هدم جامع الكوفة
«وخرب جامع الكوفة من العمران، وانعقد الجسران (وقد انعقدا في بغداد وهما معروفان)، فذلك الوقت زوال ملك بني العبّاس، وظهور قائمنا أهل البيت»([1]).
مسجد الكوفة من المساجد المعظّمة، فيه مقامات جليلة، وجديرة بالاهتمام، كان المسجد عامراً على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، كانت تُشدّ له الرحال، حيث حلقات الدرس، والعلماء والفضلاء والمصلّون بالآلاف، ومسجد الكوفة كما وردت الأخبار في آخر الزمان وظهور صاحب العصر والزمان (عج)، يتّخذ من مسجد الكوفة مقرّاً لحكومته، ومن مسجد السهلة مقرّاً لعياله، كانت الكوفة عاصمة الدولة الإسلاميّة، ولكن لمَّا جاء الجبابرة والأُمراء من بني أُميّة وبني العبّاس من قبل ونقلوا العاصمة إلى دمشق تارة، وإلى بغداد وسامرّاء تارة أُخرى، أُهملت الكوفة لأنَّها كانت على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) عاصمة، وأُهمل مسجدها وخرب من العمران، خوفاً من الحكّام والسلاطين الذين منعوا الصَّلاة فيه، إلاّ من الآحاد، بعد أن كان يغصّ بالمصلّين، وطلاّب العلم والجند، وقد عاصرنا خرابه وعمرانه، وعلى مدى ثلاثة عقود من حكم البعث للعراق، كان النّاس يتحاشون الدخول إليه، ولكن في آخر أيَّام البعث عَمُر المسجد بالمصلّين.
بغداد فيها من الجسور أكثر من عدد أصابع اليدين، وهي جسور فخمة على دجلة، تربط بين الكرخ والرصافة، ولكن أيّ الجسرين المقصود؟ أهما الجسر المعلّق الذي قصف ووقع في النهر ثمَّ عُقد ثانية، وهو الجسر من جهة القصر الجمهوري، أم الجسر ذي الطابقين؟ وهو الآخر عُقد ولا يزال شامخاً على دجلة، ولكلّ منهما خبر، والحال عُقد الجسر ذي الطابقين وحكمهم لا يزال باقياً وبعد فترة ليست طويلة سقط الحكم العبّاسي (ملك العفالقة) في سياستهم العبّاسيّة وإلى غير رجعة، ولم يبقَ إلاّ ظهور قائمنا أهل البيت (عج)، وأمَّا إذا كان المقصود من الجسرين في الكوفة ; فقد عُقد أحدهما ولزمن قريب كان الآخر معطّلاً.
ولو قُدِّر لنا أن نحصي العلامات التي ذكرت فوقعت لكان عندنا كتاب فخم ضخم.
خرب مسجد الكوفة من العمران، وانعقد الجسران، وزال ملك بني العبّاس، ولم يبقَ إلاّ ظهور قائمنا أهل البيت (عج)، اللَّهمَّ فعجِّل لوليّك الفرج والعافية والنصر.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الملاحم والفتن، ص: 164، وإلزام الناصب، ص: 178، ويوم الخلاص، كامل سليمان،
ص: 460.