شهادة الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع)
شهادة الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع)
لقد لحق الإمام بالرفيق الأعلى وفاضت نفسه الزكية الى بارئها فاظلمّت الدنيا لفقده و أشرقت الاخرة بقدومه، و قد خسر الإسلام و المسلمون ألمع شخصية كانت تذبّ عن كيان الإسلام، و تنافح عن كلمة التوحيد و تطالب بحقوق المسلمين و تشجب كل اعتداء غادر عليهم.
فسلام عليك يا بن رسول الله، يوم ولدت، و يوم استشهدت، و يوم تبعث حياً.
و المشهور أن وفاة الإمام (ع) كانت سنة 183هـ لخمس بقين من شهر رجب[1] و قيل سنة 186 هـ [2].
و كانت وفاته في يوم الجمعة و عمره الشريف كان يوم استشهاده خمساً و خمسين سنة[3] أو أربعاً و خمسين سنة[4].
لقد عانى الإمام الكاظم(ع) أقسى ألوان الخطوب و التنكيل، فتكبيل بالقيود، و تضييق شديد في التعامل معه و منعه من الاتصال بالناس، و أذى مرهق، و بعد ما صبّ الرشيد عليه جميع أنواع الأذى أقدم على قتله بشكل لم يسبق له نظير محاولاً التخلص من مسؤولية قتله و ذهب أكثر المؤرخين و المترجمين للإمام الى أن الرشيد أوعز الى السندي بن شاهك الأثيم بقتل الإمام (ع) فاستجابت نفسه الخبيثة لذلك و أقدم على تنفيذ أفضع جريمة فى الإسلام فاغتال حفيد النبي العظيم( ع).
فعمد السندي الى رطب فوضع فيه سلماً فاتكاً و قدّمه للإمام فأكل منه عشر رطبات فقال له السندي >زد على ذلك< فرمقه الإمام بطرفه و قال له: >حسبك قد بلغت ما تحتاج اليه<.
و لمّا تناول الإمام تلك الرطبات المسمومة تسمّم بدنه و أخذ يعاني الاماً شديدة و اوجاعاً قاسية، قد حفت به الشرطة القساة و لازمه السندي بن شاهك الخبيث فكان يسمعه في كل مرة أخشن الكلام و أغلظه و منع عنه جميع الاسعافات ليعجل له النهاية المحتومة.
و في الاثناء استدعي بعض الشخصيات و الوجوه المعروفة في قاعة السجن، و كانوا ثمانين شخصاً كما حدّث بذلك بعض شيوخ العامة – حيث قالوا: أحضرنا السندي فلما حضرنا انبرى إلينا فقال:
انظروا الى هذا الرجل هل حدث به حدث؟ فإنّ الناس يزعمون أنّه قد فعل به مكروه، و يكثرون من ذلك، و هذا منزله و فراشه موسّع عليه غير مضيّق، و لم يرى به أمير المؤمنين – يعني هارون – سوءاً و إنما ينتظره أن يقدم فيناظره، و ها هو ذا موسّع عليه في جميع اموره فاسألوه.
يقول الراوي: و لم يكن لنا همّ سوى مشاهدة الإمام (ع) و مقابلته فلما دنونا منه لم نر مثله قط في فضله و نسكه فانبرى إلينا و قال لنا:
> أما ما ذكر من التوسعة ، و ما أشبه ذلك ، فهو على ما ذكر، غير أني أخبركم أيها النفر أني قد سقيت السمّ في تسع تمرات، و اني اصفر غداً و بعد غد أموت<.
و لمّا سمع السندي ذلك انهارت قواه و اضطرب مثل السعفة التي تلعب بها الرياح العاصفة[5] فقد أفسد عليه ما رامه من الحصول على البراءة من المسؤولية في قتله.
--------------------------------------------------------------------------------
1- عمدة الطالب: 85، و الطبري: 10/70، والكامل فى التاريخ: 6/54، و تاريخ بغداد: 3/32، و تاريخ أبي الفداء: 2/17، و وفيات الأعيان: 2/173، و ميزان الاعتدال: 3/209، و تهذيب التهذيب: 10/340.
2- مروج الذهب: 3/367.
3- الفصول المهمة: 2/960.
4- المناقب: 4/349.
5. روضة الواعظين: 1/216.
خاص بإستشهاد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) معرض الصور :: مرقد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) بطاقات :: إستشهاد الإمام الكاظم (عليه السلام) البث المباشر :: مرقد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) |