• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثاني: حتى بيعة العقبة

المجاعة:

ثم هاجت الأزمة، وهي الجوع في قريش وأهل مكة ـ وكان ذلك بدعاء النبي «صلى الله عليه وآله» الذي دعا عليهم ـ حتى أكلوا العلهز([1])، والقد، وحتى أحرقوا العظام فأكلوها وأكلوا الكلاب الميتة، والجيف، ونبشوا القبور، وأكلت المرأة طفلها.. وحتى كان الرجل يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان؛ فشغل ذلك الناس بأنفسهم وبمشاكلهم، فأتيحت الفرصة للنبي «صلى الله عليه وآله» ـ ولو لفترة قصيرة ـ ليتحرك في سبيل دينه ورسالته داعياً إلى الله، ومجاهداً في سبيله.
فلما دخلت سنة إحدى عشرة من البعثة، جاء أبو سفيان إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فقال: يا محمد، جئت بصلة الرحم، وقومك قد هلكوا جوعاً، فادع الله لهم، فدعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» لهم؛ فكشف عنهم، يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾([2]).
فإن الظاهر هو أن هذه الآية قد جاءت جواباً لقولهم: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون. ثم تحدث عنهم تعالى بأسلوب الغائب مشيراً إلى ما صدر منهم سابقاً مما يدل على عدم وثوقه في وعدهم، ثم عاد إلى خطابهم بالآية الآنفة الذكر، متوعداً إياهم بالعذاب الأليم في الآخرة في صورة عودتهم إلى العناد.
ونشير هنا: إلى أن رجوع أبي سفيان إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ليؤكد على أن المشركين كانوا يعرفون أن ما جاء به «صلى الله عليه وآله» هو الحق، ولكنهم جحدوا ذلك استكبـاراً وعتواً، وعلواً، وحفاظاً على الامتيازات الظالمة التي جعلوها لأنفسهم.
ومن الجهة الثانية، فإننا نجده «صلى الله عليه وآله» يستجيب لطلب أبي سفيان، ولكن ليس فقط لأجل ما ذكره من لزوم صلة الرحم؛ لأن الإسلام هو الصلة الحقيقية بين أبناء البشر جميعاً، وعلى أساسه تكون الأخوة بينهم.
وإنما يستجيب له ليعطيه دليلاً جديداً على أحقية ما جاء به، وليقيم الحجة عليه، وعلى كل من يرى رأيه؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، وليمنح الفرصة للذين يعيشون بعيداً عن الأضواء، وليس لهم مصالح دنيوية كبيرة، ليفكروا بموضوعية وتجرد؛ بعيداً عن الأجواء المصطنعة.

عرض الإسلام على القبائل:

لقد كان النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» يغتنم الفرصة في مواسم الحج؛ فيعرض على القبائل، قبيلة قبيلة، أن تعتنق الإسلام، وتعمل على نشره وتأييده، وحمايته ونصرته، بل كان لا يسمع بقادم إلى مكة، له اسم وشرف، إلا تصدى له، ودعاه إلى الإسلام.
ولكن عمه أبا لهب كان يتبعه أنى توجه، ويعقب على كلامه، ويطلب منهم أن لا يقبلوا منه ولا يطيعوه في شيء.
هذا بالإضافة إلى اتهامه بالجنون، والسحر والكهانة، والشعر، وغير ذلك.
وكان الناس في الغالب يسمعون من قريش، إما خشية من سلطانها ونفوذها، وإما حفاظاً على مصالحهم الاقتصادية في مكة، لا سيما في مواسم الحج، وعكاظ.
كما أن تصدي أبي لهب عم النبي «صلى الله عليه وآله» بالذات لإفساد الأمر عليه «صلى الله عليه وآله» كان أبعد تأثيراً في ذلك، على اعتبار: أنه عمه، وأعرف الناس به.
ولقد أفادت تحركات النبي «صلى الله عليه وآله» هذه، حيث إنهم بعد أن ذهبت شوكة قريش، وخمد عنفوانها، وأصيب نفوذها بنكسة قوية بسبب ظهور دعوته وانتشار دينه «صلى الله عليه وآله»، وتوالي انتصاراته عليها، ولا سيما بعد فتح مكة.
بدأت وفادات العرب تترى إلى المدينة، بعد أن أمنوا غائلة عداء قريش، ليعلنوا عن ولائهم ومساندتهم، لأن دعايات قريش وإشاعاتها الكاذبة قد ذهب أثرها، وبطل مفعولها، لأنهم قد رأوا هذا النبي عن قرب، وعرفوا فيه رجاحة العقل، واستقامة الطريقة، منذ اجتمعوا به في تلك المواسم، وعرض دعوته عليهم.
وقد صرح المؤرخون بأن العرب كانوا ينتظرون بإسلامهم قريشاً و كانوا إمام الناس، وأهل الحرم، وصريح ولد إسماعيل لا تنكر العرب ذلك.
فلما فتحت مكة واستسلمت قريش عرفت العرب أنها لا طاقة لها بحرب رسول الله ولا عداوته، فدخلوا في الدين أفواجاً([3]).
بل إنه «صلى الله عليه وآله» حينما كان يعرض دعوته على القبائل كانوا يردون عليه أقبح الرد، ويقولون: أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك([4]).
وهذا يدل على أن الخوف من قريش لم يكن هو الدافع الوحيد للامتناع عن الدخول في الإسلام، لا سيما وأن الكثيرين من العرب كانوا بعيدين عن مكة، ولا يخشون سطوتها.
ونقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها، وهي أن تحرك النبي «صلى الله عليه وآله» وعرض دين الله على القبائل، وهجراته المتعددة في سبيله ليعتبر إدانة للمنطق القائل: إن على صاحب الدعوة: أن يجلس في بيته، ولا يتحرك، وعلى الناس أن يقصدوه ويسألوه عما يهمهم، ويحتاجون إليه.

بنو عامر بن صعصعة، ونصرة النبي صلى الله عليه وآله:

ونشير هنا إلى واقعة هامة، حدثت في خلال عرض النبي «صلى الله عليه وآله» دعوته على القبائل، وهي:
أن رسول «صلى الله عليه وآله» قد أتى بني عامر بن صعصعة، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم دعوته فقال لهم رجل منهم، اسمه: «بيحرة بن فراس»: والله، لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب.
ثم قال له: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟
قال: الأمر لله، يضعه حيث يشاء.
فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا؟! لا حاجة لنا بأمرك.
فأبوا عليه، فلما صدر الناس، رجع بنو عامر إلى شيخ لهم؛ فسألهم عما كان في موسمهم، فقالوا: جاءنا فتى من قريش، ثم أحد بني عبد المطلب، يزعم أنه نبي، يدعونا إلى أن نمنعه، ونقوم معه، ونخرج به إلى بلادنا.
فوضع الشيخ يديه على رأسه، ثم قال: يا بني عامر، هل لها من تلاف؟ هل لذناباها من مطلب؟ والذي نفس فلان بيده، ما تقولها إسماعيلي قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم!([5]).
ومثل ذلك جرى له «صلى الله عليه وآله» مع قبيلة كندة، كما ذكره أبو نعيم في دلائل النبوة([6]).
ونحن نسجل هنا ما يلي:

1 ـ الأمر لله:

لقد نصت الرواية على أن الأمر لله يضعه حيث يشاء، ونستفيد من ذلك:
أ ـ إن الرسول لم يعط هؤلاء وعداً بما طلبوه منه، من جعل الأمر لهم بعده، بل أجابهم بأن الأمر لله، يضعه حيث يشاء أي أنه لا يمكن أن يعد بما لا يعلم قدرته على الوفاء به، تماماً على العكس من السياسيين الذين عرفناهم في عصرنا الحاضر، وعلى مر العصور الذين لا يتورعون عن إغداق الوعود المعسولة على الناس، حتى إذا وصلوا إلى غايتهم، وجلسوا على كرسي الزعامة فإنهم ينسون كل ما قالوه، وما وعدوا به.
ولكن نبي الإسلام الأكرم «صلى الله عليه وآله» رغم أنه كان بأمس الحاجة إلى من يمد له يد العون لا سيما من قبيلة كبيرة تملك من العدد والعدة ما يمكنها من حمايته، والرد عنه، إلا أنه يرفض أن يعد بما لا يملك الوفاء به، حتى ولو كان هذا الوعد يجر عليه الربح الكثير فعلاً.
ب ـ إن جواب النبي «صلى الله عليه وآله» لهم بقوله: «الأمر لله يضعه حيث يشاء» يؤيد ما يذهب إليه أهل البيت «عليهم السلام» وشيعتهم الأبرار رضوان الله تعالى عليهم، من أن خلافة النبوة ليست من المناصب التي يرجع البت فيها إلى الناس، بل هي منصب إلهي، والأمر لله فيها، يضعه حيث يشاء.

