• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( عبد العزيز . الكويت . 27 سنة . خرّيج معهد التكنلوجيا ) الأدلّة على جواز الاحتفال بمولد النبيّ

السؤال: ما هو الدليل على جواز إقامة الاحتفالات في أفراح محمّد وآل محمّد ؟ على أن يكون الجواب من المصادر السنّية ، جزاكم الله خير الجزاء .
الجواب : هناك استدلالات عديدة لجواز الاحتفال بمولد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وأهل بيته (عليهم السلام) ، استدلّ بها علماء الفريقين ردّاً على الوهّابية ، التي ترى أنّ الاحتفال بمولده (صلى الله عليه وآله) بدعة ، من الأدلّة :
1- قوله تعالى : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } (1) ، باعتبار أنّ شعائر الله تعالى هي أعلام دينه ، خصوصاً ما يرتبط منها بالحجّ ، لأنّ أكثر أعمال الحجّ إنّما هي تكرار لعمل تاريخي ، وتذكير بحادثة كانت قد وقعت في عهد إبراهيم (عليه السلام) ، وشعائر الله مفهوم عامّ شامل للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ولغيره، فتعظيمه (صلى الله عليه وآله) لازم .
ومن أساليب تعظيمه ، إقامة الذكرى في يوم مولده ونحو ذلك ، فكما أنّ ذكرى ما جرى لإبراهيم (عليه السلام) من تعظيم شعائر الله سبحانه ، كذلك تعظيم ما جرى للنبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله) يكون من تعظيم شعائر الله سبحانه .
2- قوله تعالى : { َذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ } (2) ، فإنّ المقصود بأيّام الله ، أيّام غلبة الحقّ على الباطل ، وظهور الحقّ ، وما نحن فيه من مصاديق الآية الشريفة، فإنّ إقامة الذكريات والمواسم فيها تذكير بأيّام الله سبحانه .
3- قوله تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } (3) ، إذ من المصاديق الجلية لرحمة الله سبحانه ، هو ولادة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، فالفرح بمناسبة ميلاده (صلى الله عليه وآله) مطلوب ومراد .
4- قوله تعالى : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } (4) ، فإنّ الاحتفالات بميلاده (صلى الله عليه وآله) ما هي إلاّ رفع لذكره ، وإعلاء لمقامه .
5- قوله تعالى : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (5) ، بأنّ مودّة ذوي القربى مطلوبة شرعاً ، وقد أمر بها القرآن صراحة ، فإقامة الاحتفالات للتحدّث عمّا جرى للأئمّة (عليهم السلام) ، لا يكون إلاّ مودّةً لهم ، إلاّ أن يدّعى أنّ المراد بالمودّة الحبّ القلبي ، ولا يجوز الإظهار .
6- قوله تعالى : { فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ } (6) ، باعتبار أنّ إقامة الاحتفال للتحدّث عنه (صلى الله عليه وآله) فيه نوع من التعظيم والنصرة له .
7- قوله تعالى : { رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } (7) ، فقد اعتبر يوم نزول المائدة السماوية عيداً وآية ، مع أنّها لأجل إشباع البطون .
فيوم ميلاده (صلى الله عليه وآله) ، ويوم بعثته ، الذي هو مبدأ تكامل فكر الأُمم على مدى التاريخ ؛ أعظم من هذه الآية ، وأجل من ذلك العيد ، فاتخاذه عيداً يكون بطريق أولى .
8- قوله تعالى : { وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } ، فقد قال الحلبي : " أي وقد أقسم الله بليلة مولده (صلى الله عليه وآله) قوله تعالى : { وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } ، وقيل أراد بالليل ليلة الإسراء ، ولا مانع أن يكون الإقسام وقع بهما ، أي استعمل الليل فيهما " (8) .
9- إنّ الاحتفال بالمولد سنّة حسنة ، وقد قال (صلى الله عليه وآله) : " من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها " (9) .
10- بأنّ جلّ أعمال مناسك الحجّ ما هي إلاّ احتفالات بذكرى الأنبياء ، فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلّى إحياء لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) ، أمّا السعي بين الصفا والمروة فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى بين الصفا والمروة ، وتصعد عليهما لتنظر ، هل ترى من أحد .
ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيم (عليه السلام) ، حينما ذهب به جبرائيل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع أحجار فساخ .
وذبح الفداء ، إنّما هو تخليد لذكرى إبراهيم (عليه السلام) أيضاً ، حينما أُمر بذبح ولده إسماعيل ، ففداه الله بذبح عظيم .
وفي بعض الأخبار : إنّ أفعال الحجّ إنّما هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجّة بعرفات ، فأفاض به جبرائيل حتّى وافى إلى المشعر الحرام فبات فيه ، فلمّا أصبح أفاض إلى منى ، فحلق رأسه إمارة على قبول توبته ، وعتقه من الذنوب ، فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذرّيته .
فأفعال الحجّ كلّها تصير احتفالات ، وأعياداً بذكرى الأنبياء ، ومن ينتسب إليهم ، وهي باقية أبد الدهر .
وأخيراً : أكمل الأدلّة على جواز إقامة الاحتفال بمولد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، هو دليل الفطرة والدين والشرع منسجم تماماً مع مقتضيات الفطرة ومتطلّباتها فقد اعتاد الناس انطلاقاً من احترامهم للمثل والقيم التي يؤمنون بها ، على احترام الأشخاص الذين بشرّوا بها ، وضحّوا في سبيلها ، وارتبطوا بهم عاطفيّاً وروحيّاً كذلك .
ورأوا : أنّ إحياء الذكرى لهؤلاء الأشخاص ، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص ، وإنّما من أجل أنّهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم ، وتشدّ الذكرى من قوّة هذا الارتباط فيما بينهم وبينها ، وترسّخها في نفوسهم ، وتعيدهم إلى واقعهم.
وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصّون به بعض الأيّام ، أو بعض الأماكن ، وقديماً قيل :
مررت على الديار ديار ليلى     أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبُّ الديار شغفن قلبي     ولكن حبّ من سكن الديارا
ويلاحظ : إنّ الاهتمام بإقامة الذكريات والاحتفال بالمناسبات ، التي تمثّل تحوّلاً من نوع ما في حياة الناس عامّة لا يقتصر على فئة دون فئة ، ولا يختصّ بفريق دون فريق ، فالكبير والصغير ، والغني والفقير ، والملك والسوقة ، والعالم والجاهل ، والمؤمن والكافر ، وغيرهم ، الكلّ يشارك في إقامة الذكريات للمثل والقيم ، ومن يمثلها حسب قدراته وإمكاناته .
فهذه الشمولية تعطينا : إنّ هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون تلبية لحاجة فطرية ، تنبع من داخل الإنسان ، ومن ذاته ، وتتصل بفطرته وسجيته ، حينما يشعر أنّه بحاجة إلى أن يعيش مع ذكرياته وآماله ، وإلى أن يتفاعل مع ما يجسّد له طموحاته .
فيوم ولادة النبيّ (صلى الله عليه وآله) هو يوم فرح المسلمين ، ويوم عيد وبهجة لهم ، ولابدّ وأن يستجيب الإسلام لنداء الفطرة ، ويلبّي رغباتها مادامت منسجمة مع منطلقاته وأهدافه ، ولا يحرمها من عطاء رحمته وبرّه ... مادام أنّه دين الفطرة ، الذي يوازن بين جميع مقتضياتها ، ويعطيها حجمها الطبيعي من دون أن يكون ثمّة إهمال مضرّ ، أو طغيان مدمّر .
وهذه هي عظمة تعاليم الإسلام ، وهذا هو رمز الخلود له ، وفّقنا الله للسير على هدى هذا الدين ، والالتزام بشريعة ربّ العالمين ، إنّه خير مأمول ، وأكرم مسؤول .


__________
1- الحجّ : 32 .
2- إبراهيم : 5 .
3- يونس : 58 .
4- الانشراح : 4 .
5- الشورى : 23 .
6- الأعراف : 157 .
7- المائدة : 114 .
8- السيرة الحلبية 1 / 86 ، السيرة النبوية لزيني دحلان 1 / 21 .
9- مسند أحمد 4 / 362 ، المصنّف لابن أبي شيبة 3 / 3 ، تاريخ مدينة دمشق 43 / 544 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page