بقي أنَّهم يحتجّون بعصمة اليماني لقول المعصوم عليه السلام: إنَّ رايته راية هدى، وذلك دعوة لنصرته، ومن يدعو الإمام لنصرته لا بدَّ أن يكون معصوماً.
الجواب:
ورد عن الإمام الحجَّة عليه السلام بحقِّ علماء أتباع أهل البيت عليهم السلام بأنَّهم (حجَّتي عليكم وأنا حجَّة الله عليهم)(١٦٤)، فهل يلتزم أحد أنَّ علماء المذهب رحم الله الماضين وأيَّد الباقين هم معصومون؟
لم يقل بذلك أحد لا من العلماء أنفسهم ولا من أتباعهم، رغم أنَّ الإمام عليه السلام في نصِّه الصريح جعلهم حجَّة على العباد، وعليه لا ملازمة بين هذا القول والقول بالعصمة.
وكثيرة هي الشواهد على مخالفة بعض الولاة والوكلاء للأئمَّة عليهم السلام وعصيانهم لأوامرهم رغم توليتهم من الأئمَّة عليهم السلام أنفسهم، بل أزيد من ذلك فقد ورد في حقِّ بعضهم اللعن لشدَّة مخالفته وإضلاله لأتباع الأئمَّة بالدعوة لنفسه أو الغلوّ فيهم عليهم السلام.
إذن دعوى الملازمة بين تنصيب الأئمَّة عليهم السلام لوكلاء وحُجَج وما شابه ذلك والقول بالعصمة باطل.
هذا إن صدق انطباق تنصيب أحد بعينه، أمَّا في حالة اليماني فقد عرفنا أنَّ شخصه لم يُحدَّد بعينه، بل لا بدَّ في ذلك من الاستعانة بقواعد دينية وأخلاقية أُخرى كما سوف نعرف قريباً.
وقد تمَّ الكلام فيما سبق في معرفة شخص اليماني في حدود مدلول ما نطقت به الروايات الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام وخصوصاً في تحديد بلده، بقي أنَّ هذا البلد الذي ذكرته الروايات من الممكن أن يخرج منه عدَّة أشخاص ويدَّعون أنَّهم هم المقصودون باليماني المذكور في لسان الروايات بعد أن صرَّحت تلك الروايات أنَّه من اليمن. فما هي الضابطة العامَّة والميزان في معرفة أصحاب الدعوات الحقَّة من الباطلة؟ فلا بدَّ من وجود معيار وميزان تنتهي إليه معرفة صاحب كلّ دعوة، ولو كان الأمر هرجاً لصحَّ من كلِّ مفسد وباغ أن يدَّعي أنَّ دعوته دعوة حقّ ويجب على الخلق اتّباعه وإلَّا دخلوا النار، فما هي تلك الضابطة العامَّة؟
***************
(١٦٤) كمال الدين: ٤٨٤/ باب ٤٥/ ح ٤.
عصمة اليماني
- الزيارات: 196