2 ـ سمو الهدف، والنظرة الضيقة:

وإن عرض هذه القبيلة مساعدتها على النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» بهذا النحو، إنما يدل على أنها لا تريد في مساعدتها له وجه الله سبحانه، ولا تنطلق في موقفها ذاك من قاعدة إيمانية قوية، وقناعة عقائدية راسخة، ولا طمعاً بثواب الله، ولا خوفاً من عقابه.
وإنما تنطلق في ذلك من نظرة ضيقة، مصلحية تجارية بالدرجة الأولى، وتريد من نصرها له أن تأكل به العرب، وتحصل على المجد والسلطان.
ومن الواضح ـ بناء على هذا ـ أن نصرها له لسوف ينتهي عندما تجد: أن مصلحتها قد انتهت، وحصلت على كل ما تريد، أو حينما ترى: أن تجارتها الدنيوية قد خسرت، بل لربما تنقلب عليه إذا رأت فيه عائقاً يمنعها من تحقيق أهدافها، أو الاحتفاظ بالامتيازات الظالمة التي تفرضها لنفسها.
وهكذا يتضح: أن الاعتماد على من يفكر بعقلية كهذه، ويتعامل من منطلق كهذا ليس إلا اعتماداً على سراب، إن لم يجر على من يعتمد عليه البلاء والعذاب.

3 ـ الدين والسياسة:

وقد لاحظ بعض المحققين هنا: أن هذا العربي، وهو من بني عامر بن صعصعة، لما أخبروه بما يدعو إليه النبي «صلى الله عليه وآله»، ونقلوا إليه ما جرى لهم معه قد أدرك: أن هذا الدين ليس مجرد ترهب في الصوامع، وصلاة، ودعاء، وأوراد، وأذكار، بل هو دين يشتمل على التدبير والسياسة، والحكم، ولأجل هذا قال: «لو أني أخذت هذا الفتى (يعني محمداً بما له من الدعوة الشاملة) لأكلت به العرب».
ولقد سبقه إلى إدراك هذه الحقيقة شيخ الأنصار أسعد بن زرارة، لما قدم إلى مكة، وعرض عليه النبي «صلى الله عليه وآله» ما يدعو إليه، فرأى: أن فيه وفي دعوته ما يصلح مجتمعه، ويعالج مشاكلهم المستعصية بينهم وبين إخوانهم من الأوس، وعلى هذا كانت الهجرة([7]).
وقد أدرك ذلك أيضاً نفس أولئك الذين اشترطوا على النبي «صلى الله عليه وآله» أن يكون لهم الأمر من بعده، فرفض «صلى الله عليه وآله» طلبهم.
وسيأتي ذلك عن عامر بن الطفيل، في غزوة بئر معونة، فما أبعد ما بين فهم هؤلاء للإسلام، ولدعوة القرآن، حتى إن هذا الفهم هو الذي مهد لإسلام الأنصار، ثم الهجرة، وكذلك لبيعتهم (بيعة العقبة الأولى والثانية)، واختيار النقباء والكفلاء على المبايعين وبين ذلك الذي يعتبر الدين منفصلاً عن السياسة، وأن السياسة أمر غريب عن الدين، فإن ذلك ولا شك من إلقاءات الاستعمار، ومن الفكر المسيحي الغريب المستورد، كما هو ظاهر.

4 ـ نتائج عرضه صلى الله عليه وآله دعوته على القبائل:

ويمكننا أن نستفيد مما تقدم:
1 ـ ما تقدمت الإشارة إليه، من أن مقابلة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» للناس، والتحدث معهم مباشرة كان من شأنه: أن يعطي الناس الانطباع الحقيقي عن شخصية الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»، وحقيقة ما جاء به، ويدفع كل الدعايات والإشاعات الكاذبة، والمغرضة، التي كانت تبثها قريش وأعوانها، ككونه ساحراً، أو كاهناً، أو شاعراً، أو مجنوناً، أو غير ذلك من ترهات.
2 ـ إن ما جرى في قضية بني عامر ليدل دلالة واضحة: على أن عرضه «صلى الله عليه وآله» دعوته على القبائل، قد أسهم في الدعاية لهذا الدين، ونشر صيته في مختلف الأنحاء، والأرجاء، فقد كـان من الطبيعي أن يتحدث الناس، إذا رجعوا إلى بلادهم بما رأوه وسمعوه في سفرهم ذاك ولم يكن ثمة خبر أكثر إثارة لهم من خبر ظهور هذا الدين الجديد، وفي مكة بالذات.

زواج النبي صلى الله عليه وآله بسودة وعائشة:
ويقولون: إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد تزوج بسودة بنت زمعة، وعقد على عائشة بنت أبي بكر وكان ذلك بعد عشر سنوات من البعثة.
ولا نجد لسودة دوراً هاماً في التاريخ، ولا في حياة النبي «صلى الله عليه وآله» أو بعده وكل الاهتمامات مركزة على عائشة، حتى لقد حكموا باستحباب العقد في شوال، لأنه «صلى الله عليه وآله» قد تزوج عائشة في شوال!!([8]) مع أنه «صلى الله عليه وآله» نفسه تزوج غيرها في أشهر أخرى!!.
وعلى كل حال، فإننا لن نستطيع أن نُلِمَّ في هذه العجالة بجميع ما قيل، أو يقال حولها؛ فإن ذلك متعسر، بل متعذر ولذلك فنحن نكتفي بذكر أمرين لهما صلة بموضوع زواجه «صلى الله عليه وآله» بها، ولربما تأتي إن شاء الله بحوث أخرى لجوانب أخرى مما يرتبط بها.
وهذان الأمران هما: سن عائشة وجمالها وحظوتها عند النبي «صلى الله عليه وآله» فنقول:

1 ـ سن عائشة:

