صفات المعتصم
أما صفات المعتصم ونزعاته التي عُرِف بها فهي كما يلي:
الحماقة:
وكان من صفات المعتصم الحماقة، وقد وصفه المؤرّخون بأنّه إذا غضب لا يبالي من قتل ولا ما فعل[1] وهذا منتهى الحمق الذي هو من أرذل نزعات الإنسان.
كراهته للعلم:
وكان المعتصم يكره العلم، ويبغض حملته، وقد كان معه غلام يقرأ معه في الكتاب، فتوفّي الغلام فقال له الرشيد: يا محمد مات غلامك قال: نعم يا سيدي واستراح من الكتاب، فقال له الرشيد: وان الكتاب ليبلغ منك هذا دعوه لا تعلّموه[2].
وبقي أمّياً، وحينما ولي الخلافة كان لا يقرأ ولا يكتب، وكان له وزير عامّي، وقد وصفه أحمد بن عامر بقوله:
(خليفة أمّي ووزير عامّي)[3].
لقد كان عارياً من العلم، والفضل، وعارياً من كل صفة شريفة يستحق بها منصب الخلافة في الإسلام التي هي أخطر منصب يناط به إقامة الحق والعدل بين الناس، هذه بعض الصفات الماثلة فيه.
بغضه للعرب:
وكان المعتصم شديد الكراهية والبغض للعرب وقد بالغ في إذلالهم والاستهانة بهم فقد أخرجهم من الديوان وأسقط أسماءهم، ومنعهم العطاء كما منعهم الولايات[4].
ولاؤه للأتراك:
كان المعتصم يكنّ في أعماق نفسه خالص الولاء والحب للأتراك، فقد أخذ يستعين بهم في بناء دولته، ويعود السبب في ذلك إلى أن أمه (ماردة) كانت تركية فكان يحكي الأتراك في طباعهم ونزعاتهم، وقد بعث في طلبهم من فرغانة، واشروسنة واستكثر منهم[5] وقد بلغ عددهم في عهده سبعين ألفاً، وقد حرص المعتصم على أن تبقى دماؤهم متميزة فجلب لهم نساءً من جنسهم فزوجهم بهن، ومنعهم من الزواج بغيرهن[6] وقد ألبسهم أنواع الديباج، والمناطق الذهبية[7] وقد أسند لهم قيادة الجيش، وجعل لهم مراكز في مجال السياسة والحرب وحرم العرب ممّا كان لهم من قيادة الجيوش، وقد آثرهم على الفرس والعرب في كلّ شيء.
وقد أساء الأتراك إلى المواطنين فكانوا يسيرون في شوارع بغداد راكبين خيولهم دون أن يعبأوا بالمارّة فكانوا يسحقون الشيخ والمرأة والطفل وقد ضجّت بغداد من اعتدائهم وعدم مبالاتهم[8].
وقد وصف دعبل الخزاعي مدى تسلّط الأتراك على المعتصم وبنوع خاصّ وصيف واشناس التركيّين يقول:
لقد ضاع أمر الناس إذ ساس ملكهم***وصيف واشناس وقد عظم الكرب
وذكر دعبل أنّ المعتصم عهد بوزارته إلى الفضل بن مروان وكان نصرانيّاً في الأصل قال:
وفضل بن مروان سيثلم ثلمة***يظلّ لها الإسلام ليس لها شعب
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الإسلام والحضارة العربية: ج 2 ص 237، أخبار الدول: ص 155.
[2] أخبار الدول: ص 155.
[3] وفيات الأعيان.
[4] الإسلام والحضارة العربية ج2 ص449.
[5] مروج الذهب ج4، ص9.
[6] ظهر الإسلام ج1 ص4-5.
[7] تاريخ الخلفاء: ص223.
[8] تاريخ الحضارة الإسلامية في الشرق: ص 24.