۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام)
۲ـ غزوة الخندق
۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي
ردّت الشمس لامير المؤمنين(عليه السلام) في (17) شوّال[1]، وذكر وقوع هذا الحدث في (15) شوّال[2].
ومما أظهره الله تعالى من الاعلام الباهرة على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما استفاضت به الاخبار، ورواه علماء السيرة والاثار، ونظمت فيه الشعراء الاشعار: رجوع الشمس له (عليه السلام) مرتين: في حياة النبي (صلي الله عليه وآله) مرة، وبعد وفاته مرة أخرى.
وكان من حديث رجوعها عليه في المرة الاولى ماروته أسماء بنت عميس، وأم سلمة زوج النبي (ص)، وجابر بن عبد الله الانصاري، وأبو سعيد الخدري، في جماعة من الصحابة: أن النبي (ص) كان ذات يوم في منزله، وعلي عليه السلام بين يديه، إذ جاءه جبرئيل (ع) يناجيه عن الله سبحانه، فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين (ع) فلم يرفع رأسه عنه حتى غابت الشمس، فاضطر أمير المؤمنين (ع) لذلك إلى صلاة العصر جالسا يومئ بركوعه وسجوده إيماء، فلما أفاق من غشيته «قال لامير المؤمنين (ع): أفاتتك صلاة العصر ؟قال له: لم أستطع أن أصليها قائما لمكانك يا رسول الله، والحال التي كنت عليها في استماع الوحي فقال له: ادع الله ليرد عليك الشمس حتى تصليها قائما في وقتها كما فاتتك، فإن الله يجيبك لطاعتك لله ورسوله» فسأل أمير المؤمنين الله عز اسمه في رد الشمس، فردت عليه حتى صارت في موضعها من السماء وقت العصر، فصلّى أمير المؤمنين (ع) صلاة العصر في وقتها ثم غربت . فقالت أسماء: أم والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريرا كصرير المنشار في الخشبة.
وكان رجوعها عليه بعد النبي صلى الله عليه وآله: أنه لما أراد أن يعبر الفرات ببابل، اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم، وصلى عليه السلام بنفسه في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس، ففاتت الصلاة كثيرا منهم، وفات الجمهور فضل الاجتماع معه، فتكتموا في ذلك . فلما سمع كلامهم فيه سأل الله تعالى رد الشمس عليه، ليجتمع كافة أصحابه على صلاة العصر في وقتها، فأجابه الله تعالى إلى ردها عليه، فكانت في الافق على الحال التي تكون عليها وقت العصر، فلما سلم بالقوم غابت فسمع لها وجيب[3] شديد هال الناس ذلك، وأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار والحمد لله على نعمته التي ظهرت فيهم . وسار خبر ذلك في الآفاق وانتشر ذكره في الناس[4]، وفي ذلك يقول السيد محمد الحميري رحمه الله:
حتـــى تـــبلـــج نورهــــــا في وقتـهــــا[5] للعصر ثم هوت هوي الكوكب
وعلــــيه قـــــــــد ردت بــبابــــــل مـــــرة أخـــــرى ومـــا ردت لخلـــق معـــرب
إلا لـــيوشـــــــــع أولــــــــة مــــــــن بعــده ولردهـــــا تأويـــــــــل أمـــــــــر معجب[6]
2) غزوة الخندق:
في (17) شوال أشرفت السنة الخامسة على الانقضاء وكانت كل الأحداث والتحركات العسكرية التي خاضها المسلمون تهدف إلى الدفاع عن كيان الدولة الفتيّة، وتوفير الأمن في محيط المدينة وأفرزت الأحداث تنوعاً وتعدداً في الجهات والأطراف المعادية للدين وللدولة الإسلامية. فسعى اليهود لاستثمار هذا التنوع بتجميعة وتمويله وإثارة النزعة العدائية في استئصال الوجود الإسلامي من الجزيرة، ومن ذلك أنّهم أوهموا المشركين الذين تساءلوا عن مدي أفضلية الدين الإسلامي على الشرك، بأن الوثنية خير من دين الاسلام[7] وتمكنوا من جمع قبائل المشركين وتعبئتهم وسوقهم صوب المدينة عاصمة الدولة الاسلامية. وسرعان ما وصل الخبر إلى مسامع النبي(ص) وهو القائد المتحفز اليقظ والمدرك لكل التحركات السياسية، من خلال العيون الثقات.
واستشار النبي (ص) أصحابه في معالجة الأمر وتوصلوا إلى فكرة حفر خندق يحصّن الجانب المكشوف من المدينة وكانت هذه الفكرة من سلمان (رض) وكان رجلاً قوياً فقالت الانصار: سلمان منا وقال المهاجرون: سلمان منا، فقال الرسول (ص): سلمان منا أهل البيت. وخروج النبي(ص) مع المسلمين ليشاركهم في حفر ذلك الخندق بعد تقسيم العمل بينهم وكان يحضّهم بقوله: «لا عيش إلا عيش الآخرة اللهم إغفر للأنصار والمهاجرة».
ولم يخل الأمر عن دور المنافقين والمتقاعسين عن العمل رغم الهمة والحماس الذي أظهره المخلصون من المسلمين[8].