ويقولون: إنه «صلى الله عليه وآله» قد عقد على عائشة، وهي بنت ست سنين، أو سبع، ثم انتقلت إلى بيته بعد هجرته إلى المدينة، وهي بنت تسع. وهذا هو المروي عنها([9]).
ونحن نقول: إن ذلك غير صحيح، وأن عمرها كان أزيد من ذلك بكثير، ونستند في ذلك إلى ما يلي:
أولاً: إن ابن إسحاق قد عد عائشة في جملة من أسلم أول البعثة، قال: وهي يومئذٍ صغيرة، وأنها أسلمت بعد ثمانية عشر إنساناً فقط([10]).
فلو جعلنا عمرها حين البعثة سبع سنين مثلاً فإن عمرها حين العقد عليها كان 17 سنة، وحين الهجرة 20 سنة.
ويؤيد ذلك: أن الذين هاجروا إلى الحبشة كانوا أكثر من ثمانين، وقد بقي جماعة لم يهاجروا، والهجرة إلى الحبشة كانت بعد خمس سنوات من البعثة.. فيكون إسلام عائشة التي أسلمت بعد ثمانية عشر إنساناً بعد البعثة بوقت يسير.
ومما يزيد الأمر وضوحاً أنهم يقولون:
أن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما أسلم أبي جاء إلى منزله، فما قام حتى أسلمنا، وأسلمت عائشة وهي صغيرة([11]).
وقالوا أيضاً: إن أسماء أسلمت بعد سبعة عشر إنساناً([12]).
وقد ماتت سنة 73([13]).
وقد بلغت أو جازوت المائة([14]).
وإن حاول بعضهم أن يجتهد ويقول غير ذلك([15]).
كما أنهم قد صرحوا: بأن أسماء ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة([16]).
أو قبل مبعثه بسبع عشرة سنة([17]).
وكانت أكبر من أختها عائشة بعشر سنوات([18]).
وحين ولدت كان عمر أبيها إحدى وعشرين سنة([19]).
فتكون النتيجة هي: أن عمر عائشة حين البعثة حوالي أربع سنوات، إذ المفروض ـ حسب قولهم ـ: أنها ولدت قبل الهجرة بسبع عشرة سنة.
غير أننا نقول:
بل كانت أكبر من ذلك أيضاً، إذ قد دلت الروايات على أن إسلام أسماء كان يوم إسلام أبيها، بعد سبعة عشر إنساناً، ثم أسلمت عائشة بعدها مباشرة، لأن إسلامها كان بعد ثمانية عشر إنساناً ـ كما قلنا أيضاً.
فإذا كانوا يدَّعون أن أبا بكر كان أول من أسلم، فتكون النتيجة هي أن عائشة قد أسلمت في أول أو ثاني يوم من البعثة.
ومعنى ذلك: أن ولادتها قد كانت قبل البعثة بسنوات كبرت فيها عائشة، وأصبحت مميزة وعاقلة، ويقبل منها الإسلام.. وتدخل في لائحة المسلمين الأوائل لتأخذ موقعها التاريخي الذي يريدونه لها.
ثانياً: وفي مقام رفع التنافي بين قوله «صلى الله عليه وآله» لفاطمة: إنها سيدة نساء العالمين، وبين ما نسب إليه «صلى الله عليه وآله» من أنه لم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وأن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام([20]).
يقول الطحاوي: «قد يحتمل أن يكون ما في هذا الحديث قبل بلوغ فاطمة، واستحقاقها الرتبة التي ذكرها رسول الله «صلى الله عليه وآله» لها، إلى أن قال: وإن كل فضل ذكر لغير فاطمة، مما قد يحتمل أن تكون فضلت به فاطمة، محتملاً لأن يكون وهي حينئذٍ صغيرة، ثم بلغت بعد ذلك إلخ»([21]).
لقد قال الطحاوي هذا، بعد أن جزم قبل ذلك بقليل، بأن فاطمة صلوات الله وسلامه عليها كان عمرها حين توفيت خمساً وعشرين سنة([22]).
وهذا يعني أنها قد ولدت قبل البعثة بسنتين، والفرض: أن فاطمة كانت صغيرة حينما كانت عائشة بالغة مبلغ النساء.
ثالثاً: يذكر ابن قتيبة أن عائشة قد توفيت سنة 58 ـ وعند غيره سنة 57 ه‍ ـ وقد قاربت السبعين([23]) ولضم ذلك إلى ما يقوله البعض من أن خديجة قد توفيت قبل الهجرة بثلاث، أو بأربع، أو بخمس سنين ثم ما روي عن عائشة من قولها: تزوجني رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأنا بنت تسع سنين([24]).
ولعل هذه الرواية هي الأقرب بقرينة ما قدمناه، ولكثرة الخلط بين كلمتي «سبع» و «تسع» بسبب عدم نقط الكلمات في السابق. بل إن هذا الرقم أيضاً مشكوك فيه لما تقدم، ولأن المرأة تميل إلى تقليل مقدار عمرها عادة.
فكلام ابن قتيبة والذي بعده يدل على أنها قد ولدت إما سنة البعثة أو قبلها، وهذا الثاني هو الأرجح لما قدمناه. في المستند الأول والثاني.
إذن، فيكون عمر عائشة حين عقد النبي «صلى الله عليه وآله» عليها في سنة عشر من البعثة أكثر من ست سنين بكثير، أي ما بين ثلاث عشرة إلى سبع عشرة سنة.
من طرائف الروايات الموضوعة:
ومن الموضوعات الغريبة في هذا المجال، ما جاء عن أبي هريرة: من أن النبي «صلى الله عليه وآله» لما دخل المدينة، واستوطنها طلب التزويج؛ فقال لهم: أنكحوني؟! فأتاه جبرائيل بخرقة من الجنة فيها صورة لم ير الراؤون أحسن منها، وأبلغه أمر الله له: أن يتزوج على تلك الصورة.
فقال له النبي «صلى الله عليه وآله»: أنا من أين لي مثل هذه الصورة يا جبرائيل؟
فقال له: إن الله يقول لك: تزوج بنت أبي بكر الصديق، فمضى رسول الله إلى منزل أبي بكر، فقرع الباب، ثم قال: يا أبا بكر، إن الله أمرني أن أصاهرك، فعرض عليه بناته الثلاث فقال: إن الله أمرني أن أتزوج هذه الجارية وهي عائشة، فتزوجها رسول الله «صلى الله عليه وآله»([25]). انتهى باختصار.
وعدا عما في سند هذه الرواية، فإننا نقول:
أولاً: لم نفهم كيف يتصرف النبي «صلى الله عليه وآله» تصرفاً لا يصدر عن العقلاء الذين يحترمون أنفسهم، فيطلب التزويج من الناس، ويقول لهم: أنكحوني!!. إلا أن يكون صبياً صغيراً، لا حياء عنده، ولا عقل لديه!!
والغريب في الأمر: أنه لم يبادر أحد لإجابة طلبه هذا، بل عاملوه بالجفاء، وأهملوا تنفيذ طلبه، حتى جاء جبرائيل «عليه السلام» فتولى حل مشكلته.
ثانياً: هل صحيح: أن عائشة كانت من الحسن بهذه المثابة: حتى إن صورتها لم ير الراؤون أحسن منها؟!!
لعل في ما سيأتي مقنعاً وكفاية لمن أراد الرشد، والحق، والهداية.
ثالثاً: لقد تزوج النبي «صلى الله عليه وآله» عائشة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنوات، ولم يتزوجها في المدينة، وإجماع المؤرخين على ذلك ظاهر للعيان.
رابعاً: لم نعرف البنات الثلاث اللواتي عرضهن أبو بكر على النبي «صلى الله عليه وآله» فأسماء كانت تحت الزبير، وقدمت المدينة وهي حامل بولدها عبد الله وعائشة قد تزوجت النبي «صلى الله عليه وآله» في مكة وأم كلثوم قد ولدت بعد وفاة أبي بكر([26])، ولم يولد له غيرهن.
وأخيراً، فإن لقب (الصديق) قد جاء إلى أبي بكر بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» من محبي الخليفة الأول، كما ربما نشير إليه حين الكلام على قضية الغار إن شاء الله تعالى.

