• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

وفــاتــه

وفــاتــه

بعد ثمانية عشر عاماً تصدى خلالها للإمامة الإسلامية ، استجاب لنداء ربه الحق ، فلبَّاه راضياً مرضياً ، وقد قضى من عمره المبارك سبعاً وخمسين ربيعاً .

في غرة رجب من عام 114 للهجرة كان أهل بيته يحفّون به وكان السم الذي دس غليه من خلال سرج امتطاه قد انتشر في جسده فالتفت إلى نجله ووصيه الإمام الصادق (ع) وقال :

سمعت علي بن الحسين ناداني من وراء الجدران يا محمد تعال عجل ، وقال : يا بني هذا الليلة التي وعدتها وقد كان وضوءه قريباً ، قال : أريقوه أريقوه فظن بعضهم أنه يقول : من الخمس فقال يا بني أرقه فأرقناه فإذا فيه فأرة .

وأوصى ابنه الإمام جعفر بن محمد بأن يكفّنه في ثلاثة أثواب ، أحدها رداء له جدة كان يصلي فيه يوم الجمعة ، وثوب آخر وقميص ، وأوصى أن يشق له القبر شقاً ، واضاف فإن قيل لكم أن رسول اللـه لحد له فقد صدقوا .

وأوصى أن يرفع أربع أصابع ، وأن يرش بالماء ، وأن يوقف من أمواله قدراً لكي تندبه النوادب بمنى عشر سنين أيام المنى .

ولما توفي ضجت المدينة المنورة . ويروى عن الإمام الصادق (ع) :

أن رجلاً كان على بعد أميال من المدينة فرأى في منامه أنه قيل له : انطلق فصل على أبي جعفر : فإن الملائكة تغسله ، فجاء الرجل فوجد أبا جعفر قد توفي .

وبعد تجهيزه دفن في البقيع عند قبر والده الإمام زين العابدين وعم أبيه الإمام الحسن المجتبى.[1]

فسلام اللـه عليه يوم ولد ويوم مات مسموماً ويوم يبعث حيّاً .

كلماته المضيئة :

لقد فاضت بكلماته المضيئة كتب المعارف ، أولم يكن باقر العلم في أهل بيت الرسالة ؟ ولكننا نقتبس منها قبسات لعل اللـه ينور بها قلوبنا ويبصرنا حقائق أنفسنا ويهدينا إلى الصراط القويم .

تعال نستمع معاً إلى وصيته الرشيدة التي ألقاها إلى جابر بن يزيد الجعفي :

“ أوصيك بخمس : إن ظُلمت فلا تظلم ، وإن خانوك فلا تخن ، وإن كذبت فلا تغضب ، وإن مدحت فلا تفرح ، وإن ذممت فلا تجزع ، وفكر فيما قيل فيك فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك فسقوطك من عين اللـه جل وعز عند غضبك من الحق أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من أعين الناس ، وإن كنت على خلاف ما قيل فيك فثواب اكتسبته من غير أن تتعب بدنك ، واعلم أنك لا تكون لنا ولياً حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا أنك رجل سوء لم يحزنك ذلك ، ولو قالوا أنك رجل صالح لم يسرك ذلك ، ولكن أعرض نفسك على كتاب اللـه فإن كنت سالكاً سبيله زاهداً في تزهيده ، راغباً في ترغيبه ، خائفاً من تخويفه ، فاثبت وأبشر فإنه لايضرك ما قيل فيك ، وإن كنت مبايناً للقرآن فما الذي يغرك من نفسك ، إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها ، فمرة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة اللـه ، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها ، فينعشه اللـه فينتعش ويقيل اللـه عثرته فيتذكر ، ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف وذلك بأن اللـه يقول : { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَآئِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فإِذَا هُم مُبْصِرُونَ } (الاعراف/201) ، يا جابر استكثر لنفسك من اللـه قليل الرزق تخلّصاً إلى الشكر واستقلل من نفسك كثير الطاعة لله ازراء على النفس وتعرّضاً للعفو ، وادفع عن نفسك حاضر الشر بحاضر العلم ، واستعمل حاضر العلم بخالص العمل ، وتحرز في خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة التيقظ ، واستجلب شدة التيقظ بصدق الخوف وتَوقّ مجازفة الهوى بدلالة العقل ، وقف عند غلبة الهوى باسترشاد العلم ، واستبق خالص الأعمال ليوم الجزاء ، وادفع عظيم الحرص بإيثار القناعة ، واستجلب حلاوة الزهادة بقصر الأمل ، واقطع أسباب الطمع ببرد اليأس ، وسد سبيل العجب بمعرفة النفس ، وتخلص إلى راحة النفس بصحة التفويض ، وتعرض لرقة القب بكثرة الذكر في الخلوات ، واستجلب نور القلب بدوام الحزن ، وتحرز من إبليس بالخوف الصادق ، وإياك والرجاء الكاذب فإنه يوقعك في الخوف الصادق ، وإياك والتسويف فإنه بحر يغرق فيه الهلكى ، وإياك والغفلة ففيها تكون قساوة القلب ، وإياك والتواني فيما لا عذر لك فيه فإليه يلجأ النادمون ، واسترجع سالف الذنوب بشدة الندم وكثرة الاستغفار ، وتعرض للرحمة وعفو اللـه بخالص الدعاء والمناجاة في الظلم ، واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر واطلب بقاء العز بإماتة الطمع ، وارفع ذلك الطمع بعز اليأس ، واستجلب عز اليأس ببعد الهمة ، وتزود من الدنيا بقصر الأمل وبادر بانتهاز البغية عند إمكان الفرصة ، وإياك والثقة بغير المأمون ، واعلم أنه لا علم كطلب السلامة ، ولا عقل كمخالفة الهوى ، ولا فقر كفقر القلب ، ولا غنى كغنى النفس ، ولا معرفة كمعرفتك بنفسك ، ولا نعمة كالعافية ولا عافية كمساعدة التوفيق ، ولا شرف كبعد الهمة ، ولا زهد كقصر الأمل ، ولا عدل كالإنصاف ، ولا جور كموافقة الهوى ، ولا طاعة كأداء الفرائض ، ولا مصيبة كعدم العقل ، ولا معصية كاستهانتك بالذنب ، ورضاك بالحالة التي أنت عليها ، ولا فضيلة كالجهاد ، ولا جهاد كمجاهدة الهوى ، ولا قوة كرد الغضب ، ولا ذل كذل الطمع ، وإياك والتفريط عند إمكان الفرصة ، فإنه ميدان يجري لأهله بالخسران .

وقال (ع) : خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها ، فإن اللـه يقول : { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللـه } (الزمر/18) ، ويحك يا مغرور ألا تحمد من تعطيه فانياً ويعطيك باقياً ، درهم يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف مضاعفة ، إنما أنت لص من لصوص الذنوب كلما عرضت لك شهوة أو ارتكاب ذنب سارعت إليه وأقدمت بجهلك عليه فارتكبته كأنّك لست بعين اللـه أو كأن اللـه ليس لك بالمرصاد ، يا طالب الجنة ما أطول نومك وأكل مطيتك وأوهى همتك فللّه أنت من طالب ومطلوب ، ويا هارباً من النار ما أحث مطيتك إليها ، وما أكسبك لما يوقعك فيها.[2]

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] هناك بعض الإختلافات في تفاصيل وفاته وسني عمره وما نقلناه استعرناه من جملة روايات تجدها في بحار الأنوار : ( ج 46 ، ص 112 - 220 ) .

[2] في رحاب أهل البيت سيرة الامام الباقر (ع) : ( ص 21 - 22 ) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page