إنَّ الحركة المهدوية هي وريثة كل الأنبياء والمصلحين، والنزعة الطاغوتية وريثة كل الانحرافات.
وبنو إسرائيل أولعوا منذ أن وُجِدوا بالتآمر والغدر والكذب والتحريف والفتك بالأنبياء والمصلحين، وما تشهده البشرية من فتن وصراعات ودعوات هدّامة ونشر الفساد والخلاعة والإباحية والتحلل الخلقي يقف وراءه هؤلاء، بل إنَّهم بالأخير سوف يكونون من أتباع الدجال لحرب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بالرغم مما سيشهدونه من عظمة الإسلام وسماحته وعدالة قائده المهدي (عجّل الله فرجه)(٢٢).
أمّا تحريفهم للكتب المقدسة المنزلة على أنبيائهم فحدِّث ولا حرج، وهذه التوراة الموجودة تشي بفضاعات التجسيم وشناعات أخلاقية نسبوها للأنبياء (عليهم السلام) لا يفعلها أرذل الناس، وبتعاليم وحشية في حروبهم ضد خصومهم وأعدائهم.
والنصرانية ليست بأفضل حال من اليهودية، فهذا كتابها المقدس الذي يضم أناجيل بأسماء أشخاص لم يكونوا من تلامذة المسيح الاثني عشر، وهي مشحونة بالتحريفات والعقائد الفاسدة، وقد اعترف الكثير من اللاهوتيين النصارى أنَّ المسيحية الموجودة من صناعة الحاخام الفريسي اليهودي شاؤول الملقَّب ببولص الرسول الذي ادخل عقيدة التثليث والصلب والفداء من الأُمم الوثنية كالمصريين والآراميين والفرس والإغريق والهنود.
أمّا الإسلام فقد ابتُلي بالمنافقين والمشركين ومردة أهل الكتاب، فحصل تحريف واسع فيه ولكن ليس بالقرآن العظيم وإنَّما بأحاديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسيرته الطاهرة، وأشنع ما حصل أنَّ منافقي السقيفة منعوا التحديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسمحوا لحاخامات اليهود وقساوسة النصارى بالتحديث في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمثال كعب الأحبار وتميم بن أوس الداري، فتحوَّل مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى منتدى لأهل الكتاب.
والغريب أن الحظر استمر قرناً من الزمان بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقلبت السُنة مثل الفرو وأدخل فيها ما أدخل من الإسرائيليات والنصرانيات والخرافات والأساطير والأكاذيب حتّى جاء (عمر بن عبد العزيز) فرفع الحضار عن تدوين السُنَّة(٢٣).
وأنت ترى - عزيزي القارئ الكريم - مدى خطورة هذه المنطقة في عصر الظهور وهي: (مكة المكرمة - المدينة المنورة - الكوفة - دمشق - القدس).
إلّا أن أعظمها شأناً هي الكوفة - العراق - لما فيه من خزين هائل من البشر المستعدين للتضحية والقتال تحت راية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بعدما ذاقوا الويلات من حكومات الجور طوال الحقب الطويلة المتعاقبة.
(فالأخيار من العراق - والأبدال من الشام - والنجباء من مصر - والكنوز من طالقان فارس).
أمّا من يحاول إعطاء بعض البلدان الأخرى أدواراً أكبر من حجمها في حركة الظهور فلا كلام لنا معه لأن النصوص ما زالت تقرع الأسماع عبر القرون:
«أسعد الناس به أهل الكوفة»(٢٤).
«لا بد لنا من أذربيجان لا يقوم لها شيء»(٢٥).
***************
(٢٢) لقد عرف عن اليهود أنهم يتآمرون على كل شعب يحلّون فيه، وقد اعترفوا بذلك في كتبهم وأدبياتهم، ولعلَّ أبرزها محاضر جلسة سرية لمنظمة يهودية عقدت بمدينة بازل بسويسرا نهاية القرن التاسع عشر وهي ما تسمّى ببروتوكولات حكماء صهيون، والتي وقعت بيد الكاتب الروسي (سيرجي نيلوس) فنشرها وتنبأ بسقوط إمبراطوريات ونشوب حروب عالمية، فمن أراد المزيد فليراجع كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون) لمحمد خليفة التونسي ونفس العنوان لعجاج نويهض.
(٢٣) صحيح البخاري: ج١، ص٣٣، كتاب العلم.
(٢٤) ينابيع المودة للقندوزي: ج٣، ص١٧٢، باب ٦٥.
(٢٥) إلزام الناصب للحائري: ج٢، ص١١١.
مجابهة عقائدية بين خط الأنبياء وخط الأشقياء
- الزيارات: 181