2 ـ جمال عائشة وحظوتها:

ونسجل هنا: أن أكثر، إن لم يكن كل ما يقال عن جمال عائشة، وعن حظوتها، وحب النبي «صلى الله عليه وآله» لها، إنما هو مروي عنها نفسها، أو عن ابن أختها عروة، ونحن نقطع بعدم صحة ذلك كله من الأساس.
أولاً: لماذا لم يرو ذلك كله إلا من طريق عائشة، أو عروة ابن أختها كما يظهر من تتبع الروايات؟!.
ثانياً: إن ابن عباس يواجهها بعد حرب الجمل بحقيقة: أنها لم تكن أحسن نساء النبي «صلى الله عليه وآله» وجهاً، ولا بأكرمهن حسباً([27]).
كما أن عمر إنما يصف زينب بالحسن، دون عائشة؛ فإنه لم يشر إليها في قليل ولا كثير؛ كما سيأتي.
ثالثاً: قال علي فكري: «وما رواه ابن بكار: من أن الضحاك بن أبي سفيان الكلابي كان رجلاً دميماً قبيحاً؛ فلما بايعه النبي «صلى الله عليه وآله» «قال: إن عندي امرأتين أحسن من هذه الحميراء (يريد عائشة، وذلك قبل أن تنزل آية الحجاب)؛ أفلا أنزل لك عن إحداهما فتتزوجها؟ وعائشة جالسة تسمع؛ فقالت: أهي أحسن أم أنت؟
فقال: بل أنا أحسن وأكرم.
فضحك رسول الله «صلى الله عليه وآله» من سؤالها إياه «لأنه كان دميماً قبيح الوجه»([28]).
رابعاً: قال عباد بن العوام لسهيل بن ذكوان: صف لي عائشة. قال: كانت أدماء.
وقال يحيى: قلنا لسهيل بن ذكوان: رأيت عائشة؟ قال: نعم.
قيل: صفها.
قال: كانت سوداء([29]).
إذاً، فما يقال عنها أنها كانت شقراء، ثم الاستشهاد على ذلك بقول رسول الله «صلى الله عليه وآله» لها: «يا حميراء».. يصبح موضع شك وريب كبير.
ولعل قول النبي «صلى الله عليه وآله» لها ذلك قد جاء على سبيل التلطف والرفق بها.
أو لعله إشارة إلى قول العرب: شر النساء الحميراء المحياض([30]) فقال لها «صلى الله عليه وآله» ذلك على سبيل المداعبة والتلطف والمزاح.
وخامساً: إن من يتتبع سيرة زوجات النبي «صلى الله عليه وآله» يجد: أن عائشة هي التي كانت تحسد وتغار من كل زوجة وسُرّيّةٍ له «صلى الله عليه وآله».
ويدرك بما لا مجال معه للشك: أن أكثرهن ـ إن لم يكن كلهن ـ كن أكثر حظوة لدى النبي «صلى الله عليه وآله» منها.
إن لم نقل أنهن أجمل وأضوء منها أيضاً؛ فإن من الطبيعي أن نجد الدميم هو الذي يحسد على الجمال ويغار، أما الجميل فليس من الطبيعي أن يحسد الدميم، وأن يغار منه.
كما أنه ليس من الطبيعي أن يكون الميل لغير ذات الجمال أكثر منه للجميلة الوضيئة، وقد ذكر في حديث الإفك على لسان أم المؤمنين عائشة قولها: «فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، ولها ضرائر إلا كثرن عليها».
ولو صدقنا: أنها كانت هي ذات الحظوة لدى الرسول، وأنه كان يحبها أكثر من غيرها، فلماذا هذه الغيرة، وهذا الحسد منها لهن؟
فإن الحسد لا بد أن يكون على شيء يفقده الحاسد، ويتمنى زواله عن المحسود، وانتقاله إليه، وإليك بعض موارد غيرة وحسد عائشة لضرائرها.

3 ـ حسد وغيرة عائشة:

أ ـ خديجة عليها السلام
عن عائشة قالت: ما غرت على امرأة كما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها. ولكن لكثرة ذكر رسول الله «صلى الله عليه وآله» إياها، وإن كان ليذبح الشاة؛ فيتبع بذلك صدائق خديجة يهديها لهن([31]).
وللحديث عبارات وأسانيد مختلفة لا مجال لها الآن.
وقد ذكر النبي «صلى الله عليه وآله» خديجة يوماً، فغارت أم المؤمنين، فقالت: هل كانت إلا عجوزاً أبدلك الله خيراً منها؟
وفي لفظ مسلم: «وما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، أبدلك الله خيراً منها»؟ فغضب «صلى الله عليه وآله»، حتى اهتز مقدم شعره، ثم قال: لا والله، ما أبدلني الله خيراً منها الخ.. الرواية([32]).
وقال العسقلاني والقسطلاني: «وأن عائشة كانت تغار من نساء النبي «صلى الله عليه وآله»، لكن كانت تغار من خديجة أكثر»([33]).
ولعمري، لقد كان هذا بعد الوفاة، فكيف لو كانت خديجة على قيد الحياة؟!
وإذا كانت غيرة أم المؤمنين قد بلغت الأموات، فما حالها مع الأحياء، وكيف كانت معاملتها لهن؟!.
ب ـ زينب بنت جحش.
لقد اعترفت عائشة في حديث الإفك بأن زينب هي التي كانت تساميها من أزواج النبي «صلى الله عليه وآله».
واعترفت عائشة أيضاً: أنها قد أخذها ما قرب وما بعد، حينما أراد النبي «صلى الله عليه وآله» أن يتزوج زينب، لما كان يبلغهم من جمالها([34]).
وما فعلته عائشة وحفصة مـع زينب، في قضية المغافير مشهور ومسطور، حتى ليقولون: إن هذا هو سبب نزول آية التحريم([35])، وإن كنا نعتقد أنها نزلت في غير هذه القضية.
واعترف عمر بن الخطاب بجمال زينب عندما قال لابنته: ليس لك حظوة عائشة، ولا حسن زينب([36]).
فلو كانت عائشة موصوفة بالحسن لقدمها على زينب في هذا الأمر.
أما الفقرة الأولى فنحن نشك في صحتها، ونعتقد أنها سياسة من عمر تجاه أم المؤمنين، أو من تزيّد([37]) الرواة لحاجة في النفس، وذلك لما تقدم وسيأتي.
ومهما يكن من أمر، فإن أم سلمة تذكر: أن زينب كانت معجِبة لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكان يستكثر منها([38]).
ج ـ أم سلمة:
كانت أم سلمة «رحمها الله تعالى» من أجمل الناس([39]).
وعن الإمام الباقر: أنها أجمل نساء النبي «صلى الله عليه وآله». ويذكرون أن قصة المغافير من عائشة وحفصة كانت معها([40]).
كما أن عائشة قد اعترفت بأن أم سلمة وزينب كانتا أحب نسائه «صلى الله عليه وآله» إليه بعدها([41]).
تقول عائشة: «ولما تزوج رسول الله «صلى الله عليه وآله» أم سلمة حزنت حزناً شديداً، لما ذكر لنا من جمالها، فتلطفت حتى رأيتها؛ فرأيت والله أضعاف ما وصفت إلخ»([42]).
وقال ابن حجر: «كانت أم سلمة موصوفة بالجمال البارع، والعقل البالغ.. إلخ»([43]).
د ـ صفية بنت حيي بن أخطب:
قالت أم سنان الأسلمية: «كانت من أضوأ ما يكون من النساء»([44]).
ولما قدمت المدينة جئن نساء الأنصار ينظرن إلى جمالها، وعائشة متنقبة معهن.
فلما سألها رسول الله: كيف رأيت يا عائشة؟
قالت: رأيت يهودية.
فنهاها «صلى الله عليه وآله» عن قولها ذاك([45]).
وعندما وقعت في السبي جعلوا يمدحونها، ويقولون: رأينا في السبي امرأة ما رأينا ضربها([46]).
ولما أرسلت صفية قصعة فيها طعام إلى النبي «صلى الله عليه وآله» وهو في بيت عائشة أخذتها رعدة حتى استقلها أفكل، وضربت القصعة، فرمت بها الخ..([47]).
وقد أكد لها رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أنها خير من حفصة وعائشة([48]).
هـ ـ جويرية بنت الحارث:
تقول عائشة إنها كانت امرأة حلوة ملاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه؛ فأتت رسول الله «صلى الله عليه وآله» تستعينه في كتابتها.
قالت عائشة: فوالله ما هي إلا أن رأيتها، فكرهتها، وقلت: يرى منها ما قد رأيت، فلما دخلت على رسول الله «صلى الله عليه وآله» الخ..([49]).
و ـ مارية القبطية:
قالت عائشة: ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة، فاعجب بها رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وكان أنزلها أول ما قدمت في بيت لحارثة بن النعمان؛ فكانت جارتنا؛ فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها، فجزعت، فحوّلها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا([50]).
وعن جعفر «عليه السلام»: أنه «صلى الله عليه وآله» قد حجب مارية «وكانت ثقلت على نساء النبي «صلى الله عليه وآله»، وغرن عليها، ولا مثل عائشة»([51]).
وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعجب بمارية، «وكانت مارية بيضاء جعدة، جميلة»([52]). وكانت حسنة الدين([53]).
وتنافست الأنصار فيمن يرضع إبراهيم، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي «صلى الله عليه وآله»، لما يعلمون من هواه فيها([54]).
ولعل مما زاد في غيرة عائشة قضية ولادة إبراهيم منها، حتى تجرأت على نفي شبهه برسول الله، رغم تأكيد النبي «صلى الله عليه وآله» لها على ذلك([55]) وحتى كان ما كان من نزول آية التحريم، كما عن السيوطي وغيره.
ز ـ سودة بنت زمعة:
كانت عائشة تقول: ما من الناس امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة، إلا أنها امرأة فيها حسد([56]).
وليراجع ما فعلته حفصة بسودة، وضحكها هي وعائشة عليها([57]).
ح ـ أسماء بنت النعمان:
كانت أجمل أهل زمانها وأشبّه، وقد حسدنها نساء النبي «صلى الله عليه وآله» وخدعنها، وكانت الخديعة لها من عائشة وحفصة معاً، حتى قالت للنبي «صلى الله عليه وآله»: أعوذ بالله منك، فطلقها([58]).
ط ـ مليكة بنت كعب:
كانت تذكر بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة، فقالت لها: أما تستحيين أن تنكحي قاتل أبيك، فاستعاذت من رسول الله «صلى الله عليه وآله»: فطلقها([59]).
ي ـ أم شريك:
وهبت نفسها للنبي «صلى الله عليه وآله»، فقبلها «صلى الله عليه وآله»، فقالت عائشة: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير، قالت أم شريك: فأنا تلك، فسماها الله مؤمنة؛ فقال: ﴿وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾([60])، فلما نزلت هذه الآية، قالت عائشة للنبي «صلى الله عليه وآله»: إن الله ليسرع لك في هواك([61]).
ك ـ شراف بنت خليفة:
خطب رسول الله «صلى الله عليه وآله» امرأة من كلب؛ فبعث عائشة تنظر إليها، فذهبت، ثم رجعت، فقال لها رسول الله: ما رأيت؟
فقالت: ما رأيت طائلاً.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: لقد رأيت طائلاً، لقد رأيت خالاً بخدها، اقشعرت كل شعرة منك.
فقالت: يا رسول الله، ما دونك سر(2).
ل ـ حفصة بنت عمر:
بل إن عائشة كانت تغار حتى من رفيقتها حفصة، ويقال: إن قضية المغافير كانت لها معها([62]).

