ملك ويبشّرونه بالجنة .

وفي يوم الغدير عرض الله الولاية على أهل السموات السّبع، فسبق إليها أهل السماء السابعة فزيّن بها العرش، ثمَّ سبق إليها أهل السّماء الرابعة، فزيّنها بالبيت المعمور، ثمَّ سبق إليها أهل السماء الدنيا فزيّنها بالكواكب ثمَّ عرضها على الأرضين فسبقت مكة فزيّنها بالكعبة ثمَّ سبق إليها المدينة فزيّنها بالمصطفى محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم سبقت إليها الكوفة فزيّنها بأمير المؤمنين (عليه السلام) وعرضها على الجبال فأوَّل جبل أقرّ بذلك ثلاثة أجبل : العقيق وجبل الفيروزج وجبل الياقوت فصارت هذه الجبال جبالهن وأفضل الجواهر .

في رحاب فقه الإمام الرضا (عليه السلام)
إن التراث الفقهي للإمام الرضا (عليه السلام) يتمثل في النصوص الفقهية التي وصلتنا بشكل مسند. فالعبادات المتمثلة في الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج والزيارة تبلغ عدد النصوص الواصلة عنه (437) نصاً . ونصوص النكاح والطلاق تبلغ (162) نصاً ونصوص المعيشة والعيد والاطعمة والاشربة تبلغ (255) نصاً ونصوص التجمل (82) نصاً والجهاد (12) نصاً والحدود والديات والقضاء والشهادة تبلغ (39) نصاً والأيمان والنذور والوصايا والجنائز والمواريث تبلغ (62) نصاً ويبلغ مجموع هذه النصوص الفقهية حوالي (1049) نصاً وهذا الحجم يشكل اكثر من نصف النصوص التي وصلتنا عنه(عليه السلام) حيث احصيناها وبلغت حوالي (2033) نصاً.

وفي هذا دلالة واضحة على مدى الاهتمام الذي بذله الإمام (عليه السلام) لإحكام قواعد واصول مدرسة أهل البيت الفقهية[10] .

في رحاب مواعظه وقصار كلماته
1 ـ قال الرضا (عليه السلام) : «لا يكون المؤمن مؤمناً حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنّة من ربّه وسنّة من نبيِّه (صلى الله عليه وآله) وسنّة من وليِّه (عليه السلام) . فأما السنّة من ربِّه فكتمان السرِّ . أمَّا السنّة من نبيِّه (صلى الله عليه وآله) فمداراة الناس . وأمّا السنّة من وليِّه (عليه السلام) فالصبر في البأساء والضراء».

2 ـ وقال (عليه السلام) : «صاحب النعمة يجب أن يوسّع على عياله».

3 ـ وقال (عليه السلام) : «من أخلاق الأنبياء التَّنظّف».

4 ـ وقال (عليه السلام) : «لم يخنك الأمين، ولكن ائتمنت الخائن».

5 ـ وقال (عليه السلام) : «إذا أراد الله أمراً سلب العباد عقولهم، فأنفذ أمره وتمّت إرادته. فإذا أنفذ أمره ردَّ إلى كل ذي عقل عقله، فيقول : كيف ذا ومن أين ذا».

6 ـ وقال (عليه السلام) : «الصمت باب من أبواب الحكمة، إنَّ الصمت يكسب المحبَّة، إنَّه دليلٌ على كل خير».

7 ـ وقال (عليه السلام) : «التودُّدُ إلى الناس نصف العقل».

8 ـ وقال (عليه السلام) : «إنَّ الله يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال».

9 ـ وسُئِل عن خيار العباد ؟ فقال (عليه السلام) : «الذين إذا أحسنوا استبشروا . وإذا أساؤا استغفروا، واذا اُعطوا شكروا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا غضبوا عفوا».

10 ـ وسُئل (عليه السلام) عن حد التوكُّل ؟ فقال (عليه السلام) : «أن لا تخاف أحداً إلاّ الله» .

11 ـ وقال (عليه السلام) : «من السُنَّة إطعام الطعام عند التزويج».

12 ـ وقال (عليه السلام) : «الإيمان أربعة أركان : التوكل على الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله، قال العبد الصالح : (وأُفوِّضُ أمري إلى الله...* فوقاهُ الله سيئاتِ ما مكروا)[11].

13 ـ وقال (عليه السلام) : «صل رحمك ولو بشربة من ماء . وأفضل ما تُوصل به الرحم كفُّ الأذى عنها وقال في كتاب الله : (ولا تُبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى)»[12].

14 ـ وقال (عليه السلام) : «إنَّ من علامات الفقه : الحلم والعلم، والصمت بابٌ من أبواب الحكمة إنَّ الصمتَ يكسب المحبّة، إنّه دليلٌ على كل خير».

15 ـ وقال (عليه السلام) : «إنَّ الذي يطلُبُ من فضل يكُفُّ به عياله أعظم أجراً من المجاهد في سبيل الله» .

16 ـ وقيل له : كيف أصبحت ؟ فقال (عليه السلام) : «أصبحت بأجل منقوص، وعمل محفوظ، والموتُ في رقابنا، والنارُ من ورائنا، ولا ندري ما يفعل بنا».

ونكتفي بهذه الجولة السريعة في رحاب تراثه الثرّ الذي لازال ينبوعاً فيّاضاً بالعلوم والمعارف الربّانية التي تأخذ المتفقّه فيها الى منازل السعداء .

 

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
 
[1] الأنعام (6): 38 .

[2] المائدة (5): 3 .

[3] البقرة (2): 124.

[4] الانبياء (21): 72 ـ 73 .

[5] آل عمران (3): 68 .

[6] الروم (30): 56 .

[7] راجع تمام الحديث في: من لا يحضره الفقيه: 4/300، والخصال: 527، وعيون أخبار الرضا: 1/212.

[8] امالي الصدوق : 13 .

[9] أمالي الصدوق : 37 .

[10] راجع في ذلك مسند الإمام الرضا: 2/155.

[11] أراد (عليه السلام) بالعبد الصالح مؤمن آل فرعون والآية في سورة غافر (40): 44 ـ 45 .

[12] البقرة (2): 266 .
 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page