وأحاطت قوى الأحزاب المشركة البالغة نحوه عشرة الاف مقاتل بالمدينة يمنعها الخندق وتسيطر عليها الدهشة لهذا الاسلوب الدفاعي الذي لم تكن تألفه من قبل. وخروج النبي(ص) في ثلاثة آلاف مقاتل ونزول في سفح جبل سلع ووزّع المهام والأدوار لمواجهة الطوارئ.
وبقيت الأحزاب تحاصر المدينة ما يقرب من شهر عاجزين عن اقتحامها، وكانت هناك مواقف رائعة للمسلمين وكان بطلها الأوحد علي بن أبي طالب(ع)، وقد توّج النبي(ص) موقف علي بن أبي طالب البطولي عندما خرج لمبارزة صنديد من صناديد العرب ـ هو عمرو بن عبد ود ـ بعد أن أحجم المسلمون عن الخروج إليه بقوله(ص): «برز الإيمان كله إلى الشرك كله»[9].
وحاول المشركون الاستعانة بيهود بني قريظة بالرغم من انهم كانوا قد تعاهدوا مع رسول الله (ص) ان لا يدخلوا في حرب ضد المسلمين، وتيقّن الرسول القائد(ص) من عزيمة اليهود علي المشاركة في القتال وفتح جبهة داخليّة ضدّ المسلمين فأرسل إليهم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فرجعوا مؤكدين الخبر فكبّر الرسول(ص) قائلاً: «الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين بالفتح»[10].
هزيمة العدو:
لقد كانت قوى الأحزاب ذات نويا وأهداف متخالفة، فاليهود كانوا يحاولون استعادة نفوذهم على المدينة بينما كانت قريش مندفعة بعدائها للرسول والرسالة وكانت غطفان وفزارة وغيرها طامعة في محاصيل خيبر التي وعدها اليهود. هذا من جانب. ومن جانب آخر أحدثت قسوة ظروف الحصار كللاً ومللاً في نفوس الأحزاب إلى جانب ما واجههوه من التحصين وقوة المسلمين التي أبدوها وما قام به «نُعيم بن مسعود» من إحداث شرح في تحالف الأحزاب واليهود إذ أقدم ـ بعد اسلامه ـ إلى الرسول(ص) قائلاً: مرني ما شئت فقال له(ص): «أنت فينا رجل واحد، فَخَذِّل عنا ما استطعت فإنّ الحرب خدعة»[11].
وأرسل الله سبحانه وتعالى على الأحزاب ريحاً عاتية باردة أحدثت فيهم رعباً وقلقاً فاقتلعت خيامهم وكفأت قدورهم، فنادى أبو سفيان بقريش للرحيل فأخذوا معهم من المتاع ما استطاعوا حمله وفرّوا هاربين وتبعتهم سائر القبائل حتى إذا أصبح الصباح لم يبق أحد منهم[12] (وكفى الله المؤمنين القتال)[13].
3) وفاة أبو الصلت الهروي:
في (17) شوّال سنة (207 هـ ) توفي عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي وهو من خواص الشيعة إذ كان خادماً للامام الرضا(ع) ومدفنه كان خارجاً عن مشهد ونقل ان قبره في (دروازه ري) في قم.
وله حكاية عجيبة قبل استشهاد الامام الرضا (ع) عملاً بوصية الامام الرضا(ع) ذكرت في كتب الحديث ولو أردتَ الاطّلاع عليها راجع الخراج والجرائج لقطب الدين الراوندي 1/ 352 ح 8 وعنه البحار: 50/49 ح 27.
مملكة وكراسيها أربع: نيشابور ومرو وبلغ وهراة. وبلدة هراة بناها
الاسكندر ذوالقرنيين عند مسيره إلى المشرق[14].
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ راجع بحارالأنوار: ج 97، ص 384.
[2] ـ راجع وقائع الأيام: ص 84.
[3] ـ الوجيب : صوت السقوط . انظر مجمع البحرين - وجب - 2 : 180.
[4] ـ في هامش «ش»: وما حبست.
[5] ـ في مناقب شهرآشوب: ج 2، ص 354 افقها بدل وقتها وقد ذكر في ص 353 ـ 360 حدث رد الشمس لعلي السلام وراجع بحار: ج 41، ص 166 ـ 191.
[6] ـ الارشاد للشيخ المفيد:ج 1، ص 345 ـ 347.
[7] ـ كما ورد في قوله تعالى في الآية :51 من سورة النساء.
[8] ـ نزلت آيات من القرآن الكريم تفضح السلوك التخاذلي وتدعم مركزية العمل بوجود الرسول القائد(ص). راجع سورة الأحزاب، الآيات : 12 ــ 120.
[9] ـ بحارالأنوار: 20/215 ح 2.
[10] ـ المغازي: 1/456، بحارالأنوار: 20/201، دار احياء التراث العربي، بيروت لبنان.
[11] ـ بحارالانوار: ج 20، ص 207.
[12] ـ اعلام الهداية: ج 1، ص 153 ـ 156. مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام).
[13] ـ نزلت سورة الأحزاب وفيها تفاصيل ما جرى يوم الخندق.
[14] ـ الكنى والالقاب: 1/142 عن وفيات الاعيان: 3/33 الرقم 432.