نهاية المطاف:

هذه كانت حالة عائشة مع زوجات النبي «صلى الله عليه وآله»، وأكثر هذه المشاكل كانت فيما يبدو بسبب غيرتها منهن، لجمالهن البارع، وحسنهن الرائع كما قدمنا، ولم نجد لأي من زوجات النبي «صلى الله عليه وآله» معشار ما وجدناه لعائشة من المشاكل والتجاوزات ـ اللهم إلا رواية أو روايتان مرويتان عن عائشة نفسها!! فهذا السيل العارم منها ـ خاصة ـ دون غيرها منهن، يكشف عن أن ثمة ما يبرز منها وهو أنها تحس بالنقص في نفسها تجاههن من حيث الجمال على الأقل.
وهكذا، تسقط جميع الادعاءات والروايات التي عن عروة وغيره وعنها، والتي تدعي حظوتها ومكانتها لدى النبي «صلى الله عليه وآله»، أو على الأقل تصير محل شك وريب.
وأما ما يقال في حديث الإفك فإنه أيضاً باطل وقد فصلنا القول في ذلك في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب.
وملاحظة أخيرة نسجلها هنا، وهي: أننا نجد عائشة تكثر من أحاديث تقبيل النبي «صلى الله عليه وآله» ومباشرته لها وهي حائض واغتسالها وإياه من إناء واحد، وغير ذلك من الأحاديث التي تتخذ طابع الجنس، والإغراء، واللذة.
ولا نجد من ذلك الشيء الكثير عند غيرها من نسائه «صلى الله عليه وآله»، ولعل ذلك يرجع إلى أنه لم يكن ثمة ما يربطها برسول الله بصورة قوية، حيث لم يكن لها ولد منه «صلى الله عليه وآله» وليس لديها من المستوى الفكري والثقافي والعملي ما يصلح أن يكون نقطة اشتراك ويجعل لها به ارتباطاً خاصاً ووثيقاً خصوصاً وأن اهتماماتها ليس من جنس اهتماماته وتطلعاتها لا تلتقي مع تطلعاته «صلى الله عليه وآله».
وإن حاولت أن تتعاطى مع الأمور على أساس أن تعطي نفسها الدور الريادي في مختلف المجالات من موقع الطموح العارم، للحصول على الامتيازات والمغانم، دون أن يكون لديها أي حرج يرفد هذا التوجه بالادعاءات العريضة، والاندفعات الحماسية في أكثر من اتجاه.
وماذا بعد؟!
هذا وإننا لا نجد مبرراً لتحمل النبي «صلى الله عليه وآله» من عائشة جرأتها، وتجاوزاتها المتكررة وإيذاءها له في أخيه علي، وفي زوجاته، إلا أنه لم يكن يستطيع أن يتخذ القرار النهائي بالنسبة إليها، لأن السياسة كانت تقضي عليه بتحمل كل هذه المشاق.
ويدلنا على أن النبي «صلى الله عليه وآله»: كان يتعامل مع زوجاته من موقعه السياسي الحرج، لا من جو بيت الزوجية:
قول عمر لحفصة ـ عندما تظاهرت على النبي «صلى الله عليه وآله» مع عائشة واعتزلهن ـ : والله، لقد علمت أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله «صلى الله عليه وآله»([63]).
هذا، ولم يكن ثمة من يستطيع الجهر بالحقيقة، وإظهار الواقع، لأن الجهاز الحاكم كله كان يمسك بركاب عائشة، ويعلي قدرها، ويرفع من شأنها؛ لأنه كان يستفيد منها أعظم الفوائد، وأسناها.
وكان ثمة خطة مرسومة لإظهار عظيم منزلتها، وإغداق الأوسمة عليها بثمن، أو بغير ثمن!!
وكانت هي تستغل موقعها كزوجة للنبي «صلى الله عليه وآله»، وكأم للمؤمنين إلى أقصى الدرجات، كما أنها كانت تستفيد من حاجة الهيئة الحاكمة إليها، وكل ذلك يفسر لنا السر في أنها كانت توحي للناس بانها أقرب زوجات النبي «صلى الله عليه وآله» إليه، وآثرهن لديه؛ لجمالها، ولكونه «صلى الله عليه وآله» قد تزوجها بكراً حسب دعواها.
وكأن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يهتم للبكارة وللجمال (مع نقاش لنا في ذلك).
ولا ندري ما هو السر في تواضع أم المؤمنين إلى هذا الحد؟ حتى إنها لم تر في نفسها المؤهلات لأن تعتز بالدين، وبالمعاني الإنسانية النبيلة أو لعلها كانت ترى أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا ينطلق في حبه وبغضه من الدين والأخلاق، وإنما من الشهوة، فصورته للمسلمين على أنه رجل شهواني لا أكثر.

