مقتل المقتدر بالله العباسي
في سنة سبع عشرة وثلاثمئة (۲۷) شوال. خرج مؤنس الخادم على
المقتدر وقد عزم على حربه، وكان أكثر جنده من البربر، فلما اصطف الجيشان عاجل رجل بربري الخليفة بحربة فأرداه، ثم ترجّل واحتز رأسه، فنصبه على رمح، وجرّد الخليفة من ملابسه كلها، فأحضر الناس حشيشاً ستروا به عورته، ثم دفن.
والمقتدر هو الخليفة الثامن عشر من بني العباس، وكل سادس منهم ينتهي إما مخلوعاً، أو مقتولاً، وإما مخلوعاً ومقتولاً معاً، وهكذا فالخليفة السادس كان محمداً الأمين فانتهى مخلوعاً و مقتولاً، والسادس الآخر كان المستعين، وانتهى أيضاً مخلوعاً ومقتولاً.
والمقتدر خليفة سادس انتهى مقتولاً، وقد امتد حكمه خمساً وعشرين سنة إلا أربعة عشر يوماً، وعاش ثمانية وثلاثين عاماً وخمسة عشر يوماً، وكان عند تسلمه الخلافة في الثالثة عشرة من عمره، وقد قيل: لم يتسلم الخلافة شخص أصغر منه، وكان مقتله وقت صلاة العصر من يوم الأربعاء الواقع فيه السابع والعشرون من شوال سنة عشرين وثلاثمئة، وقد أشار أميرالمؤمنين(ع) إلى مقتل المقتدر في أخباره الغيبة حيث قال:
«كأني أرى ثامن عشرهم تفحص رجلاه في دمه بعد أن يأخذ جنده بكظمه، ومن ولده ثلاثة رجال سيرتهم سيرة الضلال»[1].
والمراد بالرجال الثلاثة بنوه الراضي والمتقي والمطيع الذين أصبحوا خلفاء ثلاثتهم كما سيأتي[2].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ مناقب آل أبي طالب: ج 2، ص 311 و بحارالانوار: ج 41، ص 322.
[2] ـ تتمّة المنتهى في تاريخ الخلفاء للشيخ عباس القمّي: ص 391.