وفاة عبد الملك بن مروان
هو عبد الملك بن مروان بن الحكم الاُموي القرشي، أبو الوليد، توفّى (14) شوّال سنة (86 هـ ) في دمشق وكانت ولادته (26 هـ ). نشأ في المدينة واستعمله معاوية على المدينة وهو ابن ستة عشر سنة.
تسلم عبد الملك بن مروان الحكم بعد موت أبيه، وفي ليلة الأحد غرّة شهر رمضان سنة خمس وستين، وكان قبل تسلمه الحكم يواظب على ملازمة المسجد وتلاوة القرآن حتى أسموه: «حمامة المسجد» ولما بلغه خبر استخلافه، وكان منشغلاً بتلاوة القرآن، وضع المصحف جانباً وقال: «سلام عليك... هذا فراق بيني وبينك».
يقول الراغب في «المحاضرات» بعد نقل هذه الواقعة: كان عبد الملك يقول: كنت أحس بالضيق من قتل نملة. والآن يكتب لي الحجاج أنه قتل فئاماً من الناس فلا يترك ذلك في نفسي أي أثر. وقال له الزهري يوماً: سمعت أنّك تشرب الخمر! قال بلى والله... وأشرب الدماء أيضاً!!.
و نقلت في ايامه الدواوين من الفارسية والرومية إلى العربية، وضبطت الحروف بالنقط والحركات، وأوّل من صك الدنانير في الاسلام، وأوّل من نقش بالعربية على الدراهم، وكان عمر بن الخطاب قد صك الدراهم[1].
ويروى أن عبد الملك كان يكنّي «أبي ذباب» لأن فمه كان يطلق أبخرة نتنة إلى درجة كبيرة حتى أنّ الذبابة كانت إذا مرّت بطرف فمه ماتت من شدة النتن، وكان لشدة بخله أيضاً يلقب بـ «رشح الحجر» وكان أوّل من لقّب بهذا اللقب في الإسلام.
توفي عن عمر بلغ ستاً وستين سنة، وامتد حكمه إحدى وعشرين سنة وشهراً ونصف الشهر منها ثلاث عشر سنة وأربعة أشهر إلا سبعة أيام كان فيها دون مزاحم وكان السابق عليه عبد الله بن الزبير مزاحمه على السلطان. وقد أعقب سبعة عشر ابناً أربعة منهم صاروا خلفاء. وقد روي أن عبد الملك رأى في المنام أنه بال في المحراب أربع مرات، وعبّر رؤاياه سعيد بن المسيب بأنّ أربعة من صلبه سيكونون خلفاء أصحاب محراب، وهكذا كان.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ اعلام الزركلي: ج 4، ص 165.