دخول الإسلام إلى المدينة:

وثمة خلاف بين المؤرخين في من؟ ومتى؟ وكيفية إسلام أول دفعة من أهل المدينة.
ولكننا نستطيع أن نؤكد على أن الإسلام قد دخل المدينة على مراحل. فأسلم أولاً: أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد القيس، حينما كان المسلمون محصورين في الشعب، ثم أسلم خمسة، أو ثمانية، أو ستة نفر بعد ذلك، ثم كانت بيعة العقبة الأولى، ثم كانت بيعة العقبة الثانية، وهذا هو ما يظهر من مغلطاي([64]) وغيره.
ولذلك فهم يقولون: إن أسعد بن زرارة، وذكوان بن عبد القيس الخزرجيين قدما مكة في أحد المواسم، حينما كانت قريش تحاصر الهاشميين في الشعب (شعب أبي طالب)، بهدف طلب الحلف من عتبة بن ربيعة على الأوس.
فرفض عتبة ذلك، وقال: بعدت دارنا عن داركم، ولنا شغل لا نتفرغ لشيء.
فسأله عن هذا الشغل؛ فأخبره بخروج النبي «صلى الله عليه وآله» فيهم، وأنه أفسد شبابهم، وفرق جماعتهم ثم حذره من الاتصال به، فإنه ساحر يسحره بكلامه.
وأمره إذا أراد الطواف أن يضع القطن في أذنيه، حتى لا يسمع ما يقوله النبي «صلى الله عليه وآله»، الذي كان آنئذٍ يجلس في الحجر مع طائفة من بني هاشم.
وكانوا قد خرجوا من شعبهم ليشهدوا الموسم، وجاء أسعد للطواف، ورأى النبي «صلى الله عليه وآله» جالساً في الحجر، فقال في نفسه: ما أجد أجهل مني، أن يكون هذا الحديث في مكة فلا أتعرفه، حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم، ثم أخذ القطن من أذنيه فرمى به، وجاء إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فسلم عليه، وكلمه؛ فعرض عليه «صلى الله عليه وآله» ما جاء به فأسلم، وأسلم بعده ذكوان.
وفي رواية: أنه لما التقى النبي «صلى الله عليه وآله» بأسعد بن زرارة وذكوان، قال أسعد للنبي «صلى الله عليه وآله»: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أنا من أهل يثرب، من الخزرج، وبيننا وبين أخوتنا من الأوس حبال مقطوعة، فإن وصلها الله بك، ولا أجد أعز منك، ومعي رجل من قومي، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك.
والله يا رسول الله، لقد كنا نسمع من اليهود خبرك، ويبشروننا بمخرجك، ويخبروننا بصفتك، وأرجو أن يكون دارنا دار هجرتك عندنا، فقد أعلمنا اليهود ذلك؛ فالحمد لله الذي ساقني إليك، والله ما جئت إلا لنطلب الحلف على قومنا، وقد آتانا الله بأفضل مما أتيت له.
ثم أقبل ذكوان، فقال له أسعد: هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به، وتخبرنا بصفته؛ فهلم فأسلم؛ فأسلم ذكوان إلخ([65]).
ثم في سنة إحدى عشرة من النبوة خرج النبي «صلى الله عليه وآله» في الموسم، يعرض على القبائل دعوته، ويطلب منهم نصرته؛ فالتقى على العقبة برهط من الخزرج؛ فدعاهم إلى الله والإسلام، وقرأ عليهم القرآن فآمنوا به، وكانوا ستة نفر، وهم: أسعد بن زرارة، وجابر بن عبد الله بن رئاب، وعوف بن الحارث ورافع بن مالك، وعقبة وقطبة ابنا عامر.
وقيل: ثمانية نفر وقيل غير ذلك (وثمة اختلاف في أسمائهم، وذكر أشخاص آخرون مكان بعض من قدمنا أسماءهم، ولا مجال لتحقيق ذلك).
ورجع أولئك النفر إلى قومهم في المدينة، فذكروا لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ودعوهم إلى الإسلام.
ثم كانت بيعة العقبة الأولى في سنة اثنتي عشرة من البعثة أي قبل الهجرة بسنة([66]).
ولعل أسعد بن زرارة كان قد كتم إسلامه هو وذكوان، حتى كان لقاء هؤلاء الستة أو الثمانية معه «صلى الله عليه وآله» قبل الهجرة بسنة فاعلنوا ذلك ونحن قبل أن نمضي في الحديث نشير إلى ما يلي:

1 ـ إخبارات أهل الكتاب:

يفهم مما تقدم: أن أهل المدينة كانوا يسمعون من اليهود خبر ظهور النبي عن قريب، وأن ذلك قد جعلهم مهيئين نفسياً لقبول الدين الذي جاء به هذا النبي «صلى الله عليه وآله».

2 ـ المشاكل بين الأوس والخزرج:

لقد كانت ثمة حروب هائلة بين الأوس والخزرج، كانت آخرها وقعة بعاث التي انتصرت فيها قبيلة الأوس، حينما كان الهاشميون والنبي «صلى الله عليه وآله» محصورين في شعب أبي طالب.
وكانت الحالة بين القبيلتين صعبة للغاية، حتى ليذكرون: أنهم ما كانوا يضعون السلاح لا في الليل ولا في النهار([67]) مما يعني أنهم يعانون من أقسى الحالات التي يمكن أن يواجهها من يملك إمكانات معيشية محدودة مثلهم.
وحتى لقد كان واضحاً: أنهم كانوا يتطلعون بشوق إلى الخروج من هذه الحالة المأساة.
ويأملون في وصل الحبال المقطوعة فيما بينهم، كما عبر عنه أسعد بن زرارة، الذي كان يعمل من أجل عقد حلف مع عتبة بن ربيعة ضد الأوس.
فأهل المدينة إذاً قد ذاقوا مرارة الانحراف والظلم، وهم يريدون المنقذ الحقيقي لهم، وقد وجدوه في نبي الإسلام الأعظم «صلى الله عليه وآله» الذي جاءهم بتعاليم الشريعة السهلة السمحاء.
ولذلك فقد قالوا لرسول الله «صلى الله عليه وآله»: «نرجع إلى قومنا، ونخبرهم بالذي كلمتنا به، فما أرغبنا فيك.
إنا قد تركنا قومنا على خلاف فيما بينهم، لا نعلم حياً من العرب بينهم من العداوة ما بينهم، وسنرجع إليهم بالذي سمعنا منك، لعل الله يقبل بقلوبهم، ويصلح بك ذات بينهم، ويؤلف بين قلوبهم»([68]).

3 ـ تعاليم الشريعة السمحاء:

إن تعاليم الإسلام لهي التعاليم الموافقة للفطرة السليمة، وبلا تعقيد أو إبهام فيها، فهي بسيطة وسهلة، لا يحتاج إدراك حقانيتها إلى تفكير عميق، أو إجهاد في فهم مراميها، والتكهن بنتائجها.
ولذلك نجد أهل المدينة يدركون بسرعة قدرة هذه الدعوة على حل مشاكلهم، فيسارعون إلى قبولها، بمجرد سماعهم لأهدافها، ومبادئها.
ومن الواضح: أن أهل المدينة كانوا لا يعانون من ظروف أهل مكة، الذين يحاربون الإسلام لأنهم رأوا فيه خطراً على مصالحهم الشخصية، وامتيازاتهم الظالمة التي فرضوها لأنفسهم، وأهوائهم وانحرافاتهم، كما أوضحناه في غير موضع.
إن أهل المدينة بالإضافة إلى إخبارات اليهـود لهم، قـد رأوا منذ اللحظات الأولى في الإسلام وتعاليمه المنقذ لهم، والمخرج من الظلمات إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ورأوا فيه الموافقة للفطرة والعقل السليم، سواء على صعيد العقائد أو التشريع، أو على صعيد اتخاذ القرار الاجتماعي والسياسي، فقد سألوا النبي «صلى الله عليه وآله» عما يدعو إليه، فقال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأدعوكم إلى: ﴿أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾([69]).
ولأجل ذلك اعتقدوا بهذه الدعوة، وحاربوا قريشاً والعرب من أجلها وفي سبيلها.

4 ـ المدنيون والمكيون:

إن الوثنية التي كان أهل المدينة يدينون بها لم تستطع أن تحل مشاكلهم الداخلية، على اختلافها، ولا حتى أن تخفف من حدتها.
كما أنها لم تكن تجلب لهم امتيازات اجتماعية، ولا اقتصادية ولا غيرها، ولذلك فقد ضعفت ووهنت، وزاد في ضعفها ووهنها مخالفتها للفطرة السليمة، والعقل القويم.
ثم جاءت إخبارات اليهود لهم بقرب ظهور نبي يخبر عن الله لتزيد من ذلك الضعف والوهن إلى حد بعيد.
وهذا تماماً على عكس الحال في مشركي مكة؛ فإنهم كانوا يستفيدون من وثنيتهم اجتماعياً واقتصادياً.
وجعلوا من أنفسهم محوراً تلتقي عليه سائر الفئات والقبائل في المنطقة، وكرسوا لأنفسهم الكثير من الامتيازات الظالمة، ولم يكونوا على استعداد للتخلي عن هذه الامتيازات من أجل خدمة الحق والإنسان، بل كانوا يضحون بالإنسان والحق في سبيل امتيازاتهم، وانحرافاتهم، ومصالحهم تلك.
هذا، ولا بد من ملاحظة ما قدمناه حين الكلام على العوامل التي ساعدت على انتصار الإسلام وانتشاره، لنجد:
أن شخصية الرسول العظيمة، وأخلاقه الكريمة، وكونه من أرفع بيت في قريش والعرب ـ ويضيف البعض: رابطة القربى، التي كانت تربطه ببني النجار الخزرجيين، عن طريق آمنة بنت وهب ـ([70]).
كل ذلك وسواه مما تقدم قد أسهم في إقبال أهل المدينة على الإسلام، وتقبل دعوته، والتضحية في سبيله.
 

([1]) العلهز: دم يابس يدق به أوبار الإبل في المجاعات ويؤكل.
([2]) الآية 15 من سورة الدخان، راجع: البدء والتاريخ ج4 ص157، وتفسير البرهان ج4 ص160 عن المناقب لابن شهر آشوب.
([3]) راجع الكامل في التاريخ ج2 ص286 و 287.
([4]) السيرة الحلبية ج2 ص3.
([5]) راجع: سيرة ابن هشام ج2 ص66، والثقات لابن حبان ج1 ص89 ـ 91، وبهجة المحافل ج1 ص128، وحياة محمد لهيكل ص152 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص147، والسيرة الحلبية ج2 ص3، والروض الأنف ج1 ص180، والبداية والنهاية ج3 ص139 و 140، وعن دلائل النبوة لأبي نعيم ص100 وحياة الصحابة ج1 ص78 و 79.
([6]) راجع: البداية والنهاية ج3 ص140.
([7]) راجع: البحار ج19 ص9 وإعلام الورى ص57 عن القمي.
([8]) نزهة المجالس ج2 ص137.
([9]) راجع فيما ذكرناه: طبقات ابن سعد ج8 ص39، والإصابة ج4 ص359، وتاريخ الطبري ج2 ص413 وتهذيب التهذيب ج12، وأسد الغابة ج5 وغير ذلك وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج9 ص190 لكنه ناقض نفسه ص191 فقال: إنها توفيت سنة 57 ه‍. وعمرها 64 سنة، وهذا يعني أنها كان عمرها حين الهجرة سبع سنوات فقط.
([10]) راجع: سيرة ابن هشام ج1 ص271، وتهذيب الأسماء واللغات ج2 ص351 و 329 عن ابن أبي خيثمة في تاريخه عن ابن إسحاق، والبدء والتاريخ ج4 ص146.
([11]) كنز الفوائد للكراجكي ص124.
([12]) عمدة القاري ج2 ص93 والإكمال للخطيب التبريزي ص148 وأسد الغابة ج5 ص392 وعن الإصابة ج8 ص12 ـ 13 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج4 ص1783 وتهذيب التهذيب ج12 ص348 وتهذيب الكمال ج35 ص124 وإمتاع الأسماع ج6 ص203 وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال للخزرجي الأنصاري اليمني ص488 ومرقاة المفاتيح ج1 ص331 وتهذيب الأسماء ج2 ص597.
([13]) إسعاف المبطأ برجال الموطأ للسيوطي ص27 وعمدة القاري ج2 ص93 وج5 ص298 والمعجم الكبير ج24 ص77 وفيض القدير للمناوي ج1 ص102 وتاريخ مدينة دمشق ج69 ص8 و 9 و 10 و 29 و 30 وسبل السلام للكحلاني ج1 ص39 والإكمال للخطيب التبريزي ص148 وسير أعلام النبلاء ج2 ص295 وج3 ص379 والمستدرك للحاكم ج4 ص15 والطبقات الكبرى ج8 ص249 و 255 وتاريخ خليفة بن خياط ص269 والمسانيد لمحمد حياة الأنصاري ج2 ص156 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص228 و (ط دار الجيل) ص1782 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص355 وتقريب التهذيب ج2 ص628 ومستدركات علم رجال الحديث للنمازي ج8 ص546 وأسد الغابة = = ج5 ص393 وتهذيب الكمال ج35 ص125 وشرح الزرقاني ج1 ص174 وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال، والوافي بالوفيات ج9 ص36 ومرقاة المفاتيح ج1 ص331 وتهذيب الأسماء ج2 ص597 وراجع: البداية والنهاية ج8 ص381 والكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة للذهبي ج2 ص502.
([14]) إسعاف المبطأ برجال الموطأ ص127 ومجمع الزوائد ج9 ص260 وج7 ص254 وعمدة القاري ج2 ص93 وج5 ص298 والمعجم الكبير ج24 ص77 وتاريخ مدينة دمشق 69 ص9 و 10 و 27 و 28 وسبل السلام للكحلاني ج1 ص39 والإكمال للخطيب التبريزي ص148 وسير أعلام النبلاء ج3 ص379 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص355 والبداية والنهاية ج5 ص381 وذيل المذيل لتاريخ الطبري ص108 والمسانيد لمحمد حياة الأنصاري ج2 ص156 والإصابة ج4 ص224 والمستدرك للحاكم ج3 ص551 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج4 ص1783 وتقريب التهذيب ج2 ص628 وتهذيب التهذيب ج2 ص348 والتنبيه والإشراف ص271 ووفيات الأعيان ج3 ص69 و 75 وأسد الغابة ج5 ص393 وتهذيب الكمال ج35 ص125 وشجرة طوبى ج1 ص124 والإمامة والسياسة ج2 ص24 و 39 وشرح الزرقاني ج1 ص174 والوافي بالوفيات ج9 ص36 وتهذيب الأسماء ج2 ص597 والكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة للذهبي ج2 ص502 وشجرة طوبى ج1 ص124 .  
([15]) سير أعلام النبلاء ج3 ص380 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص354.
([16]) مجمع الزوائد ج9 ص260 وعمدة القاري ج2 ص93 والمعجم الكبير ج24 ص77 وتاريخ مدينة دمشق 69 ص9 وتهذيب الأسماء ج2 ص593 و 597 و 598 وأسد الغابة ج5 ص392 والمسانيد لمحمد حياة الأنصاري ج2 ص156 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص14.
([17]) المعجم الكبير للطبراني ج24 ص77  وتاريخ مدينة دمشق ج69 ص9 .
([18]) الإستيعاب ج2 ص616 وتاريخ مدينة دمشق ج69 ص8 و 9 وتهذيب الأسماء ج2 ص593 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص204 وسير أعلام النبلاء ج2 ص295 وج3 ص380 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص82 وتهذيب التهذيب ج2 ص398 وسبل السلام للكحلاني ج1 ص39 والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص148 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص354 والبداية والنهاية ج8 ص381 و 346 ومرقاة المفاتيح ج1 ص731 وراجع: أسد الغابة ج5 ص392.
([19]) مجمع الزوائد ج9 ص260 وتاريخ مدينة دمشق ج69 ص9 و 10 وسير أعلام النبلاء ج2 ص289 وتهذيب الأسماء ج2 ص597 و 598 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص77 وأسد الغابة ج5 ص392.
([20]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج2 ص137.
([21]) مشكل الآثار ج1 ص52.
([22]) مشكل الآثار ج1 ص47. وقد حمل بعض العلماء حديث فضل عائشة كفضل الثريد إلخ.. على المزاح منه «صلى الله عليه وآله» معها؛ لأن جوها لا ينسجم مع جو التفضيل كما في قوله «صلى الله عليه وآله»: فاطمة سيدة نساء العالمين، ولم يكمل من النساء إلا مريم وآسية إلخ.. ولا سيما بملاحظة: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن من المهتمين بأمور الأطعمة واللذيذ منها ليأتي بها كمثال على تفضيل في أمر حساس كهذا.
([23]) المعارف لابن قتيبة (ط سنة 1390 هـ) ص59.
([24]) راجع: حديث الإفك ص93 والجزء الثالث عشر من هذا الكتاب.
([25]) تاريخ بغداد للخطيب ج2 ص194، وميزان الاعتدال للذهبي ج3 ص44، وقد كذبا (الخطيب والذهبي) هذا الحديث الذي جميع رجال أسناده ثقات باستثناء محمد بن الحسن الدّعّاء الأصم، وراجع: الغدير ج5 ص321.
([26]) راجع: نسب قريش لمصعب الزبيري ص275 ـ 278 لتعرف من ولدهم أبو بكر.
([27]) الفتوح لابن أعثم ج2 ص337 ط الهند.
([28]) السمير المهذب ج2 ص8 ـ 9.
([29]) الضعفاء الكبير للعقيلي ج2 ص155.
([30]) ربيع الأبرار ج4 ص280 وروض الأخيار ص130.
([31]) صحيح البخاري ج9 ص292، وج5 ص48، وج7 ص47، وج8 ص10، وصحيح مسلم ج7 ص134 و 133، وأسد الغابة ج5 ص438، والمصنف ج7 ص493، والاستيعاب هامش الإصابة ج4 ص286، وصفة الصفوة ج2 ص8، عن البخاري، ومسلم، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص153، والبداية والنهاية ج3 ص128.
([32]) صحيح مسلم ج7 ص134، لكنه لم يذكر جوابه «صلى الله عليه وآله» وأسد الغابة ج5 ص557 و 558 و 438 والإصابة ج4 ص283، والاستيعاب هامشها ج4 ص286 و 287، وصفة الصفوة ج2 ص8، ومسند أحمد ج6 ص117، وليراجع البخاري (ط سنة 1309 هـ) ج2 ص202 والبداية والنهاية ج3 ص128 وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص96.
([33]) فتح الباري ج7 ص102، وإرشاد الساري ج6 ص166 وج8 ص113.
([34]) الإصابة ج4 ص314، وطبقات ابن سعد ج8 ص72، والدر المنثور ج5 ص202 عن ابن سعد، والحاكم.
([35]) طبقات ابن سعد ج8 ص76، وحياة الصحابة ج2 ص761 عن البخاري ومسلم.
([36]) طبقات ابن سعد ج8 ص137، 138.
([37]) طبقات ابن سعد ج8 ص73، وتهذيب الأسماء واللغات ج2 ص347.
([38]) المواهب اللدنية ج1 ص205 وتهذيب الأسماء واللغات ج2 ص362.
([39]) راجع طبقات ابن سعد ج8 ص122، والدر المنثور ج6 ص239.
([40]) طبقات ابن سعد ج8 ص81.
([41]) الإصابة ج4 ص459، وطبقات ابن سعد ج8 ص66.
([42]) الإصابة ج4 ص459.
([43]) الإصابة ج4 ص347، وص463 وطبقات ابن سعد ج8 ص87.
([44]) الإصابة ج4 ص347، وطبقات ابن سعد ج8 ص90..
([45]) طبقات ابن سعد ج8 ص88.
([46]) مسند أحمد ص277 ج6، والبخاري باب الغيرة، أواخر كتاب النكاح، لكنه لم يصرح باسم عائشة!!!.
([47]) أسد الغابة ج5 ص491.
([48]) الإصابة ج4 ص265، والاستيعاب هامش الإصابة ج4 ص259، وصفة الصفوة ج2 ص50.
([49]) الإصابة ج4 ص405، وطبقات ابن سعد ج8 ص153، ولتراجع: البداية والنهاية ج3 ص303 و 304 ووفاء الوفاء للسمهودي ج3 ص826.
([50]) طبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص86 والسيرة الحلبية ج3 ص309.
([51]) طبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص86، والإصابة ج4 ص405.
([52]) تهذيب الأسماء واللغات ج2 ص355، وطبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص86 والبداية والنهاية ج3 ص303.
([53]) ذخائر العقبى ص54 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص42، وطبقات ابن سعد ج8 ص153.
([54]) طبقات ابن سعد ج1 ص88 والدر المنثورج6 ص240 عن ابن مردويه والبداية والنهاية ج3 ص305 وقاموس الرجال ج11 ص305 عن البلاذري. وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص309 ومستدرك الحاكم ج4 ص39 وتلخيصه للذهبي بهامشه وتاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج2 ص87.
([55]) طبقات ابن سعد ج8 ص37، والبداية والنهاية ج8 ص70.
([56]) حياة الصحابة ج2 ص560 ومجمع الزوائد ج4 ص316.
([57]) طبقات ابن سعد ج8 ص104 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص415، 416 دون تصريح باسم من خدعها.
([58]) طبقات ابن سعد ج8 ص106، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص416.
([59]) طبقات ابن سعد ج8 ص112.
([60]) الآية 50 من سورة الأحزاب.
([61]) طبقات ابن سعد ج8 ص115.
([62]) راجع: حياة الصحابة ج2 ص762 عن البخاري ومسلم وعن تفسير ابن كثير ج4 ص387 وعن جمع الفوائد ج1 ص229 وعن طبقات ابن سعد ج8 ص85.
([63]) صحيح مسلم ج4 ص189. ولسوف يأتي مزيد توضيح لذلك في البحث عن سبب كثرة زوجاته قبل واقعة أحد في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
([64]) راجع سيرة مغلطاي ص29.
([65]) البحار ج19 ص9 وإعلام الورى ص57 عن علي بن إبراهيم.
([66]) البحار ج19 ص9 وإعلام الورى ص57 عن علي بن إبراهيم.
([67]) البحار ج19 ص8 و 9 و 10 وإعلام الورى ص55.
([68]) الثقات لابن حبان ج1 ص90 و91.
([69]) الآيتان 52 و 53 من سورة الأنعام.
([70]) ولكنه تعليل لا شاهد له، ما دام أن مجرد وجود رابطة كذلك لا توجب ما ذكر.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page